Site icon IMLebanon

الحكومة تواجه استحقاقات اقتصاديّة كبيرة مع عدم تشريع نيابي ودون إقرار «اليوروبوندز» وعجز الموازنة

Diyar
جوزف فرح
صحيح ان الصرخة التي اطلقتها الهيئات الاقتصادية باتجاه الاسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، الا ان هذه الصرخة تحمل مؤشرات مؤلمة على القطاعات الاقتصادية حيث حذر اكثر من طرف فيها في انهيار اقتصادي لا بل ذهب رئيسها الوزير السابق عدنان القصار بعيدا في تحذيره من انفجار اجتماعي اذا لم تتم المعالجة وايجاد الحلول السريعة.
واجمع المتكلمون الاقتصاديون على حدة الازمة الاقتصادية، فرئيس الهيئات القصار اكد ان المنطقة العربية تقف على صفيح ساخن ولبنان وسط البركان العربي المضطرب والهائج ليس بمنأى عما يحصل من حولنا علما ان التداعيات اصابت اول من اصابت الاقتصاد اللبناني، اما رئيس اتحاد الغرف التجارية والصناعية والزراعية اللبنانية محمد شقير فقد اعتبر ان الاقتصاديين اصبحوا شهود زور على انهيار الاقتصاد والاسواق والمؤسسات اما رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس فاعتبر ان الانهيارات تهدد من كل حدب وصوب ولبنان بات محاصرا بحزام نار اقليمي بالتزامن مع الانقسامات الداخلية وان العورات المالية بدأت تظهر تباعا مع عجز الخزينة عن دفع مستحقاتها بانتظام لاصحاب الحقوق من موظفين ومقاولين وضمان اجتماعي ومستشفيات والمؤسسة العامة للاسكان وغيرها، اما القطاعات الانتاجية فقد اصيبت بالتلف واصبحت قاب قوسين او ادنى من الافلاس فيما انقلبت المقاييس في سوق العمل حيث بات النازح مقيما وتحول اصحاب الدار الى مشاريع هجرة بامتياز، اما رئيس جمعية المصارف فرنسوا باسيل فقد اكد ان استمرار الفراغ السياسي لا بد ان يؤدي الى مزيد من التباطؤ بل الركود الاقتصادي ما سينعكس بدوره سلبا على القطاع المصرفي الذي يشكل مرآة حقيقية للواقع الاقتصادي في البلاد وتساءل رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل كيف للمواطن ان يعيش وسط ازمات اقتصادية متلاحقة وانعدام فرص العمل وتراجع القدرة الشرائية، ولفت رئيس اتحاد المؤسسات السياحية بيار الاشقر الى التحذير الذي اطلقته المؤسسات السياحية من انها ستقفل ابوابها مؤكدا ان هذا ما يتحقق اليوم.
اما في المقلب الاخر، فحقيقة الامر ان وضع وزير المالية علي حسن خليل لا يحسد عليه حيث يتراكم العجز في الموازنة وانسداد الأفق في امكانية التشريع النيابي الذي يسمح للحكومة بالاستدانة بالعملة الاجنبية لتغطية مستحقات سندات اليوروبوندز للعام 2015، وفي ظل الحديث عن امكانية عدم تمكن الحكومة من دفع رواتب الموظفين في القطاع العام اعتبارا من تشرين الثاني المقبل بعد ان تمنعت عن دفع المستحقات المتوجبة للضمان والمقاولين واصحاب المستشفيات واخيرا وليس اخرا المؤسسة العامة للاسكان، هذا دون احتساب اي قرش من سلسلة الرتب والرواتب التي دخلت عالم النسيان، حيث ذكرت مصادر مالية واقتصادية مطلعة ان اجمالي استحقاقات الدولة في العام 2015 باكثر من 14 مليار دولار اميركي.
