نجح إقليم كردستان – العراق في امتصاص آثار المعارك مع تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) التي اندلعت على أطرافه أخيراً، وشكلت صدمة للإقليم الذي تمتع باستقرار أمني منذ العام 2006. وشكل الإقليم منطقة جذب «للاستثمارات الأجنبية التي بلغت نحو 33 بليون دولار»، وفق رئيس «هيئة الاستثمار في اقليم كردستان» نوروز أمين. وتتركز هذه الاستثمارات في قطاعات النفط والسياحة والعقار، بينما تحتل الاستثمارات اللبنانية المركز الثاني لجهة القيمة بعد الاستثمارات الخليجية.
وأشار رئيس «اتحاد غرف التجارة والصناعة في لبنان» رئيس «غرفة بيروت» محمد شقير، الى أن «حالة من الهلع سيطرت مع بداية المعارك واقترابها من حدود أربيل، ولكن المستثمر اللبناني اعتاد على العمل في ظل الاضطرابات وعدم الاستقرار الأمني»، مؤكداً في المقابل أن «اربيل تبقى متميزة بالأمن والأمان في المنطقة، والدولة تعهدت حماية المستثمرين ولذلك لا خوف على استثماراتنا». وتمنى على «وزير الخارجية والمغتربين اللبناني جبران باسيل تعيين قنصل في أربيل يعمل على خدمة الجالية اللبنانية ومتابعة أوضاعها».
وأضاف شقير في حديث إلى «الحياة»: «كنت متخوفاً من تفاقم المعارك في أربيل قبل اتفاق المكونات السياسية العراقية على رئيس حكومة جديد معتدل، ما أبعد الخطر عن أربيل وساهم في طمأنة المستثمرين بعض الشيء». ولفت إلى أن «استثمارات اللبنانيين في أربيل تراوح بين 2.5 وثلاثة بلايين دولار، موزعة على 1500 مستثمر، يراوح حجم استثماراتهم بين 500 ألف و100 مليون دولار»، مشيراً إلى «وجود نحو 17000 لبناني مقيم يعمل في اربيل».
ونفى أي «معلومات عن مغادرة لبنانيين لها أو انسحاب مستثمرين منها، ولكن مع بداية المعارك تراجع بعض الأعمال ما بين 30 و50 في المئة، إلا أنها عاودت الارتفاع بنحو 75 في المئة، والمستثمر اللبناني اعتاد على هذه التقلبات، خصوصاً في ظل أوضاع أمنية صعبة».
وأكد شقير أن «من غير الممكن الحكم على استثمار خلال شهرين أو ثلاثة فقط، إذ لم تشهد اربيل أي حال جمود أو ركود، وأي مؤسسة لن تقفل طالما أنها تسجل أرباحاً، حتى لو تراجعت هذه الأرباح 50 أو 70 في المئة»، موضحاً أن «الاستثمارات اللبنانية في كردستان تشمل كل القطاعات تقريباً، وإن كانت تتركز في قطاعات المصارف والعقار والخدمات، كما يوجد محامون ومهندسون». واختتم بأنه سيرأس وفداً اقتصادياً إلى أربيل خلال الشهر الجاري لـ «نؤكد أن استثماراتنا مستمرة، كما ستشكل الزيارة وقفة تضامنية مع الاقليم الذي احتضن اللبنانيين».
واعتبر رئيس «جمعية الصناعيين» السابق رئيس مجموعة «ماليا هولدينغ» جاك صراف، أن «حالة الهلع والخوف سيطرت على الاقليم لنحو 72 ساعة فقط بعد انسحاب قوات البشمركة من منطقة تبعد نحو 40 كيلومتراً عن حدود كردستان، وطلب الولايات المتحدة وبريطانيا من رعاياهما مغادرة كردستان، ولكن أحداً لم يستجب هذا الطلب الوقائي والاحترازي، ومن بينهم مسؤولو السفارتين».
وأضاف أن «استيعاب الصدمة تطلب أربعة أيام فقط، كما أن نسبة الإشغال في الفنادق لم تنخفض عن 50 في المئة، وتراجعت السوق الاستهلاكية قليلاً بعد منع تنظيم داعش دخول السجائر وسلع أخرى إلى المناطق التي سيطر عليها».
وأشار إلى أن «بعض القطاعات تراجع ما بين 10 و40 في المئة، ولكن في المقابل استمرت المشاريع العقارية قيد الانشاء»، موضحاً أن «بداية المعارك تزامنت مع عيد الفطر المبارك، الذي تحجج به بعض أرباب العمل لإعطاء موظفيهم عطلاً». وأكد أن «القرار هو استمرار الاستثمارات وتعزيزها، خصوصاً بعدما سمعنا من رئيس الاقليم مسعود البرزاني وبعض الوزراء كل التطمينات»، مشدداً على أن «أي تراجع في الأرباح كان موقتاً، وكل شيء عاد إلى طبيعته اليوم».