Site icon IMLebanon

نفاذ قانون الإيجارات: القضاء في مواجهة كثافة الدعاوى؟

Safir
عدنان حمدان

طلبت «نقابة مالكي العقارات والأبنية المؤجرة» « من المالكين «تحضير الإجراءات اللازمة لبدء تنفيذ القانون الجديد للايجارات في موعده في بداية السنة المقبلة»، مستبقة إقرار نفاذ القانون، أو عدمه، على اعتبار انه أصبح قانوناً مبتوراً، بعدما أبطل المجلس الدستوري، المواد 17 و13 والفقرة ب ـ 4 من المادة 18 من القانون. وأرفقت النقابة بالقرار جدولا بـ«كيفية احتساب بدل الإيجار الجديد انطلاقا من بدل المثل واستحقاقه تدريجيا على مدى ست سنوات. حتى يبلغ بدل الإيجار في السنة التمديدية السادسة قيمة بدل المثل».
السجال الدائر حول ما إذا أصبح القانون نافذا أم لا، لم يعد يقتصر على «لجان الدفاع عن حقوق المستأجرين»، وعلى «نقابة المالكين»، بل تعداه إلى أعضاء في لجنة الادارة والعدل، في ظل غياب أي مرجعية دستورية، أو شرعية تستطيع حسم الأمر، لجهة النفاذ أو عدمه.

لقاءات لجان الدفاع

علمت «السفير» بمضمون النقاش الذي دار بين «لجان الدفاع عن حقوق المستأجرين» وبين وزير العدل أشرف ريفي، في إطار اللقاءات التي تجريها اللجان ولجنة المحامين مع المعنيين. ففي هذا اللقاء قال ريفي إن القانون معلق إلى حين صدور الرأي القانوني من قبل هيئة الاستشارات وهيئة القضايا في وزارة العدل، وهذا الأمر لن يحصل قبل نهاية العطلة القضائية الصيفية التي تنتهي في 12 أيلول الحالي.
ما يقوله ريفي، أو بعض نواب أعضاء في لجنة الادارة والعدل، في حال نفاذ القانون، وعدم ادخال تعديلات جدية عليه من قبل مجلس النواب، لجهة إبطال المواد الملغاة من قبل المجلس الدستوري، يبقى القضاء هو المرجع الصالح للبت في النزاعات المترتبة على النفاذ، في حين يصر عدد من النواب الآخرين، خصوصا الذين طعنوا بالقانون، على القول إن هذا القانون غير نافذ إلى حين بته في مجلس النواب.

نقد صريح للمضمون

تفيد معلومات أخرى «السفير» بأن مصادر عليا في المجلس الدستوري، ترفض اعلان موقف صريح حول نفاذ القانون أو عدمه، وتقول ان الأمر منوط بالمجلس النيابي والحكومة، في حين ان المصادر ذاتها ترى أن حيثيات القرار الصادر عن المجلس، هي أهم من القرار، باعتبارها تتضمن نقدا صريحا لمضمون القانون وجوهره، إضافة إلى توصيات تتعلق بتطبيق مبدأ العدالة الاجتماعية والمساواة بين المواطنين، والتنمية المستدامة، وصولا إلى السكن الذي له قوة دستورية توازي حق الملكية، نظرا لالتزام لبنان بشرعة حقوق الإنسان الدولية. لكن الأمر يتطلب نوابا يقرأون ولا يقرون قوانين بمادة وحيدة من دون قراءتها.
وينقل أمين سر «لجان الدفاع عن حقوق المستأجرين» زكي طه، عن النائب غسان مخيبر قوله ان القانون بصيغته الراهنة ينطوي على ثغرات وإشكالات، وهو قانون مبتور، وبعد نقاش طويل حول نفاذ القانون وفق صيغته الراهنة سيُدخل القضاء والمالكين والمستأجرين في مشكلات لا يمكن السيطرة عليها، مما يستدعي: إما الاسراع في تعديل المواد الملغاة، أو تمديد مهلة نفاذ القانون، وبنتيجة الحوار أقر مخيبر بضرورة اجراء تعديلات جوهرية وعدم حصرها بالمواد التي ابطلها المجلس الدستوري.
أما في ما خص تولي القضاء الفصل بين المتخاصمين حول قيمة البدل المثل البالغة 5 في المئة من قيمة المأجور، خلافا للبدل الرائج القائم الذي لا يتجاوز 2.5 في المئة، فيؤكد مستأجرون لـ«السفير» أن المحاكم المنفردة ستكون عاجزة بالمطلق عن بت عشرات آلاف الدعاوى التي ستنشأ. وان الأحكام لن تكن موحدة في غياب الوضوح في المقاييس التي تمكن القضاء من اعطاء أحكام دقيقة، علما ان الأحكام ستكون قابلة للاستئناف، وسترقع عدد الدعاوى أمام المحاكم البالغة 130 ألف دعوى مستأخرة حول الايجارات، بانتظار بتها.
ويلحظون أن الجانب المتعلق بمن يستحق المساعدة من الصندوق المفترض، فهذا الأمر من غير الممكن احالته على القضاء نظرا لعدم الصلاحية، مما يعني أن كل قضية الصندوق معلقة وغير قائمة ولا تتعدى الحبر على الورق.

