لئن الثقة في اقتصاد أي بلد، أساسها استتباب الوضعين الأمني والسياسي وهو ما يفتقر اليه لبنان، فإنه من البديهي أن يكون منسوب ثقة اللبنانيين باقتصاد بلدهم في أدنى مستوياتها، ان لم نقل أنها معدومة. ويبدو انعدام الثقة واضحاً في نتائج الاستطلاع الذي أجراه مركز بيوPew Research Center، والذي بيَّن أن 91% من اللبنانيين الذين شملهم الاستطلاع أن الوضع الاقتصادي الحالي في لبنان هو “سيئ” أو “سيئ جدًا”.
وفي التوقعات المستقبلية، اعتبر 46% من المُستطلَعين اللبنانيين أن الوضع الاقتصادي السيئ “سيتفاقم”، أو “سيتفاقم كثيرًا” في الأشهر الـ12 المقبلة. وذلك يعني برأي الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة أن الثقة تقل من سنة الى أخرى مع تطور الأزمة السورية وزيادة عدد اللاجئيين السوريين الذين ارتفع عددهم على نحو لافت، والتخوُّف من انتساب جزء منهم الى منظمات إرهابية. وزاد تعقيد الأمر، الشغور في منصب الرئاسة الأولى وإحتمال التمديد لمجلس النواب الذي له الأثر الكبير على ثقة المستثمر والمستهلك.
ووفق مركز بيو Pew Research Center للبحوث واستطلاعات الرأي في الولايات المتحدة، فإن 56% من اللبنانيين يعتقدون أن الوضع الاقتصادي الحالي في لبنان هو ” سيئ جدًا” و35% يعتقدون أنه “سيئ”، مقارنة بـ9% من الذين يعتقدون أن الوضع “جيد”.
ولكن نتائج هذا المسح برأي ُعجاقة تظهر ثقة اللبناني في اقتصاده وليس حقيقة الاقتصاد، “إذ من المعروف أن الاقتصاد هو عبارة عن مجموع العمليات التجارية التي تتم بين لاعبين اقتصاديين أساسيين: الشركات والأسر. وبما أن هذه العمليات أساسها الثقة في الاقتصاد، لذا فإن ثقة الناس إذا تراجعت تؤثر سلباً في الاقتصاد”.
ووفق المسح الذي ورد في النشرة الأسبوعية لمجموعة بنك بيبلوس Lebanon This Week، اعتبر 91% من اللبنانيين الذين شملهم الاستطلاع أن الوضع الاقتصادي الحالي في لبنان هو “سيئ” أو “سيئ جدًا”، مقارنة بـ90% من المُستطلَعين في مسح العام الماضي و88% في مسح العام 2012.
وأشار المسح إلى أن 33% من اللبنانيين الذين شملهم الاستطلاع يتوقعون أن الوضع الاقتصادي في لبنان “سيبقى على حاله” في الأشهر الـ12 المقبلة، و27% من المشاركين يعتقدون أن الوضع “سيتفاقم إلى حد ما”، و19% من المُستطلَعين يعتبرون أنه “سيتفاقم كثيرًا’، في حين اعتقد %20 أنه ” سيتحسّن”. وبذلك، توقّع 46% من المُستطلَعين اللبنانيين أن الوضع الاقتصادي “سيتفاقم” أو “سيتفاقم كثيرًا” في الأشهر الـ12 المقبلة.
وآراء اللبنانيين حول تطور الوضع الاقتصادي، يرى عجاقة أنها مُتعلقة بشكل خطي (Linear) مع توقعاتهم للوضعين السياسي والأمني، وهذا ليس بمقياس متين يُمكن البناء عليه في ما يخص الإستهلاك إلا أنه قد يكون أساسياً في الاستثمار.
ويشير الى أن استهلاك اللبناني أصبح متطوراً جداً ويُضاهي استهلاك المواطن الأميركي رغم قلة الثقة بالاقتصاد اللبناني، ملاحظاً في الوقت عينه نمواً بسيطاً في حجم الإستهلاك، وهذا في ذاته له تأثير إيجابي على النمو الاقتصادي الذي من المتوقع أن يكون بحدود الـ 1% في نهاية هذه السنة.
في موازاة ذلك، اعتبر 92 % من المشاركين في المسح أن ارتفاع الأسعار يشكّل أزمة كبيرة جدًا في البلاد، إلاَّ أن عجاقة يرى أن ثمة مشكلة في المنهجية التي اعتمدتها الشركة التي أجرت الإستطلاع، إذا ان لبنان في سنة 2014 لم يشهد ارتفاعاً في الأسعار كما في الاعوام الماضية حتى إنه من المتوقع أن يكون التضخم الأدنى منذ خطة الرئيس سليم الحص في العام 2000. ويوافق عجاقة رأي 91% من المستطلعين الذين اعتبروا أن عدم وجود فرص العمل هي مشكلة اقتصادية كبيرة، إذ أشار الى “ان هذه المشكلة هي “أم المشاكل” وبدون استثمارات لا يُمكن إيجاد فرصة عمل وهذا ما يُبرر إصرار الناس على الوظائف الحكومية رغم قلة الأجور.
يشار الى أن المسح أجري خلال الفترة الممتدة بين آذار وحزيران 2014 على عيَّنة من 1000 لبناني مقيم تبلغ أعمارهم 18 سنة أو أكثر.