أظهر تقرير التنافسية العالمية الذي يصدر سنوياً عن المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) احتلال دولة قطر المركز الـ 16 عالمياً متقدمة بذلك على كل من المملكة العربية السعودية والتي احتلت المركز 24، والكويت 40، فرنسا 23، بلجيكا 18 وماليزيا 20 ونيوزيلاندا في المركز 17.
كما أشار التقرير الى تقدم دولة قطر على الدول العربية والخليجية في مرحلة “الاقتصادات القائمة على الإبداع والابتكار” والتي تعتبر أكثر المراحل تطوراً لتحتل المركز الـ15 عالمياً والأول عربيا بناء على منهجية المنتدى الاقتصادي العالمي والذي يصنف 144 دولة ضمن ثلاث مراحل رئيسية يشملها التقرير وهي مرحلة المتطلبات الأساسية والمرحلة الانتقالية الأولى، مرحلة عوامل تعزيز الفعالية والمرحلة الانتقالية الثانية، ثم أخيراً مرحلة عوامل تعزيز الإبداع والابتكار.
وتعرف مرحلة “الاقتصادات القائمة على الإبداع والابتكار” بأنها الاقتصادات التي يمكنها المحافظة على مستويات أعلى للأجور والعمل بتخطيط استراتيجي للارتقاء بجودة الحياة والمعيشة، كما تعمل هذه الاقتصادات على تعزيز قدرة الشركات على المنافسة محلياً وعالميا من خلال المنتجات والخدمات النوعية، وتعمل المؤسسات في هذه المرحلة على تبني أفضل الممارسات العالمية وتطبيق أحدث عمليات التصميم والإنتاج والإدارة والتمويل والتسويق.
ويلفت التقرير الانتباه الى أن القوة التنافسية لدولة قطر تعتمد على الأطر المؤسساتية ذات الكفاءة العالمية حيث تحتل المركز الـ (4)، بيئة اقتصادية مستقرة (2)، وسوق مالي متطور حيث احتلت المركز الـ (13)، بالإضافة الى عدم وجود الفساد، الكفاءة العالية للمؤسسات الحكومية، والاستقرار الأمني، كل هذه العوامل مجتمعة تشكل دعامة صلبة للأطر المؤسساتية للدولة والتي توفر بدورها أساسا جيدا لتعزيز الكفاءة الاقتصادية.
ويشتمل التقرير على ملف تفصيلي حول اقتصاد كل دولة من الدول الـ 144 الممثلة في الدراسة، مزودةَ بشرح مختصر حول المراكز التي تحتلها كل دولة، بالإضافة إلى دليل يبين ما هي أبرز المزايا التنافسية لكل دولة. وقد اعتمد التصنيف العالمي على مصدرين أساسيين للمعلومات والبيانات، المصدر الأول هو البيانات العامة المتاحة عن الدول، والمصدر الثاني هو النتائج التي تم الحصول عليها عن درجة التغيير في النمو الاقتصادي والاجتماعي للدول من خلال استبيان الرأي المفصل الذي يشرف عليه المنتدى الاقتصادي العالمي بمساعدة شركائه الاستراتيجيين داخل هذه الدول.
تعمل رابطة رجال الأعمال القطريين ومعهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية المسحية التابع لجامعة قطر (سيسري) كشريكين استراتيجين للمنتدى بدولة قطر، حيث تعمل الرابطة مع المنتدى الاقتصادي العالمي منذ تسع سنوات متتالية على إبراز نقاط قوة الاقتصاد المحلي خاصة فيما يتعلق بمناخ الاستثمار والفرص المتاحة في جميع المجالات، وقد بذلت المؤسستان جهوداً كبيرة في توزيع وجمع البيانات من رجال وسيدات الأعمال وكبارالمسؤولين في شركات القطاع الخاص وكذلك متابعة الإجابة على استبيان الرأي المفصل وذلك بهدف توفير نطاق واسع من العوامل التي تؤثر في الاقتصاد والمعبر عنها من خلال مجتمع الأعمال ككل.
