فراس أبو مصلح
لبى العديد من مستخدمي «كهرباء لبنان» وإدارييها صباح أمس دعوة مجلس إدارة المؤسسة للحضور إلى مراكز عملهم في المركز الرئيسي، إلا أنهم فشلوا في الدخول إليه بعد رفض القوى الأمنية «تحمل مسؤولية الدم» الذي قد «يُسال» جراء تنفيذها قرار النيابة العامة فتح بوابات المؤسسة التي يقفلها العمال المياومون سابقاً بالسلاسل المعدنية، وبالإطارات التي أُشعلت فور وصول رئيس مجلس الإدارة كمال حايك الى المكان.
عدم قيام المؤسسات السياسية والقضائية والأمنية بواجباتها لاستعادة المرفق العام المقفل منذ ما يزيد على ثلاثة أسابيع، دفع حايك إلى حشد موظفي المؤسسة أمام بواباتها المقفلة ليوجه رسائل عبر الإعلام إلى رئيسَي مجلس النواب والوزراء ووزيرَي الداخلية والعدل، منبهاً من انتقال عدوى «الوضع الشاذ» القائم في المؤسسة إلى المؤسسات والإدارات العامة الأخرى التي يوجد فيها مياومون، «في حال استمرار التعاطي معه برخاوة»، مشيراً إلى أن «المجتمع اللبناني كله بات رهينة هذا الوضع». «جئنا بنيّة الدخول الى مكاتبنا لتأدية واجبنا بخدمة المواطنين، وليس لندخل بالقوة، وقد مُنعنا من الدخول»، قال الحايك، واضعاً الأمر «برسم الرأي العام اللبناني»، في ما يشبه إعلان اليأس من قيام المؤسسات بواجباتها.
وتمنى حايك على المستخدمين عدم الرد على الإهانات التي كالها العمال المعتصمون، قائلاً إن قسماً كبيراً من هؤلاء سيكونون «زملاء» في المستقبل. «لم نأت الى المؤسسة لنتحدى أحداً أو لندخل بالقوة، بل للقيام بواجباتنا وبالتصليحات اللازمة في بيروت وخارجها، ولنقوم بالفوترة والجباية وكل الإجراءات الإدارية التي تفرضها المهمات المحددة لنا»، قال الحايك، مكرراً موقف إدارته الرافض للتفاوض مع العمال المذكورين قبل إنهاء «احتلالهم» لمركز المؤسسة والعديد من دوائرها في المناطق، والرافض لأي حوار أو بحث «خارج إطار القانون ومجلس الخدمة المدنية»، مهما بلغ عدد أيام الإقفال. ووجه الحايك «تحية إلى كل المستخدمين وإلى عمال المتعهد أو ما يعرف بالمياومين العاملين في معامل الإنتاج ومحطات التحويل، وفي دوائر الشمال وجبل لبنان وبعض الدوائر الأخرى في سائر المناطق الذين يقومون بواجبهم بكل أمانة».
وكرر حايك التحذير من تداعيات استمرار الإقفال القسري للمؤسسة، قائلاً إن طباعة الفواتير المستحقة على المشتركين خارج المركز الرئيسي للمؤسسة متعذرة ما دام الوضع الراهن مستمراً، ما سيؤدي إلى تراكم هذه الفواتير، فضلاً عن الحؤول دون تصليح أعطال الشبكة. يرفض حايك الانجرار إلى سجال سياسي (علني، على الأقل)، فيقول رداً على سؤال إنه «لا شأن» له بالغطاء السياسي للعمال المتمردين، وإنه معنيّ بتطبيق القانون فقط، محمّلاً القضاء والقوى الأمنية مسؤولية الاستمرار بعدم تطبيق القانون.
في المقابل، استمرت «لجنة العمال المياومين وجباة الإكراء» في بيان أصدرته يوم أمس بتحميل مسؤولية الأزمة للمذكرة الصادرة عن إدارة «الكهرباء»، والتي تحدد حاجات ملء ملاك المؤسسة بـ 879 عاملاً، من أصل نحو 1600 عامل مياوم سابقاً، طالبة توضيحاً من حايك حول «كلام صدر عن أحد أعضاء مجلس الإدارة»، يعتبر أن «العمال والجباة هم غير مياومين، ما يناقض قانون أعلى سلطة تشريعية في لبنان، ألا وهي مجلس النواب، ويناقض كذلك المذكرة (بعدد الشواغر) التي رفعها المدير العام إلى مجلس الخدمة المدنية»؛ ويوضح مصدر في اللجنة أنه في حين كان للجباة «عقد مباشر غير محدد المدة مع المؤسسة، يضعون بموجبه كفالة قدرها عشرة ملايين ليرة»، لم يكن ثمة عقد مماثل مع المياومين الفنيين والإداريين، وأن ذلك لا ينفي عنهم صفة المياومين، لكونهم كانوا يوقعون على حضورهم إلى مراكز عملهم في المؤسسة، ويتقاضون رواتبهم منها.
وقد رفضت اللجنة في بيانها تحميل حايك إياهم مسؤولية عدم جباية الفواتير وتصليح الأعطال، قائلة إن العمال «لم يتوقفوا حتى الساعة عن أداء واجبهم تجاه المناطق اللبنانية كافة». ودعت اللجنة حايك إلى «حوار هادئ ومتزن، بعيداً عن عرض العضلات والاستفزازات في الشارع»، قائلة إنها «منفتحة على أي اقتراح من شأنه أن ينهي الأزمة وينصف العمال كافة»، متوجهة إلى موظفي المؤسسة ونقابتهم «بتحية شكر وتقدير على المواقف الجريئة التي تعطي للمياومين والجباة حقهم»، مبدية اعتذارها «عن أي إساءة أو خطأ حدث بشكل انفعالي غير مقصود».
وفي السياق، أقدم عدد كبير من عمال «الكهرباء» المياومين سابقاً في صور على قطع المدخل الرئيسي للمدينة لوقت قصير بالإطارات المشتعلة، وذلك أمام مبنى دائرة الكهرباء، تعبيراً عن غضبهم من «القرارات الجائرة» بحقهم، ليعيدوا فتحها وسط انتشار كثيف لعناصر من قوى الأمن الداخلي.