أكد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان أنّ “الظروف التي تمر بها البلاد والمنطقة تستدعي اجتماعاً وموقفاً ترتفع فيه كلمة الحق والخير والاعتدال في وجه التطرف، وسيول الدم والخراب والدمار والتهجير”، مشيراً إلى أنّ “كل جريمة يمكن بعدها الصلح وتسهل بعدها المهادنة إلا القتل في الدين، والإخراج من الديار، وهاتان الجريمتان الفظيعتان هما الواقعتان في شتى الأنحاء العربية، وعلى سائر فئات الناس”، داعياً إلى “مواجهة هذه الجرائم بالدعوة إلى الخير قولاً وعملاً ونضالاً وتضحية”، وسأل: “لماذا يكون على المسيحيين أو على الإيزيديين أو على السنّة أو على الشيعة أو على غيرهم أن يواجهوا القتل والتهجير بسبب الدين، أو بسبب المذهب، وممّن؟ من جانب عصائب ضالة ومضلة وباسم الدين أو باسم المذهب أو باسم شهوات السلطة والثروة والإمبراطورية”؟
دريان، وفي كلمة ألقاها خلال حفل تنصيبه في مسجد الامين وسط بيروت، بحضور شخصيات رسمية وسياسية ودينية، قال: “ماذا تسمون حالتنا نحن في لبنان، إن لم تكن قد بلغت حدود الجريمة الأخلاقية؟ لم يتمكن المجلس النيابي اللبناني حتى الآن من الالتئام في جلسة مخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية، مع أنّ هذا المجلس قد تحول إلى هيئة انتخابية وأصبح انتخاب الرئيس الجديد الذي هو الرئيس المسيحي الوحيد في العالم العربي هو واجبه الأول. ولا تستطيع حكومتنا الاتفاق على طريقة أو نهج لإخراج جنودنا من احتجاز المسلحين الذين يبلغ بهم الإجرام أن يذبحوا بعض الجنود المحتجزين كأنما هم نعاج، تاركين أمهات وزوجات ثكالى، وجماعات مبتلاة بالغضب واليأس والأسى والخطأ والانتقام، ولماذا كل هذا؟ لأنه لم يجر الاتفاق على طريقة لحماية حدود الوطن وإعادة الاعتبار للدولة ودورها وسلطتها وهيبتها وعدالتها، وإعادة الاعتبار للانسان في لبنان”.
وأضاف: “نطلب العمل على حماية الوطن والدين والدولة باسم المواطنين الذين عانوا ويعانون في كرامتهم وحريتهم ودينهم من السلاح والمسلحين الخارجين عن سلطة الدولة، وعن أعراف العيش المشترك وقواعد السلم الأهلي”، داعياً إلى “التمسك بالعيش المشترك الإسلامي المسيحي، وباتفاق الطائف، والالتزام بنهج السلم والسلامة والإسلام الكفيل بحماية الإنسان والأديان والأوطان”.
وأكد دريان “التمسك بنهج السلم والاعتدال، وإدانة التحريض على العنف والإرهاب أو تسويغه باسم الدين، والالتزام بالحوار ونهج العيش المشترك بين مكونات الجماعة الوطنية، وحماية النسيج الوطني الواحد من الفتن الطائفية والمذهبية المصنوعة والحقيقية”.
وشدّد على أنّ “دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية ستبقى عاملة من أجل السلم الأهلي والوطني، ومن أجل خير لبنان وشعبه”، وقال: “إنّنا سنعمل مع اللبنانيين جميعاً بكل عزيمة وإصرار على صون الوطن والدولة والمؤسسات”.