IMLebanon

“الشبكة الآشورية”: هكذا ينكل نظام الاسد بالمسيحيين

christians-new

أعلنت الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان، مركزها جنيف، تقريرها عن “المعتقلين المسيحيين في سجون نظام الأسد”. واعتبرت في مقدمة التقرير أن الأنظمة الاستبدادية والمجموعات الإسلامية المتشددة تشكل أبرز مصادر التهديد لوجود الأقليات الإثنية والدينية والفكرية في منطقة الشرق الأوسط، مشيرةً الى أن أعمال الخطف والاعتقال والقتل الذي تنفذها جماعة “داعش” بمسيحيي العراق، ارتكب هذا التنظيم، بالتعاون مع حلفائه من المجموعات المتشددة في سوريا كجبهة النصرة وغيرها، تمامًا كما دأب النظام السوري أن يفعل منذ آذار العام 2011.

واشار التقرير الى ان المسيحيين الذين انخرطوا الى جانب الحراك الشعبي المطالب بإنهاء حكم الأسد تعرضوا للقتل والاعتقال والتعذيب الشديد على أيدي الاجهزة الأمنية الحكومية، كما تعرضت بعض القرى والبلدات المسيحية للقصف من قبل الجيش السوري النظامي، في صورة تكشف بنية النظام في سوريا، القائم على التنكيل بأي صوت معارض، الى أي جهة أو دين أو قومية انتمى.

واذ دعا التقرير الحكومة السورية الى إطلاق سراح جميع المعتقلين السوريين بشكل فوري، شدد على ضرورة التوقف عن إخضاع المعتقلين الى العنف والتعذيب والمعاملة القاسية، والكشف عن مصير قدامى المعتقلين السريان الآشورين في سجون السلطات السورية.

كما دعت مجلس الأمن الدولي إلى إصدار قرار ملزم لجميع أطراف النزاع في سوريا يقضي بإرسال بعثة أممية خاصة لتحري أوضاع السجون وكشف الانتهاكات المرتكبة في مراكز الاحتجاز الحكومية، وإحالة ملف الجرائم المرتكبة في سوريا إلى محكمة الجنايات الدولية، ومحاسبة المرتكبين فورا.

وشدد التقرير على ضرورة بذل المزيد من الجهود الجادة من أجل وقف الحرب الدائرة على أراضي السورية، داعيًا الى إصدار قرار دولي يلزم أطراف النزاع في سوريا، وفي مقدمها الحكومة السورية، بوقف جميع الممارسات والانتهاكات والارتكابات ضد الأقليات الدينية واللغوية والقومية في سوريا.

ورصدت الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان إثنتين وثلاثين حالة اعتقال ضد المواطنين السوريين من أبناء المكون السرياني الآشوري منذ آذار العام 2011، وتناول التقرير أنماطا مختلفة من الانتهاكات التي ترتكبها السلطات الحكومية السورية، والميليشيات المسلحة التابعة لها ضد المعتقلين لديها، مبنية على الإفادات والشهادات الحية لبعض ضحايا الاعتقال المفرج عنهم، والتي يورد التقرير أجزاء منها بصيغة اقتباسات

وجاء في التقرير:

“شارك السريان الآشوريون في الحراك الشعبي منذ انطلاقه في آذار العام 2011 كغيرهم من السوريين، من خلال أحزابهم السياسية ومؤسساتهم الشبابية والمدنية والنسائية. وقد قوبل هذا الحراك السلمي بالعنف المفرط من قبل السلطات السورية. فقد وثقت الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان اثنتان وثلاثون حالة اعتقال ضد السريان الآشوريين، تم الإفراج عن معظمهم، في حين لازال أربعة آخرون قيد الاعتقال حتى تاريخ إصدار هذا التقرير. وقد ارتكبت جميع حالات الاعتقال هذه من قبل السلطات الحكومية السورية وأجهزتها الأمنية والميليشيات التابعة لها، ووقعت في مدن الحسكة والقامشلي وحلب ودمشق. وطالت هذه الاعتقالات سياسيين وناشطين وقادة رأي في قوى الحراك السياسي والمدني، جميعهم من النخبة المثقفة. وقد ارتكبت أجهزة الأمن الرسمية السورية في معرض اعتقالها لناشطين سريان آشوريين في سوريا أنماطا مختلفة من الانتهاكات، شملت الاعتقال التعسفي، التعذيب الشديد، التجويع، التهديد بالاعتداء الجنسي والمعاملة المهينة وغيرها. وقد بدت هذه الأنماط جلية وواضحة من خلال تحليل ودراسة إفادات المعتقلين أنفسهم”.

