تستعد بواخر الصيد الأوروبية للعودة إلى المياه الإقليمية المغربية الأسبوع المقبل، بعد توقف دام ثلاث سنوات بسبب خلافات بين الرباط وبروكسيل حول تفاصيل اتفاق جديد للصيد وشروط ممارسته، على طول 3500 كيلومتر من السواحل وبعمق يصل إلى 200 ميل بحري داخل المحيط الأطلسي.
وأشارت وزارة الزراعة والصيد البحري إلى أن عشرات سفن الصيد الأوروبية، خصوصاً الإسبانية، جاءت إلى موانئ مدينة طنجة للخضوع للفحص التقني الإلزامي، وستستلم رخصة الصيد التي تسمح للسفينة بالصيد في المياه المغربية تحت مراقبة الأقمار الاصطناعية وخفر السواحل. ولفتت إلى أنها ستمنح نحو 120 رخصة لبواخر من دول أوروبية ومن أحجام مختلفة، سيعمل عليها بحارة مغاربة أيضاً. وسيدفع أصحاب البواخر رسوماً للحكومة قيمتها 10 ملايين يورو سنوياً، كما سيدفع الاتحاد الأوروبي تعويضاً للمغرب تصل قيمته إلى 160 مليون يورو لتحسين قطاع الصيد البحري المحلي، وبناء قرى للصيادين وتجهيز مراكبهم وتجديدها.
وكان موضوع الصيد أثار خلافات كبيرة بين المغرب والاتحاد الأوروبي بعدما قرر الأخير زيادة الرسوم على الواردات الغذائية والزراعية من خارج الاتحاد، ومنها المغرب. وأدى الموقف المغربي إلى وقف تنفيذ اتفاق الصيد وفتح مفاوضات مع روسيا لتعويض جزء من الأسواق الأوروبية، ما دفع بروكسيل إلى طمأنة الرباط إلى زيـــادة وارداتها من الخضار والفواكه المغربية ورفع قيمة الدعم المالي في إطار الشراكة إلى نحو 900 مليون يورو مقسّمة على أربع سنوات.
وأفادت مصادر ديبلوماسية بأن ملك اسبانيا فيليب السادس تدخل شخصياً لدى ملك المغرب محمد السادس، لتذليل العقبات أمام اتفاق الصيد البحري الذي يهم في الدرجة الأولى مئات العائلات الاسبانية التي تعيش من عائدات الصيد، خصوصاً في إقليم الأندلس القريب من السواحل المغربية.
ويربط المغرب بين موضوعي الزراعة والصيد البحري ويعتقد أن بروكسيل لم تحترم التزاماتها الموقعة مع الرباط منذ العام 1996 والتي تجعل أي تغيير في المعاهدة يسبقه تشاور بين الطرفين. ويعتزم الاتحاد الأوروبي، الذي سبق ومنح «الوضع المتميز» للرباط، فرض رسوم جديدة على وارداته الغذائية والزراعية، بينها تلك الآتية من المغرب الذي يؤمن نحو 10 في المئة من إجمالي الحوامض والبواكر وبعض أصناف الخضار المستوردة. وتتهم جمعيات المزارعين الأوروبيين نظيراتها المغربية باعتماد يد عاملة رخيصة وغير متعلمة لتحقيق تنافسية في بعض المنتجات، في حين ترد الجمعيات المحلية بأن الدعم المبالغ فيه الذي يحظى به بعض الزراعات في أوروبا، يضعف تنافسيتها الخارجية. وتتهم منظمات من المجتمع المدني بواخر الصيد الأوروبية باستعمال شباك مضرة بالبيئة ومخزون الأسماك، خصوصاً ثمار البحر.
وقرر المغرب سحب رخصة الصيد أو فرض غرامات على كل سفينة لا تحترم قواعد الصيد المتفق عليها مع الاتحاد الأوروبي. وأبلغت الأطراف المغربية نظيراتها الأوروبية أن هذا الاتفاق سيكون الأخير حماية للاحتياط المغربي من الأسماك التي تنتج منها الرباط نحو أربعة في المئة من الإنتاج العالمي.