ينتظر المستأجرون والمالكون قرار المجلس النيابي، فإما أن يعدّل قانون الإيجارات الجديد مبطلاً بعض المواد بحسب قرار «المجلس الدستوري»، أو أن يطلق حكمه الأخير بتنفيذ القانون بصيغته الحاليّة.
إلاّ أنّ الواقع يقول وفق مصادر متابعة للملف إنّ «المجلس النيابي يعيش أصعب أيامه في الفترة الراهنة، بعد ارجاء جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الى 23 أيلول الحالي للمرة الحادية عشرة على التوالي. وحتّى الآن لا موقف حاسما من قانون الإيجارات ومن قضايا أخرى قيد الانتظار». وتوضح هذه المصادر لـ«السفير» أن «رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يُحِل بعد القانون إلى لجنة الإدارة والعدل النيابية لإعادة مناقشته، بعدما دعا المجلس الدستوري إلى إبطال المواد 7 و13 والفقرة ب – 4 من المادة 18 من القانون».
اعتصامات جديدة
في ظلّ هذا الارتباك والحيرة المخيّمان على الملف، تحذّر «لجنة الدفاع عن حقوق المستأجرين في لبنان»، خلال مؤتمر صحافي لـ«لجنة المحامين المولجة بالطعن وتعديل قانون الإيجارات» عقدته أمس، من أنها «ستنظّم تظاهرات واعتصامات أمام المجلس النيابي للمطالبة بتعديل القانون ومنع تشريد 180 ألف عائلة مستأجرة».
أما «لجنة المحامين»، فتطالب «المجلس النيابي بتحمّل مسؤولياته لجهة إعادة مناقشة القانون، وإقراره بصيغة تحفظ العدالة الاجتماعية وحق السكن»، مشيرةً إلى أن «قرارات المجلس الدستوري ملزمة للقضاء ولكل الدوائر الرسمية والسلطات، استناداً إلى المادة 13 من قانون المجلس الدستوري وهي غير قابلة لأي طريق من طرق الطعن».
كأنّه لم يكن
يوضح المحامي أديب زخور باسم اللجنة أن «المادة 37 من النظام الداخلي للمجلس الدستوري تنصّ على أن النص الذي تقرر إبطاله، يعتبر كأنه لم يكن، ولا يرتّب أي أثر قانوني، واستناداً إلى ذلك ان النصوص القانونية، لا سيما إبطال لجنة التخمين، تعتبر كأنها لم تكن، ويعتبر القانون غير ساري المفعول، ويتوجب وقف العمل فيه، لا سيما كون الجزء الذي أبطل يرتبط بباقي مواد القانون بشكلٍ وثيق».
واستناداً إلى المادة 13 من النظام الداخلي للمجلس الدستوري، يشير زخور إلى أن «القانون الذي تقرر عدم دستوريته جزئياً لا سيما المواد التي أبطلت فيه، أصبح بحكم غير الموجود، ووجب إبلاغ المجلس النيابي القرار، استناداً الى المادة 14 من قانون المجلس الدستوري ليصار إلى تعديل القانون والمواد المتعلقة به». ويضيف: «من هنا يتوجب على السلطة التشريعية أن تعيد صياغة القانون بما يتطابق مع المواد المبطلة، وإيجاد الانسجام القانوني اللازم مع باقي مواد القانون تبعاً للتعديلات المقترحة، والتي من شأنها أن تؤثّر في ترابط باقي مواد القانون، كما الأخذ بعين الاعتبار بتوصيات وحيثيات المجلس الدستوري التي وضعت مساراً وخطة معينة تترافق مع طرح القانون».
ويفيد بأن «القول بأن القاضي المنفرد المدني الناظر بقضايا الإيجارات سيتولى صلاحيات لجنة التخمين، مستحيل قانونياً وعملياً، من دون إدخال تعديلات على القانون، نظراً لارتباط اللجنة بصندوق التعويضات ووزارة المال، إضافةً إلى صلاحياتها الواسعة من تحديد بدل المثل والنظر بمساعدات الصندوق وغيرها»، مضيفاً: «عملاً بمبدأ فصل السلطات، لا يمكن نقل صلاحيات اللجنة إلى القاضي المنفرد المدني».
ويلحظ أن «المجلس الدستوري قد أصدر توصيات، توازي أهميتها إبطال المواد المذكورة، وتضع المسؤولية على المجلس النيابي والحكومة لإيجاد خطة سكنية والحفاظ على حق السكن وعلى الوطن». ويشير إلى أن «القرار تطرّق إلى المخالفات المتعلّقة بعدم مناقشة القانون والتصويت عليه مادةً مادة، ما يشكّل مخالفة للنظام الداخلي للمجلس النيابي».
لتعديل القانون
من جهته، يجدد رئيس لجنة المستأجرين كاسترو عبد الله «التأكيد على رفض القانون في صيغته الحالي»، مطالبا المجلس النيابي والحكومة «بمناقشته وتعديله بالكامل، وفق توصيات المجلس الدستوري الواردة في حيثيات قراره والمتعلقة بمبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة أمام القانون والتنمية المتوازنة والحق في السكن اللائق للمستأجرين، لأن هذا الحق له قيمة دستورية توازي حق الملكية».
في سياقٍ متّصل، توضح مصادر اللجنة لـ«السفير» أنّ «المستأجرين يتابعون اتصالاتهم مع النواب والمعنيين، ويدرسون خطواتهم قبل القيام بها»، مشيرةً إلى أن «هناك انقساماً في آراء النواب إن في لجنة الإدارة والعدل أو خارجها، بين مؤيد للقانون بصيغته الحالية، ومطالب بتعديله وفق قرار المجلس الدستوري وتوصياته، بشكلٍ يحفظ حق السكن وعدم تهجير العائلات الفقيرة». وتلفت الانتباه إلى أن «القرار الآن بيد الرئيس بري الذي من واجبه إحالة القانون إلى لجنة الإدارة والعدل بعد قبول الطعن جزئياً في المجلس الدستوري وتسجيل ملاحظات مهمّة، لا بدّ من أخذها بعين الاعتبار».