وبعدما قدم التقرير شرحا مفصلا عن الاعتقالات، عرض الاستنتاجات الآتية:

1- إن اعتقال النشطاء المدنيين بشكل تعسفي دون إجراءات قضائية ودون محاكمة، واحتجازهم في مراكز غير صحية وغير لائقة، وتعريضهم للتعذيب والمعاملة القاسية والمهينة والحاطة بالكرامة، يشكل خرقا واضحا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية، والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها من أساسيات القانون الدولي لحقوق الإنسان. ولأن هذه الخروقات تنفذ بشكل ممنهج من قبل السلطات السورية ضد مواطنيها المحتجزين لديها، وترد في سياق هجوم واسع النطاق ضد المدنيين خلال النزاع الداخلي المسلح الدائر على أراضي الجمهورية العربية السورية، فإن هذه الممارسات تعتبر خرقا واضحا لاتفاقيات جنيف الأربعة، خصوصا مادتها الثالثة المشتركة، وهي بالتالي ترقى لأن تعتبر جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وفقا للقانون الدولي الإنساني.

2- إن ظاهرة اعتقال السلطات السورية لما يقارب الثلاثين قياديا وناشطا سريانيا آشوريا في سوريا تكشف بما لا يدع مجالا للشك أن النظام السوري يعاقب المسيحيين المعارضين له ويعرضهم إلى الاعتقال والمعاملة القاسية والمهينة، وهذا يكذب الاداعات التي تطلقها هذه السلطات حول حمايتها للأقليات، لأن النظام السوري يحمي من المسيحيين فقط اولئك الذين يقفون الى جانبه، أما من يعترض على سياساته فمصيره الاعتقال والتعذيب أو التهجير أو القتل، وهذا ما حدث مع عدد من الناشطين المسيحيين في سوريا منذ آذار العام 2011، كما وثقت المنظمات المعنية، المحلية منها والدولية.

3- تظهر هذه الاحصائية أن السياسة التي تتبعها الحكومة السورية في اعتقال قادة الحراك المدني في سوريا تؤدي الى إفراغ الساحة السياسية بشكل ممنهج وتدريجي من النشطاء السلميين، والمسيحيين منهم على وجه الخصوص، ربما لتعزيز مزاعم وادعاءات السلطات السورية بأن الحراك الشعبي في مدنها هو حراك إسلامي ديني متطرف. وما يعزز هذا الاستنتاج لدينا هو قيام السلطات السورية بالمقابل بعض الطرف عن القوى المسلحة الإسلامية المتطرفة لتنمو وتتكاثر، ما يبرر للحكومة السورية استبعادها الحل السياسي لإنهاء الازمة من جهة، ويشكل تغطية قانونية تبرر تبنيها الخيار العسكري في مواجهة المطالب الشعبية من جهة أخرى.

4- ظهر جليا خلال المقابلات مع المعتقلين، وفي أكثر من مدينة ومركز اعتقال، استخدام السلطات السورية للورقة الدينية للضغط على المعتقلين السريان الآشوريين من جهة، وللتمييز ضدهم من جهة أخرى، ما يشكل نمطا خطيرا يجب التوقف عنده، وما يمكن تفسيره على أنه سياسة ممنهجة من قبل السلطات السورية خصوصا وأنه تكرر مرات عدة، وفي محافظات مختلفة، وفي أزمنة مختلفة.

5- ينتمي معظم المعتقلين السريان الآشوريين الى النخبة المثقفة، فيهم أطباء، ومحامون، ومهندسون، ومدرسون، وطلاب جامعيون. وهم أعضاء في أحزاب سياسية ومؤسسات مدنية، ولاعلاقة لهم منطقيا بالحراك المسلح والقوى العسكرية، ما ينفي تهمة دعم الإرهاب التي حاولت السلطات السورية إلصاقها بهم، بعضهم اعتقل ثلاث مرات. وجاء في مقدمة هذه المؤسسات المنظمة الآثورية الديمقراطية ب 21 معتقلا (بينهم أعضاء في تنسيقيات الشباب السريان الآشوريين والشبكة الآشورية لحقوق الإنسان)، حزب الاتحاد السرياني بأربعة معتقلين، وحزب الشعب الديمقراطي بثلاثة معتقلين، ومستقلين اثنين بينهم فتاة.

6- شكلت الضغوط التي مارستها السلطات السورية على المعتقلين السريان الآشوريين الذين تم الافراج عنهم دافعا لتخفي أوتهجير عدد من قياديي وعناصر المؤسسات الشبيابية والمدنية، بسبب الاستدعاء المتكرر لبعضهم من قبل السلطات السورية، ومخاوف آخرين من احتمال إعادة اعتقالهم مجددا، وبسبب محاربة البعض الآخر بلقمة عيشهم. كما تسببت هذه الممارسات والضغوط بانكفاء شريحة واسعة من أبناء هذا المكون وتوقفها عن الانخراط في الشأن العام بسبب المخاوف والتهديدات الأمنية، وبالتالي لم تعد هذه الشريحة مؤثرة في المشهد السياسي الذي بدأت تتصدره، إلى جانب النظام، ميليشيات وقوى محلية أخرى ذات توجهات غير ديمقراطية.