حاوره محسن المختفي
رأى أمين سر “حركة التجدّد الديمقراطي” أنطوان حداد أنّ “مبادرة 14 آذار بشأن الإستحقاق الرئاسي مهمة جداً، ولكنّها قد لا تحدث تحولاً مباشراً في المشهد الإنتخابي”، موضحاً أنّ “لها تأثير سياسي إيجابي لأنّها تحرك المياه الراكدة، بما يعيد تسليط الضوء على المسؤولين الحقيقيين عن التعطيل والمأزق الحالي الذي نعيشه في موضوع الشغور الرئاسي”.
حداد، وفي حديث خاص لموقع “imlebanon.org”، قال: “إنّ قوى 14 آذار قامت بتنازل كبير من أجل الوصول إلى تأمين إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، وذلك بإعلان إستعدادها عن التخلي عن مرشحها إذا وافق الفريق الآخر عن الإعلان عن مرشحه أولاً والتخلي عنه، ومن ثم الإتجاه نحو الإتفاق على مرشح ثالث”، وأضاف: “رغم هذا التنازل الكبير، جاء الجواب سلبياً لدى البعض في قوى 8 آذار أو ملتبساً بأحسن الحالات، ممّا يعني أنّ هذه القوى ما زالت غير مستعدة بعد للإفراج عن الإستحقاق، وأنّها ما زالت أسيرة الإعتبارات والأولويات الإقليمية. وهذه القوى تسعى إلى ربط الإستحقاق الرئاسي بمحاولة تعويم النظام السوري أو لوضعه ربما في ملف المقايضة مع الملف النووي الإيراني. وطالما إستمر هذا الربط، فلا إنتخابات رئاسية قريباً”.
ولفت إلى أنّ “المحادثات الإيرانية ـ السعودية المستجدة أمر جدي يستدعي المتابعة. ولكن الطريق هذه المحادثات طويلة جداً، وعلى رأس قائمة أولوياتها الوضع العراقي ثم الوضع السوري، أمّا الوضع اللبناني فهو في أسفل القائمة، وبالتالي يجب أن لا ننتظر في المدى المنظور أيّ إنعكاس مباشر رغم أنّها تساهم في تحسين الأجواء”.
وبشأن ملف الإنتخابات النيابية، أشار حداد إلى أنّ “تقديم الترشيحات لن يقتصر على نواب 8 آذار، وربما قد نشهد في الأيام المقبلة مرشحين من خارج قوى 8 آذار يقدمون ترشيحهم، وهنا يجب التمييز بين مسألتين: المسألة الشكلية والقانونية والمسألة السياسية. فعلى المستوى القانوني يجب تقديم الترشيحات قبل إنتهاء المهلة في 16 أيلول، ولكن ذلك لا يعني أنّ الإنتخابات حاصلة حتماً”، وقال: “نحن ضدّ أيّ تأجيل للإنتخابات تحت أيّ ذريعة كانت، وعلى الأقل ضمن الذرائع المقدمة حالياً. فالوضع الأمني من دون المبالغة في التفاؤل هو مستقر بشكل معقول ويسمح بإجراء الإنتخابات إذا توافقت القوى السياسية الرئيسية على تأمين الأجواء الملائمة للإنتخابات. للأسف بعض القوى السياسية أولوياتها في مكان آخر وتحديداً “حزب الله” الذي أولويته المطلقة إدارة الحرب والنزاع في سوريا، وليس تفعيل آلية النظام الديمقراطي والمنافسة الديمقراطية في لبنان سواء على مستوى الإنتخابات الرئاسية أو على مستوى الإنتخابات النيابية”، وتابع: “ما نشهده تكرار ممّل للمسرحية الهزلية التي حصلت عام 2013 حين تقاطر المرشحون إلى تقديم أوراق ترشيحهم للإنتخابات النيابية، وقبل أيام قليلة من موعد الإنتخابات، أيّ قبل الوصول إلى حافة الهاوية، إلتأم المجلس النيابي وقام بالتمديد لنفسه. وعليه، إنّ تكرار هذا السيناريو سيشكل ضربة إضافية للحياة الديمقراطية في لبنان”.
وعن الملف الأمني، رأى حداد أنّه “لا يجب التقليل من خطورة الأوضاع على الحدود اللبنانية ـ السورية، وتحديداً في منطقة عرسال والقلمون السورية المحاذية. وأضاف: “في سوريا هناك حرب أهلية شاملة ونزاع إقليمي يشارك فيه أطراف لبنانيون وفي مقدمتهم “حزب الله”، مشيراً إلى أنّه “في موازاة هذه الخطورة، هناك تضخيم وتهويل كبيران تمارسه ماكينة مخابراتية إعلامية هدفها توريط لبنان والجيش اللبناني في خندق واحد مع “حزب الله” لتحمل أعباء هذه الحرب، وهذا لا يعني أبداً التقليل من المخاطر التي يشكلها تنظيم “داعش” وغيرها من التنظيمات الجهادية”.
وأوضح أنّ “وجود مظلة دولية تحمي لبنان أمر ملموس بحده الأدنى منذ بداية الحرب السورية وتدخل “حزب الله” فيها، والمجتمع الدولي يبدو مهتماً بتحييد لبنان قدر الإمكان عن هذا الصراع، ولكن المسؤولية الأولى تبقى مسؤولية الأطراف اللبنانيين”، خاتماً: “حتى ولو توفرت الجهود الدولية، فهي قد لا تكون كافية إذا لم يقتنع اللبنانيون وفي طليعتهم “حزب الله” بحماية لبنان في الحدّ الأدنى من هذه الحرب”.