تشهد المنتجات الإسلامية ازدهارا صناعيا ورواجا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي جذب عددا من الشركات الصينية والكندية والأوروبية للاستثمار في هذا القطاع النامي، في حين يكشف أحد كبار المستثمرين أنه من بين 30 سوقا ناشئة لهذا القطاع، فإن نحو 50 في المائة من مجموع الاستهلاك العالمي للمنتجات الإسلامية هو في منطقة الخليج، وأن 87 في المائة من عائدات القطاع تصب في السعودية، وتأتي ضمن عائدات العمرة والحج، في منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة على وجه التحديد.
وقال نادر صبري، المدير التنفيذي لشركة «تايمز فايف» العالمية المتخصصة في ابتكار المنتجات الإسلامية، لـ«الشرق الأوسط»: «إن هذا القطاع أصبح جاذبا لاستثمار الشركات العالمية ولم يعد حصرا على المسلمين فقط».
وتابع: «هناك نوعان من الشركات، النوع الأول يتضمن تلك التي تقارب الأسواق الإسلامية من الخارج، وهي معظمها غير إسلامية وتهتم بالاقتصادات الإسلامية كجزء من استراتيجياتها لدخول الأسواق الناشئة؛ والنوع الثاني تلك التي تبحث في الأسواق الإسلامية من الداخل للخارج، وغالبا يقودها مسلمون أو تكون شركات غربية موجهة نحو هذا القطاع».
وتابع صبري: «النوع الأول من الشركات يسعى لخلق فرص والاستفادة من الاقتصادات الإسلامية كما يفعلون في أي من الأسواق الأخرى، ولا تركز معظمها على القيم الإسلامية الأساسية، ولكن تلتزم بها للوصول إلى هذه الأسواق، في حين نجد أن النوع الثاني من الشركات يعتمد القيم الإسلامية في جوهرها ويطبق معايير الجودة والابتكار العالمية في الأسواق الإسلامية».
وأفاد صبري بأن كلا النوعين يسعى إلى الاستفادة من الاقتصاد الإسلامي لأنه يشهد نموا يعد الأسرع من أي وقت مضى، ولكن يعتمد نجاح كل منهما على القدرة على الابتكار وصدى عروضهما لدى المستهلك، بحسب قوله.
وبالسؤال عن حجم استهلاك المنتجات الإسلامية في الدول الخليجية من مجمل الاستهلاك العالمي، أجاب: «من 30 سوقا ناشئة لديها جاليات مسلمة كبيرة، نجد أن نحو 50 في المائة من مجموع الاستهلاك في منطقة الخليج»، مشيرا إلى أن هذا الاستهلاك ليس كله محليا، ففي الأسواق الرئيسية مثل مكة المكرمة والمدينة المنورة، نلاحظ أن 87 في المائة من العائدات تأتي من الوافدين القادمين للعمرة أو الحج، الذين يقتنون المنتجات الإسلامية كهدايا لذويهم».
وتجد المنتجات الإسلامية كذلك إقبالا في البلدان غير المسلمة من السكان المسلمين، وبحسب ما يقول صبري: «يظهر هذا السلوك الحاجة لمزيد من المنتجات والعروض المتنوعة للمجتمعات المسلمة المقيمة في الدول الأجنبية، ويعد (نمط الحياة) واحدا من أسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الإسلامي، بعد أن كان مهمشا إلى حد كبير بسبب هيمنة التمويل الإسلامي والطعام الحلال».
يأتي هذا في حين تظهر أحدث التقديرات أن حجم إنفاق المستهلكين المسلمين في العالم على قطاعات الأغذية الحلال وأسلوب الحياة قد بلغ 1.62 تريليون دولار في عام 2012، ومن المتوقع أن يبلغ 2.47 تريليون دولار بحلول عام 2018، بحسب ما يكشف تقرير حديث أعدته مؤسسة «تومسون رويترز» بالتعاون مع مؤسسة «دينار ستاندرد».
وحول حجم الأموال المستثمرة في المنتجات الإسلامية، قال صبري: «تاريخيا وُجِّه الاستثمار في المنتجات الإسلامية إلى قطاعين رئيسين اثنين، هما التمويل الإسلامي والأغذية الحلال، ويتراوح حجم الأسواق الإسلامية ما بين 10 و12 تريليون دولار تقريبا، وبما أن معدل نمو السكان المسلمين هو 1.5 في المائة، وهو ضعف معدل السكان غير المسلمين، فإن هذا يجعل المستهلكين المسلمين قوة اقتصادية كبرى».
من جهة ثانية، كشف صبري عن أبرز العوائق التي تواجه تصنيع وتسويق المنتجات الإسلامية، قائلا: «التحدي الرئيس هو اعتماد التكنولوجيات الجديدة، وتبدأ هذه التحديات في أبسط المستويات، حيث اعتاد المستهلك المسلم على التصاميم والألوان وأنماط الاستهلاك التقليدية، مما يجعل تغيير هذه التوقعات النمطية المتجذرة مهمة صعبة للغاية، وبالتالي فإنه من المهم بمكان التعريف بالابتكارات الجديدة وخلق بيئة مناسبة وموثوقة لاستهلاك آمن للمنتجات الجديدة».
وعلى الرغم من ذلك، فإن صبري يؤكد زيادة في نسبة اعتماد الابتكارات الجديدة بمتوسط 14 في المائة سنويا، وأضاف: «هذا يعني أن المستهلك المسلم أصبح أكثر تقبلا للأفكار الجديدة، وطرح هذه الأفكار بلغة المستهلك الأصلية يساعد على رفع معدل اعتمادها بخمس مرات، بالإضافة إلى ذلك لاحظنا أن الجمع بين الثقافة المحلية والقيم الإسلامية واستخدام اللغة الأم، وتوفير عروض بمواصفات دولية، يزيد من مستوى الاستقطاب أو الجذب بمقدار ثماني مرات».