خالد مجاعص
كانت بطولة العالم في كرة السلّة على موعد فجر اليوم (الخميس) مع أجمل مباراة عرفتها مباريات بطولات العالم لكرة السلّة. فالدور الربع النهائيّ من البطولة جمع بطل أوروبّا الحاليّ فرنسا مع بطل أوروبّا والعالم السابق إسبانيا.
أجمعت كلّ التوقّعات وتحاليل مراقبي السلّة قبل المباراة أنّ إسبانيا فائزة في تلك المواجهة لا محال، وأنّ أقصى طموحات الفرنسيّين هو الهروب من خسارة مذلّة. حتّى الصحافة الفرنسيّة اعتبرت أنّ وصول منتخب الديوك إلى ربع نهائيّ بطولة العالم هو إنجاز في حدّ ذاته مع غياب نجمي المنتخب طوني باركر ويواكيم نواه، وأنّ على منتخب فرنسا محاولة تقديم مباراة جيّدة أمام إسبانيا، حيث سيعتبر إنجازاً إضافيّاً.
فماذا حصل في لقاء فرنسا وإسبانيا في مدريد؟ فرنسا قدّمت مباراة تاريخّية غير مسبوقة من بداية المباراة إلى نهايتها. فقاعة العاصمة مدريد التي كانت تتجهّز لمتابعة مشوار إسبانيا الكاسح في البطولة، بعدما اكتسحت في الأدوار السابقة جميع خصومها، ومنهم فرنسا بفارق 24 نقطة، تفاجأت بتقدّم سريع للفرنسيّين مع انطلاق اللقاء بنتيجة 8-0، منها سلّتين ثلاثيّتين لمهاجم سان أنطونيو سبيرز بوريس دياوو. فكانت الصدمة سريعة، وكان منتخب الديوك جاهزاً للقضاء على مضيفه، فحسم الجزء الأوّل بفارق 7 نقاط 35-28.
فالمباراة التي كان يتابعها ثنائيّ الريال كاسيياس وسيرجيو راموس وأكثر من عشرين ألف إسبانيّ، حاول مع انطلاق ربعها الثالث أن يعيدها نجم شيكاغو بولز بو غازول لمصلحته عبر معادلته النتيجة بأداء مميّز دفاعيّاً و هجوميّاً، إلاّ أنّ زملاءه في المقابل كانوا لا يزالون تحت وقع صدمة تميّز الفرنسيّين بشكل رائع دفاعيّاً، وتحت وقع الهجمات المرتدّة السريعة هجوميّاً. كلّ ذلك مع تفوّق واضح للديوك على نقطة الارتكاز من خلال تألّق اللاعب جوبير الذي كان أفضل الفرنسيّين دفاعاً، فشلّ كليّاً تحرّكات لاعب ارتكاز إسبانيا مارك غازول الذي قدّم أسواء مبارياته في البطولة.
فازت فرنسا في المباراة بنتيجة نهائيّة 65-52 بفارق 13 نقطة، لتبرهن أنّ المستحيلات تسقط أمام اللعب الجماعيّ المثاليّ الذي قدّمه الفريق الفرنسيّ بتسجيله أكبر مفاجأة في عالم كرة السلّة بتفوّقها على المرشّح الأبرز لإحراز لقب كأس العالم إلى جانب منتخب الولايّات المتّحدة.
وبالخلاصة، برهنت فرنسا أنّها زعيمة أوروبّا الجديدة في كرة السلّة، وأنّ إسبانيا المرعبة تراجعت إلى مركز الوصيف، خصوصاً وأنّ إسبانيا هي الدولة المضيفة للحدث والتي أتت بجميع نجومها من دون استثناء، بينما الفرنسيّون افتقدوا في هذه البطولة موزّع ألعاب سان أنطونيو بطل الـNBA طوني باركر، إضافة لى عملاق شيكاغو بولز يواكيم نواه حيث يبقى على الديوك مواجهة صربيا في النصف النهائي قبل أن تضرب لنفسها موعداً في نهائيّ حلم مع فريق الدريم تيم منتخب الولايات المتّحدة، قد يكون صعباً على الفرنسيّين مجاراتهم لولا تجربة ليلة إسقاط الديوك لإسبانيا. فأضحت فرنسا في كرة السلّة منتخباً لا يخشى أحد مهما علا شأنه… فلم لا؟ قد يصيح الديوك ليلة الأحد: جاء دوركم نجوم الـNBA.
أمّا إسبانيا، فأصبح من المؤكّد أنّ سنة الـ2014 هي الأسوأ في تاريخها الرياضيّ، فهي ودّعت مونديال البرازيل من الدور الأوّل، ولم تتمكّن من الدفاع عن لقبها بطل العالم، والليلة ودّعت بطولتها للعالم في العاصمة مدريد وخرجت من الباب الصغير. إسبانيا بطلة العالم 2006 في كرة السلّة و2010 في كرة القدم، عليها انتظار أربع سنوات أخرى لتثأر من عام سيلعنه الإسبان طويلاً.