Site icon IMLebanon

النزاع في سوريا وتداعياته على الاقتصاد و التنمية: استمرار الأعمال القتالية يرفع الخسائر الى 237 مليار دولار في 2015

AlMustakbal
رائد الخطيب
باختصار، يمكن إطلاق اسم تقرير «الوجع الوطني المؤلم» كما وصف الخبراء تقرير النزاع في سوريا وتداعياته على الاقتصاد الكلي في طريق الأهداف الانمائية للألفية، فالأرقام كانت جد صادمة في التقرير الذي أطلقته أمس «اسكوا» في بيروت، بل ترسم صورة قاتمة لمسيرة الاقتصاد السوري الذي ينهار مع كل يومٍ يتجدد فيه النزاع، وغياب أي حلٍ للتسوية.

التقرير الذي أطلق بحضور حشد من الرسميين والديبلوماسيين وممثلي هيئات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية، تحدث عنه كبير الاقتصاديين في «إسكوا« ورئيس إدارة التنمية الاقتصادية والعولمة عبد الله الدردري، وقدمه رئيس قسم السياسات الاقتصادية في «إسكوا« خالد أبو اسماعيل، وتعقيبٍ من رئيس تحرير جريدة السفير الزميل طلال سلمان، حَفِلَ بأرقام موجعة ومخيفة، فمجموع الخسائر المتوقعة للاقتصاد السوري في 2015 هي 237 مليار دولار في حال استمرار النزاع منها 170 مليار دولار خسارة الناتج المحلي في 5 سنوات، ويخلص التقرير الى أن ما حققته سوريا خلال عقود من التنمية أنفقته في ثلاث سنوات، لكن الوقائع أثبتت خلال هذه السنوات الثلاث أنَّ الفرصة مفتوحة دائماً لأحداثٍ غير متوقعة، وأن تغير الوقائع العسكرية والأمنية على الأرض، سيكون له أثر مباشر على المؤشرات التنموية.

استطاع التقرير أن يُشخصَ الوقائع ويرسم تكاليفَ الحرب الدائرة في سوريا منذ آذار 2011، وأثرها في تحقيق الأهدافِ الألفية، إلا أنه لم يحمل خارطة طريق اقتصادية تساعد من حدِ انهيار المؤشرات فيما لو استتب الأمن في سوريا وعاد الاستقرار اليها، كما أنَّ التقرير لم يتطرق الى مسائل العقوبات والحصار ولا الى الاقتصاد الأسود في وسوريا. وقال الدردري إن تقريراً أو مسودة لرسم السياسات ستكون جاهزة بحلول تشرين الأول المقبل، كما أن هذا التقرير ليس التقرير الوطني بل هو تقرير صادر عن خبراء في اسكوا لتسليط الضوء على الأزمة السورية وتداعياتها، يسلط الضوء على أثر النوازع في سوريا ولا سيما في مجال تحقيق الأهداف الانمائية الألفية.

ماذا يتضمن التقرير؟

ففي مشهد الاقتصاد الكلي، يتطرق التقرير الى انهيار النمو ما بين العامين 2010-2013 تراجع الناتج المحلي من 60،1 في المئة في 2010 الى النصف أي ما نسبته 33،45 في المئة، فيما تصاعد معدل البطالة من 4،4 في المئة الى نحو 90 في المئة، على أن الصادرات تراجعت 95 في المئة وكذلك الواردات 93 في المئة، أما منسوب البطالة فارتفع من 8،6 في المئة في 2010 الى 54 في المئة في 2013.

ويضيء التقرير على الخسائر في قطاع التجارة والاستثمار وفي كل القطاعات الأخرى ولاسيما قطاع الطاقة وانتاج الغاز والانشاء والتعمير إذ بلغت معظم الخسائر في هذه القطاعات نحو 70 مليار دولار، وهو ما دفع بتمويل الميزانية السورية من المدخرات والمداخيل المحلية، إلا أنَّ ذلك سيكون مختلفاً ما بعد العام 2015 فيما لو استمر النزاع، وهو إما يتطلب ديوناً ترهق الخزانة السورية أو هبات أو منحاً أو استثمارات ضخمة خارجية للدولة السورية، إذ لا يعود متاحاً تمويل الميزانية من مداخيل محلية.

وفي معدل التحصيل الضريبي تراجع المعدل نحو 65 في المئة بالمقارنة ما بين العامين 2010 و2013، كما أن العائدات الحكومية من الناتج المحلي الاجمالي من 21،5 في المئة الى 10،7 في المئة، فيما زاد الانفاق الحكومي من 16،4 الى 43،5 في المئة، ليتراجع الاستثمار العام من الناتج المحلي من 9،6 الى 2،5 في المئة.

