بدأت تطفو على سطح أزمة اللاجئين السوريين في لبنان أزمة جديدة – قديمة بات اسمها اليوم “انشاء مخيمات لجوء اختبارية” عند الحدود اللبنانية – السورية. لا سيما في محيط معبري الحدود الشرعيين بين لبنان وسوريا، عند نقطة المصنع في البقاع وعند نقطة العبودية الدبوسية في محافظة عكار وفقاً لما ذكر وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس.
ويرى متابعون لملف اللاجئين السوريين ان انشاء المخيمات كان ممكناً ومطلوباً، ربما، مع بدء الأزمة السورية حيث كان المفترض تنظيم حالات اللجوء ومراقبتها بما يضمن حماية اللاجئين ومساعدتهم انسانياً وتوفير ما امكن لهم من مساكن ومساعدات، لكنه لم يعد ممكناً اليوم بوجود الاعداد الهائلة من اللاجئين الذين تدفقوا الى لبنان عبر حدوده الشمالية والشمالية – الشرقية والشرقية هرباً من آلة الحرب الدائرة في مدنهم وقراهم خصوصاً ان منهم كثيرين أتوا من مناطق بعيدة جداً عن لبنان. وقد توزعوا عشوائيا على مساكن تشاركوا فيها مع انسباء لهم من العائلات اللبنانية التي استضافتهم، وبينهم من اضطر إلى السكن في مخيمات عشوائية كانت محدودة مع بداية الأزمة لتنتشر كالفطر مع بلوغ الازمة السورية عامها الثالث، فبات في محافظة عكار على سبيل المثال مخيم او تجمع سكني في موازاة كل قرية او بلدة، الامر الذي رتب تداخلاً كبيراً مع المجتمعات المحلية باعتبار أن قسماً لا بأس به منهم تربطهم علاقات قربى ونسب وخصوصاً في المناطق الحدودية المباشرة كوادي خالد وسهل عكار ومنطقة جبل اكروم.
ورتّب هذا الوضع تداعيات كبرى حياتياً ومعيشياً واجتماعياً، فضلاً عن بروز عملية تنافس على سوق العمل ولقمة الخبز ومياه الشرب والكهرباء، الى تداعيات امنية لا يجب التقليل من اخطارها، وهذا شكل مخاوف وقلقاً لدى اللبنانيين والسوريين على السواء خصوصاً على أثر المواجهات التي حصلت في منطقة عرسال وجرودها بين الجيش والقوى الأمنية من جهة والمجموعات المسلحة من جهة أخرى والتي لا تزال تداعياتها تضغط على مجمل الأوضاع الأمنية في لبنان كلاً، مع استمرار خطف العسكريين، وفي الوقت تحصل فيه يوميا أعمال دهم في أكثر من منطقة لبنانية بحثاً عن مشتبه في تورطهم في الانتماء إلى مجموعات إرهابية.
ويبدو ان وزارة الشؤون الاجتماعية وبقية الاجهزة الرسمية اللبنانية وتلك الدولية المهتمة بملف اللاجئين السوريين في لبنان، في سباق دائم بين الحلول المقترحة وتفاقم الازمة مع بلوغ عدد اللاجئين السوريين في لبنان نحو مليون و500 الف لاجئ، منهم مليون و300 ألف مسجلون لدى مفوضية الامم المتحدة.
والسؤال المطروح اليوم هل يمكن انشاء مخيمات لجوء وان اختبارية على حد قول الوزير درباس، اقله في المواقع التي يحكى عنها سواء في المصنع او العبودية؟
يقول متابعون للملف لصحيفة “النهار” إن من المبكر الاجابة عن هذا السؤال حتى لو اتخذ القرار السياسي في هذا الشأن، لأن دون انشاء المخيمات عقبات كثيرة، يتوجب ايجاد الحلول العملية لها قبل بدء التنفيذ الا اذا كان المقصود إنهاء هذا المشروع عبر التسرع في طرحه.
وفي هذا الاطار، جزم وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش أنه لم يتم اتخاذ أي قرار حكومي بإنشاء مخيمات للنازحين السوريين، وقال: “هناك آراء وأفكار طُرحت وما نزال في انتظار تقرير اللجنة المكلّفة متابعة موضوع اللاجئين من أجل مناقشة ما سيتم طرحه”.
فنيش، وفي حديث لـ”الأخبار”، رأى ان الحل الوحيد هو عودة اللاجئين إلى بلدهم، حيث أصبحت هناك مناطق آمنة يمكن إقامة مخيمات فيها.
من جهته، رأى وزير العمل سجعان قزي أنّ قرار إقامة مخيمات للاجئين السوريين اتّخذ في جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت في 23 أيار 2014، إذ جاء في مقررات الجلسة أنه تمّ الاتفاق على تكليف وزير الخارجية والمغتربين السعي من أجل اقامة مخيمات آمنة في سوريا أو في المنطقة الحدودية العازلة بين لبنان وسوريا، بالتعاون مع سائر الجهات والهيئات المعنية، دولياً، إقليمياً ومحلياً.
قزي، وفي حديث إلى “الأخبار”، أوضح انه بعد أحداث عرسال وبروز الخطر الأمني جرّاء النزوح العشوائي، قررت اللجنة أن نبدأ بالتنفيذ وستتم المباشرة بإقامة مخيّمين كمرحلة تجريبية، على أن يجري التوسّع في ما بعد.