قال مسؤولون إن التوترات بين حركتي فتح وحماس وهما اكبر الفصائل الفلسطينية تقترب من نقطة الانهيار بسبب عدم دفع المرتبات لموظفي القطاع العام في غزة مما يثير خطر تجدد الصراع في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس.
وتضمن اتفاق وقف اطلاق النار الذي ابرم الشهر الماضي لانهاء حرب اسرائيل مع حماس شروطا لتولي السلطة الفلسطينية التي يقودها الرئيس محمود عباس المنتمي لحركة فتح الادارة المدنية في غزة من حركة حماس الاسلامية.
وظنت حماس أن ذلك سيعني أن موظفيها البالغ عددهم 40 ألفا في غزة والذين لم يتقاضوا مرتبات منذ شهور ويتزايد تململهم من الوضع سيتم الاعتناء بهم من خلال كشوف رواتب السلطة الفلسطينية التي تتكفل بالفعل بحوالي 90 الف موظف بالقطاع العام في الضفة الغربية و70 ألفا آخرين في غزة كلهم مرتبطون بحركة فتح.
ولا يقتصر الأمر على أن السلطة الفلسطينية لن يمكنها تحمل دفع أجور كل هؤلاء العمال الاضافيين بل إن المانحين الدوليين الذين يدعمون ميزانية السلطة الفلسطينية ومنهم الاتحاد الاوروبي يريدون أولا مراجعة شاملة للموظفين وتخفيضات في كشوف الاجور المتضخمة التي تتكلف أكثر من ملياري دولار سنويا. وسيؤدي دفع مرتبات موظفي حماس الى اضافة 420 مليون دولار أخرى.
وبالمثل فحركة فتح ليست مستعدة لمنح أي دعم لحماس قبل أن تكف الحركة الاسلامية عن ادارة ما يصفه عباس بأنها “حكومة ظل” في غزة وتلتزم تماما باتفاق حكومة توافق ابرمه الجانبان في ابريل نيسان الماضي.
وقال عباس الأسبوع الماضي “إذا كانت حماس لا تقبل بدولة فلسطينية واحدة وسلطة واحدة وقانون واحد وسلاح واحد فلا شراكة بيننا وبينهم.. هذه شروطنا ولا تراجع عنها.”
وقال المتحدث باسم حماس سامي ابو زهري إنه لا توجد رغبة في العودة الى الصراع وإن الجهود تبذل للقاء مسؤولي فتح لتسوية الخلافات.
ولا تزال الذكريات حية منذ عام 2007 حين خاضت حماس حربا صريحة ضد فتح في شوارع غزة قبل ان تحقق السيطرة الكاملة على القطاع.
وكاجراء مؤقت أعلنت وزارة المالية في القطاع التي تسيطر عليها حماس يوم الأربعاء انها ستسدد مدفوعات جزئية تتراوح بين ألف شيقل و4500 شيقل (275 دولارا و1240 دولارا) الى موظفي حكومة حماس يوم الخميس.
*نقد في اليد
لكن الوقت يضيق. فاتفاق وقف اطلاق النار الذي وقع في القاهرة يوم 26 أغسطس آب يسمح بشهر لتحقيق تقدم تجاه ارساء اسس اتفاق دائم بما في ذلك المصالحة بين فتح وحماس وخطوات من اسرائيل ومصر لتخفيف الحصار على غزة.
وقال مبعوث الاتحاد الاوروبي الى الاراضي الفلسطينية جون جات-راتر “يوجد خطر حقيقي جدا للعودة الى العنف إذا لم تحل تلك التوترات بشأن المرتبات بأسرع ما يمكن.”
وقال مسؤول أوروبي آخر مشارك في المناقشات مع السلطة الفلسطينية إن التوصل الى حل ربما لا يتحقق قبل مؤتمر للمانحين سيعقد في القاهرة يوم 12 اكتوبر تشرين الاول.
وقد يكون ذلك متأخرا أكثر مما ينبغي. فالعمال الذين وظفتهم حماس محبطون لأن موظفي فتح في غزة مستمرون في تقاضي مرتباتهم رغم أنهم لم يعملوا منذ عام 2007. واجتاح العمال المحبطون العديد من البنوك في يونيو حزيران الماضي وأمرت الشرطة البنوك باغلاق ابوابها.
ويتردد الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة لدى السلطة الفلسطينية روبرت سري بين غزة ورام الله في الضفة الغربية حيث مقر السلطة في جولات مكوكية بحثا عن حل.
وأحد الاحتمالات أن تسدد قطر -الدولة الثرية التي تدعم حماس بقوة- مدفوعات مؤقتة -وليس مرتبات- إلى موظفي حماس حتى التوصل الى حل على مدى ابعد. وقالت قطر في محادثات مع مسؤولي حماس والسلطة الفلسطينية إنها مستعدة لتقديم التمويل.
لكن مسؤولين يقولون إن من المرجح ان يشمل ذلك في احسن الحالات سداد مدفوعات مرتين او ثلاث مرات لمساعدة الناس وهو شيء تعتقد حماس أنه غير كاف. وقد لا يكون مثل هذا الحل مقبولا من حماس ومن نقابة عمال غزة التي تصر على أن المدفوعات يجب أن تأتي من الميزانية الرئيسية للسلطة الفلسطينية لهم كي يتم الاعتراف بهم كعمال في القطاع العام.
والأدهى من ذلك أن قطر لن يمكنها تحويل الاموال الكترونيا بسبب القيود على التحويلات المصرفية لحماس التي تعتبرها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي منظمة ارهابية.
ويقول مسؤولون انه بدلا من ذلك قد يكون عليها أخذ الاموال الى غزة وتوزيعها يدويا. ونقل حوالي 40 مليون دولار نقدا لتوزيعها يدويا على 40 ألف شخص سيكون أمرا محفوفا بالمشاكل.
وقد أوضحت اسرائيل التي تسيطر على أغلب المعابر الى غزة انها مستعدة لقبول مثل هذا الحل المؤقت لكن ليس واضحا ما إن كانت مصر التي تسيطر على معبر رفح على الحدود مع غزة مؤيدة بنفس القدر.
وتوجد تحفظات عميقة لدى آخرين مشاركين في العملية.
وقال دبلوماسي أجنبي “ينبغي أن نكون حريصين جدا بشأن كيفية تقديم أي من تلك المدفوعات المؤقتة.” واضاف “حتى إذا كان هناك نقد ستثور مسألة كيف تضخ الاموال على وجه الدقة ومن سيتعامل معها.”