IMLebanon

جزر “فيرجن” البريطانية تخسر حملتها ضد غسل الأموال

FinancialTimes
ديميتري سيفاستيبولو

منذ فترة طويلة، تجتذب جزر فيرجن البريطانية الشركات الصينية التي تتطلع إلى تسجيل نفسها في مناطق الأوفشور، لكن هذا الملاذ الكاريبي بات يواجه الضغط في هونج كونج، بسبب الجهود العالمية لمواجهة غسل الأموال.

بنك إتش إس بي سي وستاندارد تشارترد، وهما اثنان من المصارف الدولية ذات الحضور المهم في هونج كونج، جعلا من الصعب على الشركات في جزر فيرجن البريطانية، فتح حسابات مصرفية في الأراضي الصينية خلال العامين الماضيين، وذلك وفقاً لمحامين شاركوا في تأسيس الشركات في مركز مالي خارجي في الأوفشور.

وقالت إليز دونوفان، رئيسة مكتب جزر فيرجن البريطانية في هونج كونج المسؤول عن آسيا: “أنت ترى امتثالاً أقوى والمصارف نفسها يجري تنفيرها من المخاطر بشكل أكبر، لذلك يجعلون عملية فتح الحسابات أصعب وأصعب”.

وقالت دونوفان إن كبار التنفيذيين في المصارف المعنية كانوا قد أكدوا أنه ليس هناك تركيز خاص على جزر فيرجن البريطانية، واعترفوا بأن لديها نظاماً جيداً لمكافحة غسل الأموال.

أوروبا والولايات المتحدة بتكثف تدابير مكافحة غسل الأموال لتضييق الخناق على التهرب الضريبي وتمويل الإرهاب، التي تجبر المصارف على تعزيز الامتثال. ومن المتوقع لوزراء مالية مجموعة العشرين أن يناقشوا الإصلاحات لمعالجة التهرب الضريبي، عندما يجتمعون في كيرنز في نهاية هذا الأسبوع. أصبح بنك إتش إس بي سي أكثر حذرا منذ عام 2012، عندما دفع 1.9 مليار دولار كغرامات لتسيير معاملات أموال الاتجار بالمخدرات، وإرسال الأموال من خلال البلدان التي تواجه عقوبات. وفي الشهر الماضي وافق بنك ستاندارد تشارترد على تعليق خدمات المقاصة العالية المخاطر للعملاء في هونج كونج، في صفقة مع الأجهزة التنظيمية في الولايات المتحدة.

وقال كريستوفر بيكلي، وهو شريك في شركة المحاماة كونيرز ديل وبيرمان، إن المصارف كانت تجعل من عملية فتح حسابات لجزر فيرجن البريطانية “تعذيباً”، وهو ما حفز الشركات على أن تدرج في ساموا وجزر سيشل.

وقالت فيونا لو بويديفن، الرئيسة التنفيذية لجيرنسي المالية، التي تعزز الجزيرة كمركز مالي، إن الأمر بمثابة “رواية القصص” كان يرفض فيها بنك إتش إس بي سي فتح حسابات في جزر فيرجن البريطانية.

وقد حبذت الشركات الصينية في هونج كونج جزر فيرجن البريطانية لأكثر من ثلاثة عقود. وفي الوقت الذي كانت فيه بريطانيا تعد العدة لإعادة هونج كونج إلى الصين في عام 1997، سارعت الشركات لإيجاد مؤسسات أفشور وسيطة في منطقة الاختصاص القضائي لحماية أصولها.

يأتي 60 في المائة من الإيرادات الحكومية لجزر فيرجن البريطانية من الخدمات المالية، حيث تشكل آسيا – الشركات الصينية في الأغلب – أقل قليلاً من نصف ذلك.

قبل الأزمة المالية العالمية عام 2007، تفاخرت جزر فيرجن البريطانية بوجود ما يقرب من 750 ألف شركة، أو 34 شركة مساهمة لكل واحد من سكانها البالغ عددهم 23 ألف مواطن.