تجاهل حيثيات القرار

لكن اللافت للانتباه هو اصرار المالكين على اعتبار القانون نافذا، بدعم من لجنة الادارة والعدل، متجاهلين مضمون وحيثيات قرار المجلس الدستوري الذي دعا المجلس النيابي والحكومة إلى عدم الاكتفاء بالتشريع لتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، ووضع كل القوانين والتشريعات اللازمة من أجل حماية وتأمين حق السكن للمستأجرين وعائلاتهم، من دون الاكتفاء بالكلام عن دستورية القانون، نظرا لانتهاك كل مبادئ العدالة وحقوق الانسان.
ما يدعو له المالكون حول نفاذ القانون، يبدو واضحا منه أنهم يستعجلون زج القضاء في معمعة من الدعاوى والأحكام، التي سيكون عاجزا عن بتها، وإصدار أحكام حول النزاعات الناشئة عند النفاذ، خصوصا عندما يسقط كل الكلام المكرر حول الصندوق الافتراضي والدعم والاقامة المجانية والتمديد الوهمي، مما يعني ان عشرات آلاف المستأجرين سيجدون أنفسهم في الشارع من دون مأوى لحظة نفاذ القانون وفق المادة 29 التي تعتبر اقامة الورثة في المأجور من دون مسوغ قانوني. وعلى سبيل الافتراض أن 20 في المئة فقط ورثة من أصل 180 ألف عائلة، في هذه الحالة، فإن 36 ألف عائلة تصبح مشردة من مساكنها.

معركة تعديل القانون

في السياق ذاته، يبدي نواب شاركوا في طعن القانون، استعدادهم لخوض معركة تعديل القانون برمته، وعدم الاكتفاء بالمواد المبطلة، استنادا إلى جوهر الطعن المقدم حول مخاطر القانون بصيغته الراهنة، ويواصلون العمل مع لجان المستأجرين من أجل صياغة وإعداد مشروع اقتراحات للتعديل تستهدف الحد الأدنى من التوازن والعدالة من خلال حماية حق السكن، وانجاز ما يمكن من الخطة السكنية. وهنا يطرح السؤال عن عدم اعطاء موعد من رئيس الحكومة تمام سلام للجان المستأجرين للتشاور والتحاور حول القانون.
في هذا الوقت، هناك ثلاثة شهور حافلة بالسجال، لان الموضوع لم يعد يحتمل التأجيل، ونفاذ القانون، حسب ما نقل عن مرجع كبير في المجلس الدستوري، إذ سيدخل البلد في حال من الفوضى وردود أفعال غير محسوبة، مما يستدعي تنبه المجلس النيابي والحكومة إلى تحمل مسؤولياتهما الوطنية في منع الكارثة الاجتماعية في ظل ظروف راهنة استثنائية وخطرة.

السجال بين المالكين والمستأجرين
سأل رئيس «تجمع المستأجرين في لبنان» نبيل العرجه في كتاب مفتوح إلى المسؤولين قال فيه: «ماذا يعني طعن المجلس الدستوري بالمواد 7 و13 والفقرة 4 من المادة 18 من قانون الايجارات الجديد؟». واعتبر: «ان المعطيات القانونية تؤكد صراحة بأن هذا القانون تجب اعادته الى مجلس النواب لاعادة درسه بدقة وموضوعية ومسؤولية وطنية وتعديله بما يتناسب مع الممكن والمعقول والمقبول قانونيا وانسانيا واجتماعيا ووطنيا». مؤكدا ان «لا مجال لتطبيق قانون الايجارات الجديد من دون تعديله بما يتناسب مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي والظروف الصعبة والكارثية التي يعيشها شعبنا وبما يتناسب مع النص القانوني القابل للتطبيق والتنفيذ».
من جهته، أكد «تجمع مالكي الأبنية المؤجرة» «أن قرار المجلس الدستوري الصادر بتاريخ 6/8/2014 قضى برد أسباب الطعن بالقانون الجديد للايجارات، واكتفى بإلغاء المادتين 7 و 13 والفقرة ب – 4 من المادة 18، وبالتالي فإن المواد الأخرى تعتبر سارية المفعول وتطبق بتاريخ 28 كانون الأول 2014 ولا مجال نهائيا لتعليق العمل بها أو إبطالها بعد صدور قرار المجلس. ولو أراد المجلس الدستوري إبطال القانون برمته أو أي مواد أخرى لأعلن ذلك صراحة وبشكل مباشر، وبخاصة المادة 58 منه ونصها: « ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به بعد ستة أشهر من تاريخ نشره»، أي في 28 كانون الأول 2014».