Site icon IMLebanon

جفاف غير مسبوق يهدد محصول البن في البرازيل

FinancialTimes
إميكو تيرازانو

أصبحت قراءة سلامة أغصان وبراعم وجذور أشجار القهوة في البرازيل هي الشيء الأهم بالنسبة لملايين الدولارات التي يمكن كسبها أو خسارتها بعد جفاف مدمر أصاب البلاد في بداية هذه السنة.
يقول كيث فليري، رئيس أبحاث قسم القهوة التابع لشركة التجارة بالسلع، إي دي وإف مان، “يدور كل الحديث في هذه الأيام بين محمصي القهوة والمحللين ومديري صناديق التحوط حول علم الاقتصاد الزراعي للقهوة”.
ويضيف “بالنظر إلى الجفاف غير المسبوق، كان على قطاعي الصناعة والتجارة أن يزيدا من معرفتهما بالعجز المائي وأثر ذلك على النباتات”.
وتعد البرازيل أكبر منتج للقهوة في العالم، بنسبة تبلغ نحو 35 في المائة من الناتج الكلي للعالم. وكانت مشكلة الطقس الرئيسة بالنسبة لمزارعي القهوة في السابق هي الصقيع.
ولم يكن سوى عدد قليل من المزارعين وتجار القهوة يكترثون لعواقب الحرارة والجفاف. لكن اقتران عاملي تحرك المزارعين باتجاه الشمال نحو خط الاستواء، مع تغير المناخ، يعني أن الجفاف أصبح يشكل مشكلة متزايدة في سوق القهوة.
يقول جيمس هيرن، الرئيس المشارك في شركة الوساطات في السلع، ماريكس سبيكترون، في لندن “لا يوجد في ذاكرتنا الحية جفاف مثل الذي شهدناه في الأشهر الثلاثة الأولى من هذه السنة. هناك عوامل لبس هائلة”.
ووصل سعر صنف “أرابيكا”، وهو أعلى نوعية من حبوب القهوة، إلى 2.19 دولار للرطل الواحد في نيسان (أبريل)، بسبب التوقعات بضعف المحصول البرازيلي لعام 2014. لكن الوضع بالنسبة للعام المقبل أصبح يقسم الآراء حول الأسعار. ويقول هيرن، “نحن نعيش أكبر انعطافة لم تشهد القهوة مثيلا لها منذ زمن بعيد”.
ويجمع العاملون في هذه الصناعة على أن محصول البرازيل من القهوة لعام 2014 سيستقر عند نحو 48 مليون كيس سعة 60 كيلو جراما، انخفاضا من 54-55 مليون كيس في العام الماضي، لكن التوقعات لعام 2015 تراوح بين 40 و53 مليون كيس.
ويتوقع أن يكون المجموع التراكمي لمعروض البرازيل من القهوة في عامي 2014 و2015 بين 92 و102 مليون كيس، وهو الذي يشكل الفرق في الأسعار بين 3 دولارات و1.5 دولارا للرطل الواحد.
ويراهن المستثمرون المتفائلون المدفوعون للاستثمار في صناديق التحوط ومستثمرون ماليون آخرون، على المحصول الضعيف لعام 2015، يدعمهم في ذلك خبراء في صناعة القهوة. ويقول أشخاص عارفون بشؤون النبات، إن الجفاف الذي بدأ هذه السنة أعاق نمو العقد البرعمية التي تنتج أزهار حبوب القهوة.
وتكون فترة الإزهار الرئيسة عادة في شهري تشرين الأول (أكتوبر) وتشرين الثاني (نوفمبر)، بعد موسم أيلول (سبتمبر) الماطر، لكن المجموع التراكمي غير الموسمي للأمطار أثناء فترة الأيام الـ30 الأخيرة أدى إلى إزهار مبكر للأشجار، الأمر الذي سيؤثر على ناتج السنة المقبلة.
وحذر بعض المحللين من أن المناخ الجاف ربما أضر أيضا بجذور بعض النباتات.
ويقول أحد المختصين من العاملين عند تاجر قهوة كبير، “يوجد مشاركون في السوق ممن لا يدركون مدى الضرر الذي أصاب المحصول. بعضهم ينكر حدوث ذلك”.

ويبدو أن الكثير من شركات القهوة المحمصة متفائلة من حالة العرض والطلب السائدة في أسواق السلع الفعلية، وهي مترددة في الانضمام إلى سباق الأسعار المرتفعة. وأحد أسباب ذلك، حسب قول بعض التجار، هو أن الكثيرين يعتبرون أن من الصعب تقديم تنبؤات موثوقة لمحصول السنة المقبلة قبل الإزهار الرئيس، إضافة لوجود مستويات مريحة من مخزون القهوة.
وتقدر منظمة القهوة العالمية أن المخزونات التي يمتلكها مستوردو القهوة ارتفعت في شهر يونيو (حزيران) بنسبة 18 في المائة، مقارنة بما كانت عليها في شهر آذار (مارس)، حين ارتفعت من 18.5 إلى 21.8 مليون كيس.
ونظرا للمحصول البرازيلي الوفير في عامي 2012 و1013، فقد كانت الكميات التي تم تخزينها (انتظارا لرفع أسعارها) كبيرة. ويقول ليونيل دي رولاند- فيليبس، المدير في شركة آي آند سميث المختصة في تجارة الشاي والقهوة في جوهانسبيرغ، إنه حسب أقوال الكثير من الشركات العاملة في مجال تحميص القهوة، فإن المستوردين يملكون ما يكفي من القهوة حتى شهر تموز (يوليو) من العام المقبل.
ويضيف “لا يوجد نقص في القهوة سواء في المدى القصير أو المتوسط. هذا هو الواقع”، بالرغم من أن المستوردين سوف يبدؤون بالشعور بالتوتر إذا لم يسفر الموسم المطري البرازيلي عن محصول قوي في عام 2015.
وأثناء ذلك ستوفر عودة كولومبيا القوية إلى أسواق قهوة “أرابيكا” حاجزا واقيا ضد الناتج البرازيلي المتناقص. فقد نفذت هذه الدولة المنتجة للقهوة برنامج تجديد لأشجار القهوة بعد انتشار مرض رويا، الذي يعرف بمرض صدأ القهوة.
ومن المتوقع أن يسجل إنتاج القهوة الكولومبية، المعروفة بنكهتها المعتدلة، أعلى مستوى لها منذ 2007، الذي كان تماما قبيل أن يضرب المرض مزارع القهوة في كولومبيا.
وبالنسبة للوقت الحاضر تتركز الأنظار في سوق القهوة على الأمطار والإزهار في البرازيل، وهو ما سيعطي إشارة واضحة عن الطابع المحتمل لمحصول 2015.
وحتى الآن بقي الطقس جافا، لكن يقال، إن الأمطار ستكون في الطريق. ويحذر أحد التجار “الأمر المخيف هو أنه إذا استمر هطول المطر، عندها ستجد أن الصناديق ستقوم بتصفية.