وزاد الدين المحلي بالنسبة للناتج من 13،2 الى 87،6 في المئة، وانخفض الدين الخارجي من 16،5 الى 9،1 في المئة في العام 2010. أما العجز الحكومي من الناتج فازداد من 4،5 في 2010 الى 26،3 في المئة، فيما التمويل المحلي للعجز ارتفع من 3،4 الى 23،2 في المئة.

بلغ مجموع الخسائر للاقتصاد السوري طوال فترة النزاع نحو 140 مليار دولار، وهذه الخسائر مقسمة على القطاعات التالية، الزراعة: 20،5 في المئة، الصناعات التحويلية 94 في المئة، البناء والتعمير 191 في المئة، التجارة الداخلية 84 في المئة، النقل والاتصالات 24،6 في المئة، التمويل والتأمين 71،6 في المئة، والخدمات الحكومية 76،7 في المئة.

والرقم المخيف هو في عدد المساكن المتضررة طوال فترة النزاع والتي بلغت نحو 2،1 مليوني منزل موزعة على كل المناطق التي تشهد حروباً داخل الأراضي السورية.

أما في الشق الثاني في التقرير والمتعلق بالأهداف الانمائية للألفية في سوريا في 2013، فالتقرير يشير الى وصوله الى نحو 70 في المئة فيما كان يقل قبل فترةِ النزاع عن 43 في المئة (المعدل الطبيعي) بنحو 12 في المئة، وارتفع معدل البطالة بين الشباب الى 82 في المئة، كما انخفض معدل الالتحاق في المدارس الابتدائية، وفي موضوع الوفيات زاد معدل وفيات الأطفال دون الخامسة من 21،4 في المئة في 2011 الى 25،1 في المئة في 2013، كما زاد معدل وفيات ألأطفال الرضع. ويشير التقرير الى عودة عدد من الأمراض التي نسيها السوريون مثل: السل، حمى مالطية، الحصبة، السحايا، وشلل الأطفال، وتراجع الانفاق الحكومي على موضوع الصحة 5،6 في المئة كما تراجع الانفاق الاستثماري على الصحة الى 1،9 في المئة في العام 2012.

وأما خدمة الدين على المديين فقد زادت من 5 الى 129 في المئة في العام 2013، وهي ستثقل كاهل التنمية السورية على المديين المتوسط والبعيد. وبلغت المساعدات الانسانية الى سوريا حتى نهاية العام الماضي نحو 807 ملايين دولار.

ويقول التقرير إن سوريا أصبحت من البلدان الأقل نمواً والأبعد عن تحقيق الأهداف الألفية بحلول العام 2015 مع الصومال في أسفل القائمة.

وفي شق التوقعات المستقبلية في ظل استمرار النزاع يقول التقرير إن الناتج المحلي سينخفض من 14،3 في المئة المتوقعة بنهاية العام الجاري الى 4،6 في المئة في 2015، فيما البطالة سترتفع الى 66 في المئة وهي في قطاع غزة تصل الى 41 في المئة و59 في المئة في جيبوتي.

وسيصبح الدين الداخلي كنسبة من الناتج المحلي يشكل نحو 97،8 في المئة في العام 2015، وهو ما يتطلب تمويلاً بواسطة دين خارجي بنسبة 95،8 في المئة، وتمويلاً بواسطة المنح الخارجية بما لا يقل عن 14،8 في المئة.

وقال الدردري، إن غايات التقرير هو تقويم الأثر الاقتصادي للنزاع القائم في سوريا خلال العام 2015 خصوصاً أنَّه بحلول العام المقبل كان يفترض بسوريا أن تحقق الأهداف الانمائية للألفية، ولولا وقوع الأزمة لكان بامكان سوريا أن تحقق هذه ألأهداف، وأشار الى أنه بالرغم من الصورة السالبة للتقرير فإن هناك قدرة مالية لدى السوريين لاعادة البناء، في ما لو توقف النزاع، إلا أن استمرار الأزمة يضيق الفرصة في انتشال الوضع الاقتصادي المتردي في سوريا.

وفي تعقيبه على التقرير وصف الزميل طلال سلمان التقرير بأنه تقرير موجع، إلا أنه ليس ورقة نعي لسوريا بل يقدم صورة محزنة لما آل اليه الوضع في هذا البلد، كما كان نقاش وحوار مع كل من خالد اسماعيل رئيس قسم السياسات الاقتصادية في اسكوا، وهادي بشير رئيس قسم النمذجة والتنبؤ الاقتصادي في اسكوا. وشارك في النقاش فريق عمل «الأجندة الوطنية لمستقبل سوريا».