انخفضت تلك الشركات إلى 404 آلاف شركة في عام 2007 جزئياً نتيجة للأزمة – ولكن أيضاً لأن الشركات الخاملة لم تعد مشمولة في قائمة السجل – قبل الصعود إلى ذروة ما بعد الأزمة في عام 2011، لكنها كانت تنخفض في كل عام منذ ذلك الحين.

وقال مايكل غاجي، وهو شريك في مكتب ميبلز وكالدر، الذي يتخصص في قانون جزر فيرجن البريطانية وجزر كايمان، إنه كانت هناك “هزة بسيطة” في هونج كونج بعد أن عملت المبادئ التوجيهية الجديدة لسلطة النقد في هونج كونج، على تشديد معايير الامتثال.

رفض كل من مصرفي إتش إس بي سي وستاندرد تشارترد التعليق على قضية جزر فيرجن البريطانية. وقال بنك إتش إس بي سي فقط إنه “يتبنى ضوابط الجرائم المالية الأعلى أو الأكثر فعالية ونشرها في كل مكان ندير عملياته”، في حين قال بنك ستاندارد تشارترد “نحن نواصل تشديد الرقابة بشكل عام”.

أدخلت هيئة النقد في هونج كونج مبادئ توجيهية جديدة لمكافحة غسل الأموال في عام 2012، لكنها قالت إنها “لم تكن قد طلبت من المصارف عدم فتح حسابات لعملاء الشركات، الذين يقيمون أو كانوا مسجلين أو يتداولون في ولاية قضائية معينة، مثل جزر فيرجن البريطانية أو جزر كايمان”.

سمعة جزر فيرجن البريطانية في الحفاظ على السرية عانت من ضربة العام الماضي في أعقاب تسرب جماعي لأسماء المستثمرين. ووضعتها فرنسا على القائمة السوداء لكونها بطيئة جداً في تبادل المعلومات مع الأجهزة المنظمة. وقالت دونوفان إن جزر فيرجن البريطانية اتخذت تدابير تصحيحية، وأعربت عن أملها في أن تظهر القائمة قريباً.

قضى أورلاندو سميث، رئيس وزراء جزر فيرجن البريطانية الأسبوع الماضي في هونج كونج والصين لحشد الأعمال. وفي مقابلة قال إن منطقة الاختصاص القضائي واجهت العديد من التحديات، بما في ذلك قضية التسريبات، والقضايا على مستوى الصناعة، مثل القانون التنظيمي الأكثر صرامة، “لكن الواقع هو أن خدماتنا المالية لا تزال قوية. إيراداتنا من هذا لا تزال تنمو”.

وقال جوناثان كليفتون، مدير إدارة آسيا في شركة أوف شور انكوربوريشنز، إن حصة جزر فيرجن البريطانية من السوق في تأسيس الشركات الصينية المساهمة انخفضت من 80 في المائة إلى 60 في 65 في المائة منذ عام 2012.

وقال كليفتون، إن جزر سيشيل اكتسبت 20747 شركة مساهمة جديدة من جميع أنحاء العالم العام الماضي، وهو ارتفاع سنوي نسبته 24 في المائة. وارتفعت التسجيلات الجديدة في جزر ساموا 38 في المائة لتصل إلى 5648 شركة. وقال محامون إن بنك إتش إس بي سي لم يفسر السبب في أن جزر فيرجن البريطانية أصبحت تحت ضغط أكبر من أماكن مثل جزر سيشيل وساموا. وقال كليفتون إنها كانت تستهدف المنطقة جزئياً بسبب عدد المرات التي أظهرت فيها ما يسمى “تقارير المعاملات المشبوهة”، التي أصبحت جزر فيرجن البريطانية بسببها “ضحية نجاحها الذاتي”.

وقال شخص مطلع على القضية إن موظفي بنك إتش إس بي سي قالوا إنه كانت هناك بعض المشكلات تعمل على تكامل أنظمة مخاطر البنك على الصعيد العالمي، وهو ما يعني أن تعاملاً واحداً لجزر فيرجن البريطانية، تشمل عدة ولايات قضائية يمكن أن يبرز عدة مرات. ونفى بنك إتش إس بي سي وجود مثل هذه المشكلات.