IMLebanon

معارك النفط تفجّر صراعا مريرا في الصحراء الغربية

FinancialTimes
خافيير بلاس

عندما تبدأ سفينة الحفر المسماة أتوود أتشيفر البحث عن النفط خارج شواطئ إفريقيا الغربية، لن تبدأ هذه السفينة اختباراتها الجيولوجية فحسب، بل ستقحم نفسها أيضاً في صراع مدته 40 عاماً، فيما يسميه البعض آخر مستعمرة باقية في إفريقيا.
الصحراء الغربية هي قطاع من الأراضي القاحلة التي ينتشر فيها عدد قليل من السكان، وتزيد مساحته على مساحة المملكة المتحدة، الصحراء الغربية تابعة للمغرب منذ عام 1975 بعد أن هجرتها إسبانيا، التي استعمرتها سابقاً. ومنذ ذلك الحين تسعى الأمم المتحدة للتوسط لأجل الوصول إلى اتفاقية سلام.
بدأت حملة استكشاف النفط هذه تزيد من حمى المعركة حول مستقبل هذه الأراضي، وسيكون لهذه الحملة مضامين للحفر في مناطق أخرى متنازع عليها مثل كردستان في العراق، وأرض الصومال في القرن الإفريقي.
يقول إيريك هاجين، الذي يعمل مع المنظمة غير الحكومية، ويستيرن صحارى ريسورس ووتش، التي تعارض الحفر “إذا اكتشفوا النفط فسيقلب ذلك الأمور رأساً على عقب”
ستقوم سفينة الحفر، التي تعتبر آخر ما توصل إليه العلم في هذا المجال تحفر بالنيابة عن شركة كوزموس للطاقة المدرجة في نيويورك، وشركة كيرن للطاقة المدرجة في بريطانيا، وشركة النفط المملوكة لحكومة المغرب. وتخطط شركة توتال الفرنسية للحفر في العام المقبل، بينما يراقب كثيرون آخرون في هذه الصناعة التطورات عن كثب.
الحفر في المربع المعروف باسم كاب بوجدور مثير للخلاف بدرجة عالية، فالمنتقدون للحفر يصرون على أنه غير قانوني نهائياً، بينما لا يوافق المؤيدون له على ذلك، على الرغم من أن الكثيرين يقرون بأن حملة الحفر سوف تمتحن إمكانات وأبعاد القانون الدولي.
سيتركز الجدل حول الحكم الذي أصدرته الأمم المتحدة في عام 2002 الذي ينص على أن الحفر في الأراضي سيكون قانونياً إذا تم “لمصلحة السكان”، الذين يعيشون هناك.

الحكم الذي عرف باسم هانس كوريل وهو أعلى مستشار قانوني للأمم المتحدة في ذلك الحين، ينص على أنه إذا “سارت الأمور نحو المزيد من الاستكشاف، دون الأخذ في الاعتبار مصالح وتطلعات سكان الصحراء الغربية، فسوف يكون مخالفاً للقانون الدولي”.

انسحب أغلب شركات النفط العالمية التي حاولت في الماضي الحفر هناك، منها شركة كير- ماكغي الأمريكية، التي انسحبت من الحفر بسبب ضغوط من المساهمين والمدافعين عن حقوق الإنسان. وكانت شركة كوزموس وشريكها المكتب الوطني المغربي للهيدروكربونات والمناجم قد وقعت إعلاناً في العام الماضي، وعدت فيه أن يتم استشارة “السكان المحليين ومن يمثلهم “وأنهم سيستفيدون بإنصاف” إذا اكتشف النفط.

الإعلان لم يذكر شيئاً عن كيف سيتم استشارة السكان أو إذا ما كان هذا يعني أن الرباط ستتحدث مع ما تصف نفسها بالحكومة، وتسمي نفسها الجمهورية الديموقراطية العربية الصحراوية، التي تعمل في المنفى من بلدة تندوف عبر الحدود الجزائرية. ويعيش نحو 40 في المائة من سكان الصحراء الغربية في مخيمات، والبعض منهم لا يزال يعيش الخلاء بعد 40 عاماً من بدء هذا الصراع.
تجاهلت حكومة الرباط في الماضي الحكومة الصحراوية وحكومة تندوف. ويخشى كوريل، الذي أصدر الرأي القانوني للأمم المتحدة بأن هذا سيحدث مرة أخرى.
ومع ذلك تصر شركة كوزموس، التي اشتهرت في عام 2007 بسبب اكتشافها حقلاً نفطياً كبيراً في غانا، بينما فشل كثيرون في ذلك، بأن الحفر يقع مباشرة ضمن الرأي القانوني للأمم المتحدة.
يقول بيل هيز، نائب الرئيس الأعلى لشركة كوزموس، إن استكشاف النفط يمكن أن يساعد على إنهاء الصراع الطويل حول الصحراء الغربية. وهو يقول “يعتقد بعض الخبراء أن اكتشاف النفط في المنطقة المغمورة، يمكن أن يؤدي إلى حل لهذا الصراع الذي استمر طيلة الـ 40 عاماً الماضية”.
وعلى الرغم من أنه بالكاد تصدرت الصحراء الغربية عناوين الصحف في السنوات الأخيرة. إلا أن هذا الصراع بقي مستعصياً على الحل. لقد استمرت حركة البوليساريو المطالبة بالاستقلال بشن حرب عصابات ضد المغرب حتى عام 1991، عندما فتح وقف لإطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة الباب أمام استفتاء حول مصير هذه الأراضي.
ويقول دبلوماسيون إن الأمل الوحيد للوصول إلى تسوية ربما يكون عن طريق مفاوضات مباشرة بين الرباط والبوليساريو، وهي الجناح السياسي لحكومة المنفى في تيندوف. على أنه لا يوجد لأي من الطرفين الحافز للوصول إلى تسوية، وربما تكون حملة الحفر عن النفط عاملاً في تصلب المواقف أكثر.
يقول كوريل: “كلما زادت الموارد المكتشفة في الصحراء الغربية، ومناطقها البحرية، قلت الحوافز أمام المغرب للوفاء بحلول الأمم المتحدة والالتزام بالقانون الدولي”.
يعتبر العثور على النفط بالنسبة للمغرب، وهي المستورد للنفط، مفتاحاً أساسياً لتطورها الاقتصادي. وقال عبد القادر عمارة، وزير النفط المغربي هذه السنة في حديث لصحيفة الشرق الأوسط، إن المغرب تقترب أكثر فأكثر في تحقيق حلمها في أن تصبح دولة إفريقية منتجة للنفط. وأضاف “نحن على بعد أمتار قليلة من الوصول إلى خط النهاية في سباق اكتشاف النفط”.