بعد ايام على كلام وزير الطاقة أرتيور نظريان أن الظلام سيعم لبنان في حال استمر “احتلال” مؤسسة الكهرباء من المياومين، شهد لبنان “بروفة” عن هذا الظلام عبر انقطاع التيار الكهربائي عن معظم المناطق لساعات، على ان يكون التعتيم شاملا وكاملا في أقرب وقت ممكن اذا لم تعالج أزمة المياومين، وفق ما أكدت مصادر الكهرباء لـ “النهار”.
وفق البيان الرسمي الصادر عن مؤسسة الكهرباء، فإن العطل الطارىء حصل عند التاسعة والنصف قبل ظهر أمس بعدما تعرضت الشبكة لصدمة على خطي البوشرية – الجمهور 66 ك.ف. ما أدى الى انفصال كامل مجموعات الإنتاج عن الشبكة وتاليا انقطاع التيار الكهربائي عن معظم المناطق.
ولكن للمياومين رواية أخرى. إذ أكدت مصادرهم أن انقطاع التيار “المقصود” جاء في اطار الضغط على اللبنانيين من أجل ايهامهم بأن المشكلة سببها المياومون، ولكن الحقيقة أن كل ما يحصل في “الكهرباء” بدءا من المذكرة التي أصدرها المدير العام للكهرباء كمال حايك وصولا الى تهديد وزير الطاقة بالظلام الذي سيعم لبنان، ما هو الا مقدمة لسيناريو محتمل عن امكان التخلي عن مقدمي الكهرباء وتمييع الاهدار الذي تسببت به، والقاء تهمة فشلهم على تحرك المياومين. وللدليل على صحة هذا السيناريو، تشير المصادر الى ان “الخطة” بدأت عندما أصدر حايك المذكرة التنفيذية بعدد الشواغر والتي حددها بنحو 879 وظيفة شاغرة، علما أن المذكرة التي كانت اعدت تتضمن 1400 مركز شاغر، مع الاخذ في الاعتبار وجود شركات مقدمي الخدمات. وهذا الامر جاء اثر مذكرة وزارة الاقتصاد التي أشارت الى بعض شركات مقدمي الخدمات يتعاملون مع شركات اسرائيلية في موضوع العدادات الذكية، وهذا الامر يعني فشل مشروع العدادات الذي يرتكز عليه مشروع مقدمي الخدمات. ووفق المصادر، تم التلاعب بأعداد الشواغر لإثارة اعتراض المياومين، خصوصا وانه من المعروف أن عدد الشواغر في المؤسسة، حتى في الفترة التي كان فيها الوزير جبران باسيل وزيرا للطاقة، لم ينخفض عن 1050 وظيفة شاغرة…. وأكثر فإنه في العام 2012 حدد حايك عدد الشواغر بنحو 1200 مركز، علما انه في كل سنة يحال على التقاعد نحو 80 موظفاً، وتاليا فإن هذا العدد يضاف الى عدد الشواغر ليصبح نحو 1400.
على خط المعالجات، أشارت المصادر الى أن اتفاقا كان على وشك الولادة برعاية مرجعيات كبيرة، يقضي بأن تصدر الادارة بيانا تلفت فيه الى انها ملتزمة قرارات مجلس الخدمة المدنية، على أن يفك المياومون اعتصامهم لبدء الحوار مع المؤسسة، ومن ثم يبنى على الشيء مقتضاه. وهذا ما حصل فعلا إذ اعلنت المؤسسة اثر اجتماع لمجلس ادارتها أنها ملتزمة “سقف القانون وصلاحيات مجلس الخدمة المدنية، وذلك بما يتوافق مع حاجات المؤسسة وصلاحياتها التي أعطيت لها بموجب القوانين المرعية الإجراء وبما يؤمن ديمومة القطاع الذي تديره”. ولكن ما اثار ريبة المياومين هو عدم توقيع المدير العام للبيان، واعتبروه بمثابة فخ لهم.
الا ان مصادر مؤسسة الكهرباء نفت ما ذكرته مصادر المياومين، لافتة الى أنه لم يحصل سابقا ان وقع حايك اي بيان يصدر عن المؤسسة. وأكدت أن” المؤسسة لم تغلق أبواب الحوار مع المياومين لكنها في انتظار أن يفتحوا أبواب المؤسسة لمباشرة الحوار، إذ من المستحيل المباشرة به على الطريق”، معتبرة أن “الاجتماع الذي عقده امس وزير الطاقة ارثيور نظريان مع حايك وأعضاء في مجلس الإدارة والبيان الذي صدر عنه يأتيان في اطار المساعي لحل الأزمة”، وتاليا فإن الكرة الآن في ملعب المياومين.
وعن الفترة التي يمكن أن تستمر المؤسسة خلالها في توفير الكهرباء في ظل وضع مماثل، أوضحت المصادر ان “الامر لن يطول كثيرا، وبعدها سيغرق لبنان في الظلام”.
وبالعودة الى العطل الذي طرأ أمس وتسبب في قطع التيار عن مناطق عدة، اعلنت المؤسسة أن العمل بدأ لإعادة ربط المجموعات تدريجا بالشبكة، اذ تم ربط مجموعات الإنتاج في معملي دير عمار والزهراني والباخرتين التركيتين، على ان يتم استكمال العمل في الساعات المقبلة لإعادة الوضع الى طبيعته. وأشارت المؤسسة في الوقت عينه إلى صعوبة تحديد وتحليل ما حصل بسبب النقص في المعطيات والمعلومات الدقيقة عن حالة الشبكة لحظة حصول الصدمة، وذلك لعدم توافرها في محطة الجمهور الرئيسية، اذ تتم إدارة الشبكة حاليا بدل ادارتها من مركز التحكم الوطني الموجود في المبنى المركزي للمؤسسة بسبب الوضع الذي لا يزال قائما في هذا المبنى”. إلا أن مصادر المياومين استغربت الامر، مشيرة الى انه تم انشاء غرفة تحكم في منطقة الطريق الجديدة (الحرج) وأخرى في مبنى المؤسسة للمراقبة وتحديد الاعطال بكلفة ناهزت الـ 80 مليون دولار. وسألت اذا كانت حجة الإدارة بأن المؤسسة “محتلة”، فماذا عن غرفة التحكم في “الحرج”، ولماذا لا يتم الاستعانة بها، ولماذا الاصرار على أنها لا تعمل؟. ودعت المصادر ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي للتحقق من الموضوع وسؤال الادارة عن الاموال التي صرفت لإنشاء المركز ولماذا لا يعمل؟.
في المحصلة، اذا تم حالياً تصليح الأعطال وعادت الكهرباء الى مجاريها، فمن يكفل عدم العودة الى تكرار هذه الحالة؟