ووفقا لمؤشر التنافسية العالمية 2014-2015 فقد تحسن مركز الولايات المتحدة الأمريكية في التنافسية العالمية للسنة الثانية على التوالي لتحتل المركز الثالث عالمياً بفضل الأطر المؤسساتية وقدرتها على الابتكار، كما احتلت سويسرا المركز الأول للسنة السادسة على التوالي، وسنغافورة المركز الثاني، وفينلندا المركز الرابع، فيما تراجعت ألمانيا لتحتل المركز الخامس، وتقدمت اليابان الى المركز السادس، تليها هونغ كونغ في المركز السابع، حيث يتميز اقتصادها بالاستقرار.
أما في أوروبا ذات الاقتصاد المنفتح والذي يعتمد على الخدمات فقد احتلت هولندا المركز الثامن، والمملكة المتحدة المركز التاسع، تليها السويد في المركز العاشر.
وبحسب التقرير “فإن الاقتصادات العشرة الأولى تتميز بتمتعها بسجل مميز من التطور والاستفادة من المهارات المتوفرة لديها، بالإضافة الى استثمارات هذه الدول لتنمية ودعم الابتكار والمعرفة، ويعود توافر هذه الاستثمارات الذكية والمحددة الى تعاون قوي بين قطاعي الأعمال العام والخاص”.
وفي أوروبا فإن عددا من الدول التي تضررت بسبب الأزمة الاقتصادية، مثل إسبانيا التي احتلت المركز 35، البرتغال 36، واليونان 81، قد قامت بخطوات كبيرة لتحسين عمل أسواقها وإعادة توزيع وتخصيص مواردها الإنتاجية. في حين ما تزال تواجه بعض الدول تحديات تنافسية كبيرة كفرنسا التي احتلت المركز 23، إيطاليا المركز 49. كما ذكر التقرير إمكانية ملاحظة الفرق في تنافسية اقتصادات دول شمال أوروبا القوية والتي تعمل على تنفيذ إصلاحات اقتصادية ودول جنوب وشرق أوروبا.
كما نوه التقرير الى أن بعض الأسواق الناشئة تواجه صعوبات في تحسين القدرة التنافسية لها، حيث تراجعت في تصنيف التنافسية لهذه السنة، فقد احتلت المملكة العربية السعودية المركز 24، تركيا المركز 45، جنوب أفريقيا 56، البرازيل 57، فيما احتلت المكسيك المركز 61، تليها الهند في المركز 71 ثم نيجيريا في المركز 127. في المقابل تقدمت الصين مركزاً واحداً لتقود اقتصادات الدول الناشئة باحتلالها المركز 28 .
أما في آسيا فإن اقتصادات دول جنوب شرق آسيا تعد متميزة حيث تأتي بعد سنغافورة والتي احتلت المركز 2، أكبر 5 اقتصادات في المنطقة وهي ماليزيا في المركز 20، تليها تايلاند في المركز 31 اندونسيا 34، الفلبين 52 ثم فييتنام 68، وتعد الفلبين الدولة الأكثر تقدما في التقرير بصورة عامة منذ 2010. وعلى سبيل المقارنة فإن اقتصادات دول جنوب آسيا تتخلف عن جنوب شرق آسيا مع وجود الهند فقط في النصف الأول من ترتيب الدول في هذا التقرير.
كما نوه التقرير الى أنه ولزيادة المرونة الاقتصادية والمحافظة على الزخم الاقتصادي في السنوات الماضية فإنه يجب على أمريكا اللاتينية تنفيذ العديد من الإصلاحات الاقتصادية، والمشاركة في استثمارات منتجة لتحسين البنية التحتية، المهارات والابتكار، وتستمر شيلي في قيادة المنطقة حيث احتلت المركز 33، تليها بنما 48، كوستاريكا 51.
أما على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فإن دول المنطقة ترسم صورة مختلطة لاقتصاداتها، حيث تحتل الإمارات العربية المتحدة المركز 12، في حين احتلت قطر المركز 16، وتتباين هذه النتائج مع دول شمال افريقيا حيث يحتل أقوى اقتصاد في تلك المنطقة وهو المغرب المركز 72، ما يعكس أهمية تطبيق إصلاحات اقتصادية في دول المنطقة، تحسين مناخ الأعمال بالإضافة الى تعزيز القدرة على الابتكار لتحفيز القطاع الخاص على النمو وخلق وظائف جديدة ما يعزز القدرة التنافسية للمنطقة.