قبل أقل من اسبوعين من الإستفتاء حول استقلال اسكتلندا، تبدو الشركات البريطانية الكبرى متخوفة من المجهول ولو ان بعض ارباب العمل الاسكتلنديين يرون في الانفصال فرصة لقيام حكومة أقرب إلى اهتماماتهم. وساهم هذا القلق في تراجع الجنيه الاسترليني أمام اليورو، ويتجه لتسجيل أسوأ أداء له في أكثر من عام أمام الدولار اليوم الجمعة في وقت يزداد فيه تقلص الفارق بين المؤيدين والرافضين للانفصال في المملكة المتحدة.
وانخفض الإسترليني 0.07 في المائة أمام الدولار متجها لتسجيل خسارة أسبوعية نسبتها 1.7 في المائة والتي ستكون الأكبر من نوعها منذ يوليو تموز 2013. وجرى تداول العملة البريطانية عند 1.6313 دولار فوق أدنى مستوياتها في سبعة أشهر 1.6287 دولار الذي سجلته الليلة الماضية، فيما زاد اليورو 0.14 في المائة إلى 79.37 بنس.
وكان أحدث استطلاع حول استقلال اسكتلندا والذي أجري في وقت سابق هذا الأسبوع أظهر وصول الفارق بين المؤيدين والرافضين إلى ست نقاط فقط. ويتواجه المؤيدون للإستقلال والمعارضون له منذ اشهر حول المسائل الاقتصادية التي يعتبرها الناخبون جوهرية، وهي في صلب تقارير متعارضة وتصريحات رسمية ومناقشات تلفزيونية. غير ان انعكاسات الإستقلال المحتمل على الصعيد الاقتصادي ما زالت تتضمن عناصر غامضة وعلى الأخص حول مسألتين اساسيتين هما العملة والإنتماء إلى الإتحاد الأوروبي.
وقال الاستاذ في كلية التجارة في جامعة ادنبره برادلي ماكاي الذي اصدر كتيبا ارشادياً لمساعدة رؤساء الشركات المتوسطة والصغيرة على حسم خيارهم ما بين حجج الفريقين “ان الناس في الشركات لا يعرفون ما ينبغي ان يتوقعونه”.
ومن جهتها، رددت حكومة لندن انه من غير الوارد لاسكتلندا المستقلة أن تتقاسم معها الجنيه الإسترليني ضمن اتحاد نقدي يدعو اليه الانفصاليون. وأن امكانية انضمام البلد الجديد إلى الإتحاد الاوروبي وهو ما تعتبره العديد من الشركات امراً اساسياً، ما زالت غير محسومة.
وقال ماكاي أن “اي شخص منطقي يبدو موافقا على ان اسكتلندا سوف تكون عضواً في الإتحاد الأوروبي، لكن لا احد يعرف الآلية والمدة، ما اذا كان الامر سيستغرق 18 شهراً او سنتين او خمس سنوات”.
وترى الشركات البريطانية الكبرى المتمركزة في اسكتلندا ان الوضع لا يزال شديد الغموض ويطرح الكثير من التساؤلات وهو ما لا تعتبره مطمئناً. وحافظت بعضها مثل مصرف “رويال بنك اوف اسكتلند” على حياد ظاهري معددة في الوقت نفسه المخاطر الكثيرة الملازمة بنظرها للإستقلال، بدءاً بالغموض حول التصنيف الذي ستمنحه وكالات التصنيف الائتماني الكبرى، وصولاً إلى البيئة “المالية والنقدية والقانونية والتنظيمية” المستقبلية. ودعا رؤساء عملاقي النفط “بي بي” و”شيل “صراحة إلى الوحدة، فيما يعول الإستقلاليون على الإحتياطي النفطي في بحر الشمال بالرغم من تراجعه لضمان ازدهار البلد الجديد. وفي المقابل، وصلت بعض الشركات مثل شركة التأمين “ستاندارد لايف” في ادنبره إلى حد التهديد باغلاق مكاتبها في اسكتلندا.
غير ان المؤيدين للإستقلال ينددون بحملة تهويل تهدف إلى بث الخوف بين المشاركين في الإستفتاء، وهم يتحدثون عن بناء ديموقراطية صغيرة مزدهرة على غرار البلدان الاسكندينافية يديرها قادة سياسيون اقرب إلى المواطنين. وقال داغ نوريس المدير العام لشركة “داتيك تكنولوجيز”، الشركة المتوسطة المتخصصة في اعادة تدوير المواد الالكترونية قرب الساحل الغربي الإسكتلندي معلقاً على الإستقلال “سيكون هذا مكسباً هائلاً للشركات الاسكتلندية ان تكون اقرب بكثير إلى مركز القرار في مسائل الضرائب والتشريعات”.
وأضاف مبدياً اسفه “في الوقت الحاضر، فان هذه المسائل كلها تتقرر في لندن ومدراء الشركات المتوسطة والصغيرة مثلي لا يحظون باي فرصة لممارسة تاثير. السياسات الاقتصادية تحدد في لندن تحت تاثير الشركات الكبرى والمصارف والقطاع المالي”. وهو واثق مثل قادة الحزب القومي الاسكتلندي الذي يتراس الحكومة المحلية في ادنبره، بأنه في حال التصويت على الإنفصال في 18 ايلول (سبتمبر)، سيتم التوصل إلى حل عملي لمسالة العملة والإنضمام إلى الإتحاد الاوروبي.
وأشار استطلاعان للراي اجريا مؤخراً إلى ارتفاع نسبة التاييد لاستقلال اسكتلندا، فيما فضل المعلقون رداً على النتائج لزوم الحذر بعدما كان معدل التحقيقات يشير حتى الان إلى تقدم المعارضين للاستقلال بـ12 نقطة على المؤيدين. وعلى ضوء الإستطلاعين الاخيرين فان المعدل الذي يقترحه جون كورتيس استاذ العلوم السياسية في جامعة “ستراثكلايد بات” 45 في المائة لمؤيدي الاستقلال و55 في المائة. وان كانت الكفة لا تزال ترجح للمعارضين، إلا أن هذه الارقام تشير إلى ديناميكية تميل بوضوح إلى الإستقلاليين.