بدأت الحقيبة السياسية التركية، القادمة للمشاركة في الاجتماع الإقليمي المتعلق بمكافحة الإرهاب، الذي تستضيفه جدة الخميس، تشعر بـ”عبء ثقيل” في نوع وتشكيل قرار مشاركة تركيا، الذي استلم دفة رئاستها منذ 28 آب الماضي رئيس وزرائها النافذ رجب الطيب إردوغان، اذ تحدثت مصادر دبلوماسية تركية إلى صحيفة “الوطن” السعودية، ان تركيا ماتزال تسير على وتيرة عدم جعل أنقرة في فوهة المواجهة، أو في الصف الأمامي ضد “داعش”، ويعود ذلك بسبب مواطنيها الرهائن لدى التنظيم بما فيهم قنصل تركيا في الموصل، في ظل وجود أزمة متصاعدة بين واشنطن وأنقرة حيال طريقة إدارة التحالف الدولي ضد “داعش”.
وكشفت المصادر نفسها ان الدور التركي سيتحدد في العمل الاستخباراتي، ومحاولة دراسة تصفية قيادات تنظيم “داعش”، في سوريا، إلا أنهم شددوا أن تلك العمليات ستكون في طي الكتمان دون الحاجة إلى الإعلان عنها بسبب احتجاز التنظيم للرهائن، أي أن الأتراك سيلعبون من خلف الكواليس.
كما اكدت المصادر ان الحكومة التركية الجديدة بقيادة أحمد داود أوغلو، تحاول أن تخرج بأقل “الخسائر العسكرية والسياسية والبشرية”، وأنقرة لن تغامر البتة في مسألة مواطنيها المحتجزين تحت ضغط “التحالف الدولي” لأن ذلك سينعكس بشكل سيئ على الداخل التركي، وربما يحرم الحزب الحاكم “العدالة والتنمية” من حصد الأغلبية البرلمانية في الانتخابات في حال إقدام “داعش” على مقتل الرهائن الأتراك وان حدث هذا الأمر، فإن الحكومة ستقدم استقالتها على الفور.
من جهته أشاررئيس المعهد التركي العربي للدراسات الاستراتيجية في أنقرة، الدكتور محمد العادلإلى معطى سياسي مهم، يتعلق بتسريبات سياسية بدأت تطفو للعلن في تركيا، توحي بوجود خلافات سياسية متصاعدة بين أنقرة وواشنطن، تتعلق بطريقة الإدارة الأميركية لملف الأزمة “الداعشية”، خاصة مع زيارة وزير الدفاع الأميركي تشاك هاجل لأنقرة، بغرض تحديد شكل التحرك الذي ستتخذه تركيا في التحالف. وقال العادل: “أنقرة تصر ألا تتم أي عمليات عسكرية للتحالف ضد معاقل التنظيم، دون مراعاة لمصلحة الأمن القومي التركي، أو دون مراعاة لسلامة مواطنيها المحتجزين لدى داعش”، لافتًا الى ان العقلية السياسية التركية تصر ألا تعمل وفق المصالح الأميركية في أزمة التحالف ضد “داعش”، وتصر على انتقاد البيت الأبيض الذي تحرك متأخرا ـ وفقا لحساباته ـ مع وجود دلائل نمو التنظيم منذ وقت مبكر في سوريا.
كما أكد العادل ان الرأي السياسي السائد في تركيا هو أن أي عملية عسكرية توجه لـ”داعش”، يجب أن تسبقها عمليات استخباراتية دقيقة جدا، لمعرفة الضربات التي ستوجه للتنظيم، حتى لا يتم تعريض المدنيين لأي أذى يمكن حدوثه، كما أن الأمر المثير الذي ورد في آخر حديث المصادر الدبلوماسية التركية، هو الاحتمالية الكبيرة من إدراج خط تفاوضي مستقل مع “داعش” لتحرير المواطنين الأتراك من قبضة التنظيم، حتى ولو كان ذلك في ظل وجود تحالف دولي ضده تسعى لاقتلاع جذوره.