قال وزير الخزانة الأميركي جاك لو إن بلاده تعمل مع الأسرة الدولية من أجل قطع التمويل الذي يحصل عليه تنظيم الدولة الإسلامية, لكنه وصف الأمر بالمعقد.
وأضاف في مؤتمر صحفي في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس “من المهم جدا التعاون مع شركائنا في العالم من أجل تحديد ومحاولة قطع ما يمكن من تدفق التمويل” الذي يحصل عليه تنظيم الدولة الإسلامية.
وأضاف ردا على سؤال “إنها عملية معقدة لأنها ليست شفافة ولا يعرف أيضا مصدر هذا المال ولا الطريقة التي يصل من خلالها.. لكن نحن نعمل على الأمر ونقوم بكل ما يمكننا القيام به من أجل الحد من التدفق المالي هذا”.
صعوبات
ويواجه الغربيون صعوبات كبرى في استهداف تمويل تنظيم الدولة الإسلامية الذي يعتمد وسائل شبيهة بأساليب المافيا تدر عليه الملايين في الأراضي التي يسيطر عليها في سوريا والعراق.
وخلافا لتنظيم القاعدة الذي اعتمد بشكل شبه حصري على الهبات الخاصة، يسيطر مقاتلو الدولة الإسلامية على مناطق شاسعة يفرضون فيها حكمهم فيمارسون عمليات الابتزاز والخطف وتهريب النفط، وصولا الى الاتجار بالقطع الأثرية، بحسب محللين.
وبالتالي فإن من الصعب للغاية أن تستهدف العقوبات الغربية مصادر تمويل التنظيم بالمقارنة مع تجفيف منابع أموال القاعدة، بحسب ما أفاد المحلل في مكتب جينز للاستشارات إيفان يندروك.
ولفت إلى أن نظام عقوبات شاركت فيه أكثر من 160 دولة نجح في نهاية المطاف في الحد من قدرة القاعدة على الحصول على أموال عبر مؤسسات خيرية ومصارف، غير أن هذا لن يكون مجديا حيال تنظيم الدولة الإسلامية الذي يتمتع بمصادر تمويل خاصة به في المناطق التي يسيطر عليها.
ويقول يندروك “إنْ كان بوسع عقوبات مشددة الحد نوعا ما من تحويل الأموال إلى تنظيم الدولة الإسلامية من خارج العراق وسوريا، فإن من الصعب للغاية تقليص مصادر التمويل داخل مناطق سيطرته”.
ولا شك أن تنظيم الدولة الإسلامية هو التنظيم الجهادي الأكثر ثراء في العالم، وهو يستمد أمواله من “ابتزاز التجار المحليين وفرض ضرائب على سائقي السيارات والشاحنات الذين يسلكون الطرقات في مناطق سيطرته”، وفق ما أوضح مسؤول في الاستخبارات الأميركية.
غير أن مصدر الدخل الرئيسي للتنظيم الجهادي يبقى الحقول النفطية التي سيطر عليها في شرق سوريا وشمال العراق. ويقوم أعضاء التنظيم ببيع النفط الخام بأسعار زهيدة لدول مجاورة مقابل مبالغ نقدية ومنتجات مكررة.
تقديرات
وقدر الباحث في معهد بروكينغز في الدوحة لؤي الخطيب مداخيل التنظيم بما يصل إلى مليوني دولار في اليوم بفضل مبيعات النفط.
وقال إن أعضاء التنظيم يكررون النفط في مصاف بدائية ثمّ ينقلونه في شاحنات أو سفن أو حتى بواسطة حمير إلى تركيا وإيران والأردن حيث يباع بسعر يتراوح بين 25 و60 دولارا للبرميل، في حين يبلغ سعر النفط في الأسواق العالمية مائة دولار.
وكتب الخطيب مؤخرا في تقرير أن تنظيم الدولة الإسلامية “نجح في جني ثروة في السوق السوداء بتطويره شبكة واسعة من الوسطاء في الدول والمناطق المجاورة”.
وفرضت واشنطن منذ العام 2003 عقوبات على أكثر من عشرين شخصا يتبعون لتنظيم الدولة الإسلامية أو لتنظيم “القاعدة في العراق” كما كان يعرف سابقا، وأضافت مؤخرا اسمين إلى قائمتها السوداء، بحسب ديفد كوهن مساعد وزير الخزانة الأميركي.
كما تعمل الولايات المتحدة على منع أعضاء تنظيم الدولة من الوصول إلى النظام المالي الدولي.
ويقول خبير الاقتصاد في مركز راند كوربوريشن للأبحاث هاورد شاتز إن الأموال القادمة من ممولين أفراد لا تشكل سوى جزء ضئيل من موارد تنظيم الدولة الإسلامية وبالتالي فإن العقوبات المالية ليست فاعلة جدا في تجفيف مصادر تمويله.
ومن الممكن, من وجهة نظره، الحد من عمليات بيع النفط إذا ما شددت تركيا والأردن إجراءات مراقبة الحدود أو تم التعرف إلى الوسطاء الذين يؤمنون عمليات التهريب.
وقال شاتز -الذي درس مالية المنظمات السابقة للدولة الإسلامية- إنه رغم صعوبة قطع التمويل عن التنظيم، إلا أنه يبقى من الممكن للجهود الدولية أن تشمله، وهو ما حدث في الماضي.