IMLebanon

أسواق النفط العالمية لا تزال تعاني تباطؤ الطلب وفائض الإمدادات

OilPrice5
نعمت ابو الصوف
ساعد النمو القوي في الطلب على النفط في الولايات المتحدة على تعويض ضعف الاستهلاك العالمي، سواء كان في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأوروبية أو الآسيوية وكذلك في الاقتصادات النامية. تشير البيانات الأولية لشهر آب (أغسطس) الماضي إلى أن اتجاه ضعف نمو الطلب على النفط الذي ساد الربع الثاني من العام مستمر في الربع الثالث أيضا. إن إمدادات النفط العالمية تفوق الطلب العالمي على النفط، وظهر هذا واضحا في حالة “الكونتانجو” Contango لعقود خام برنت، أي أن أسعار العقود المستقبلية “الآجلة” أعلى من الأسعار الفورية، التي تشير إلى وفرة من النفط الخام في الأسواق الفورية. ودفع هذا الفائض في الإمدادات أسعار خام بحر الشمال ــ برنت إلى ما دون حاجز 100 دولار للبرميل.
أسعار خام برنت في الأسواق الفورية dated Brent تم تداولها بنحو 1.2 دولار للبرميل أقل من أسعار تداوله في الأسواق المستقبلية Paper market. على الرغم من تقلص الفجوة بين أسعار عقود خام برنت الفورية وأسعار العقود الآجلة بنحو دولار واحد للبرميل في نحو أسبوع واحد، إلا أنها لا تزال تشير إلى أن أسعار عقود خام برنت المستقبلية لا تزال تشعر بالضغط التنازلي من الأسواق الفورية. في الواقع حالة “كونتانجو” Contango لعقود خام برنت تتعمق مرة أخرى، مما يشير حاليا إلى توقع استمرار فائض النفط الخام الخفيف ــ الحلو في أسواق حوض الأطلسي طوال موسم صيانة المصافي المقبل.
تظهر البيانات الأولية للعرض والطلب على النفط لشهر آب (أغسطس) تفوق العرض بما لا يقل عن 600 ألف برميل يوميا، على خلفية تراجع الطلب العالمي بنحو 250 ألف برميل في اليوم، ونمو المعروض العالمي بنحو 300 ألف برميل في اليوم. هناك أدلة غير مؤكدة بعد تشير إلى أن كميات كبيرة من النفط الخام تتدفق إلى الخزانات العائمة. هذا الاتجاه يشير إلى أن الفائض في الإمدادات يمكن أن يكون أكبر مما تشير إليه البيانات الحالية.
الطلب على النفط في الولايات المتحدة في آب (أغسطس) وصل إلى 19.5 مليون برميل في اليوم، أي فوق مستويات الشهر نفسه من العام الماضي بنحو 330 ألف برميل في اليوم. في حين تشير البيانات الأسبوعية لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية إلى أن مستوى الطلب على النفط هو في الواقع أعلى من ذلك بنحو 350 ألف برميل في اليوم، لكن على ما يبدو أن بيانات إدارة المعلومات قللت من شأن صادرات الولايات المتحدة من المنتجات النفطية، وأضافتها ضمنيا إلى الاستهلاك المحلي.
مما لا شك فيه أن الاقتصاد الأمريكي يتسارع. حيث إن نسب البطالة في انخفاض، مع تعافي النشاط التجاري وتعزيز الطلب على وقود الديزل. مبيعات السيارات الأمريكية ترتفع بمعدلات قوية، ولكن في الوقت نفسه الكثير من السيارات الأكثر كفاءة في استهلاك الوقود تحل محل الأسطول القديم. نتيجة لذلك، كان استهلاك البنزين في آب (أغسطس) أقل قليلا مما كان عليه في العام الماضي ــ حسب البيانات الأسبوعية لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
تشير البيانات الأولية لآب (أغسطس) إلى أن الطلب الكلي على النفط لدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية كان ثابتا تقريبا على مدى العام، بفضل ارتفاع الطلب في الولايات المتحدة. ضعف الأداء الاقتصادي في أوروبا والحملة المستمرة في اليابان لتحسين الكفاءة وخفض حرق الوقود في محطات توليد الكهرباء، أدت إلى ضعف الطلب في تلك المناطق.
تشير البيانات الأولية أيضا إلى استمرار ضعف الطلب على النفط في الصين والهند، حيث ارتفع بمعدل 2 في المائة فقط على مدى العام، لكن من المرجح أن يشهد البلدان بعض التنقيحات نحو الأعلى. وشهدت منطقة الشرق الأوسط، أمريكا اللاتينية وإفريقيا نموا قويا في الطلب على النفط في آب (أغسطس)، في حين تشير البيانات الروسية غير الرسمية إلى تقلص نمو الطلب مرة أخرى على خلفية العقوبات الغربية المفروضة عليها بشأن سياساتها في أوكرانيا.
من ناحية العرض، تشير البيانات الأولية إلى أن إمدادات النفط العالمية ارتفعت خلال آب (أغسطس) بنحو 270 ألف برميل في اليوم مقارنة بتموز (يوليو)، على الرغم من تراجع إنتاج بحر الشمال بنحو 290 ألف برميل في اليوم بسبب أعمال الصيانة الدورية. كما تراجع إنتاج بعض دول منظمة أوبك لصعوبة العثور على أسواق في ظل وفرة الإمدادات في حوض الأطلسي. في الوقت نفسه انخفض إنتاج المكثفات النفطية من روسيا بنحو 90 ألف برميل في اليوم، حيث انكمش إنتاج شركة غاز بروم من النفط والغاز بسبب مشكلات في النقل، والعقوبات الدولية ذات الصلة بالوضع في أوكرانيا.
من ناحية دول منظمة أوبك، كانت الأرقام الأولية لآب (أغسطس) متباينة، لكن مع ذلك تشير البيانات إلى أن إنتاج المنظمة ككل ارتفع في المتوسط بنحو 100 ألف برميل في اليوم أو نحو ذلك. في الوقت نفسه استمر نمو إمدادات النفط من الولايات المتحدة، وتعافى الإنتاج الكندي إلى معدلاته الطبيعية، مدعوما بنمو الإمدادات من مصادر الرمال النفطية في ألبرتا، التي عوضت تقريبا انخفاض الإنتاج من بحر الشمال. في حين أن ارتفاع الإنتاج من باقي المنتجين من خارج منظمة أوبك، الذي أتى معظمه من المكسيك، البرازيل، كولومبيا وكازاخستان، غطى على انخفاض الإنتاج الروسي. في المحصلة ارتفع إنتاج الدول من خارج منظمة أوبك بأكثر من 100 ألف برميل في اليوم.
بالنظر إلى الأمام، من المتوقع أن تستمر الصيانة الدورية في بحر الشمال خلال هذا الشهر أيضا، لكن من المرجح أن ينخفض مستوى التوقفات بصورة كبيرة، ولا سيما في المملكة المتحدة، حيث إن جزءا كبيرا من الصيانة السنوية تم إنجازه خلال الربع الثاني من العام. مع ذلك، ليس من المتوقع أن يكون هناك مجال لبدء الإنتاج من حقول جديدة في بحر الشمال باستثناء حقلين صغيرين للغاز في المملكة المتحدة. مع استمرار وفرة الإمدادات في أسواق حوض الأطلسي، ستستمر نيجيريا وأنجولا في النضال لإيجاد أسواق لنفوطهم، والانخفاض في الإنتاج الروسي من المحتمل أن يستمر.