وفي تفاصيل هذه الاستحقاقات لا بد من القول انها بحدود 10 مليارات دولار من الليرة والعملة الاجنبية، اضافة الى العجز المرتقب المقدر بـ7700 مليار ليرة للعام 2014، والمتوقع زيادته في العام المقبل في حال استمرار تراجع الايرادات وزيادة الانفاق والصرف والهدر على كل جانب، هذا دون احتساب الكلفة المتوقعة للسلسلة في حال اقرارها والمقدرة باكثر من 1700 مليار ليرة لبنانية، اضافة الى تمويل وزارة المالية عجز مؤسسة كهرباء لبنان باكثر من ملياري دولار سنويا.
وزير المالية كان واضحا معتبر ان القضية هي الحرص على التزام الدستور والقانون والاصول المسألة ترتبط حصرا بقانونية الانفاق وعدم جواز فتح اعتماد الا بقانون، لم يكن في السنوات الماضية قوانين موازنات، فكانت تغطية الانفاق تجري من خلال سقف خزينة يجمع الجميع بلا نقاش على انها مخالفة للاصول وانها ليست مغطاة قانونا.
في المراجعة التي قدمها الرئيس حسين الحسيني ووزير المالية السابق الياس سابا والنائب مخيبر تؤكد ان الدولة مقبلة حكما على التوقف عن دفع الرواتب بعد استحقاق شهر آب 2014 بشكل آلي وحسابي اكيد لا يرقى اليه ادنى شك، والدولة مقبلة حكما على التوقف عن الانفاق على ابواب عدة تسمح بتأمين خدمات حيوية غير الرواتب منها تمويل المؤسسة العامة للاسكان والمستشفيات الحكومية وغيرها.
وقد حاول الوزير حسن خليل تخفيف الضغط عن العجز، في مؤسسة كهرباء لبنان فخفض العجز اما ما دون الملياري دولار مما ادى تلقائيا الى ارتفاع التقنين الذي طال مدينة بيروت باكثر من ثلاث ساعات كما وعد اهلها الذين استغنوا عن المولدات الكهربائية في هذا المجال، كما انه رفض تسديد بعض المستحقات لبعض المؤسسات ايمانا منه بان الحل الامثل للحفاظ على العجز المقدر في ظل غياب التشريع النيابي.
وقد اصدرت وزارة المال اللبنانية مؤخرا تقريرها الشهري للبند 13، والذي يتمحور حول الانفاق على الرواتب والاجور وملحقاتها في القطاع العام خلال شهر شباط 2014، تظهر من خلاله ان حصة الانفاق على الرواتب والاجور وملحقاتها في القطاع العام قد شكلت ما نسبته 29% من اجمالي الانفاق الاولي في الفترة المذكورة، يمكن تجزئة هذا الانفاق الى ثلاثة عناصر رئيسية وهي مخصصات الرواتب والاجور والتعويضات والتقديمات الاجتماعية. ووفقا لاحصاءات وزارة المال، ارتفع الانفاق على الرواتب والاجور وملحقاتها بنسبة 25،3% على صعيد سنوي الى 667 مليار ل.ل. (45،442 مليون د.أ) لغاية شهر شباط 2014، مقارنة مع 646 مليار ل.ل. (52،428 مليون د.أ) في الفترة نفسها من العام 2013.
ويعود ذلك الى الزيادة بنسبة 12،4% في مخصصات الرواتب والاجور الى حوالى 531 مليار ل.ل. (24،352 مليون د.أ) اضافة الى الارتفاع في التقديمات الاجتماعية بنسبة 06،14% سنويا الى 73 مليار ل.ل. (42،48 مليون د.أ) في المقابل، تراجعت التعويضات المدفوعة بنسبة 26،23% على صعيد سنوي الى 33 مليار ل.ل. (89،21 مليون د.أ).
من ناحية اخرى، زادت حصة مخصصات الرواتب والاجور الى 33،08% من اجمالي النفقات على الرواتب والاجور وملحقاتها لغاية شهر شباط من العام 2014، مقارنة مع حصة 06،08% لغاية شهر شباط 2013. كما ارتفعت حصة التقديمات الاجتماعية من 05،10% في نهاية شهر شباط 2013، الى 04،11% كما في نهاية شهر شباط 2014.
على اية حال ان الاوضاع الاقتصادية مرتبطة ارتباطا كليا بالاوضاع السياسية الامنية، وطالما ان الوضع على هذا الحال فعبثا نحاول.