إلين مور
عانت شركات الأسواق الناشئة من هزائم استثمارية منكرة من قبل، لكن قلة منها كانت لا هوادة فيها مثل موجة بيع شهدتها هذا الشهر.
فخلال تسعة أيام عمل تراجع مؤشر فاينانشيال تايمز للأسواق الناشئة – مركب من أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم النامي – بسبب مخاوف بشأن ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وتراجع النمو الصيني. وأشارت تقارير إعلامية محلية من الصين إلى أن قرار بنك الشعب الصيني ضخ أموال في النظام المصرفي عمل منذ ذلك الحين على رفع معنويات المستثمرين، ما أدى إلى توقف الانخفاض.
فهل كانت التشنجات نتيجة توقعات من نوبة غضب أخرى – وهو تراجع متعلق بزيادات أسعار الفائدة الأمريكية في المستقبل – أم مجرد تصحيح قصير الأجل بعد أشهر من المكاسب كانت أثناءها أسهم الأسواق الناشئة واحدة من فئات الأصول الأفضل أداء في العالم؟
بالنظر إلى أداء أسهم الأسواق الناشئة منذ الأزمة المالية، يبدو الانخفاض بنسبة 5 في المائة في منتصف أيلول (سبتمبر) انخفاضاً حميداً نسبياً. خلال “نوبة غضب من الانسحاب التدريجي” صيف عام 2013، كانت تلميحات إلى أن الولايات المتحدة ستقلص برنامج شراء السندات قد أثارت عمليات بيع كثيفة لأصول الأسواق الناشئة. ودفع ذلك مؤشر فاينانشيال تايمز للأسواق الناشئة إلى أدنى بنسبة 17 في المائة بين أيار (مايو) وتموز (يوليو).
وفي كانون الثاني (يناير) سحب المستثمرون 12 مليار دولار من صناديق أسهم الأسواق الناشئة خلال شهر – فزعين مرة أخرى بسبب مخاوف من انسحاب تدريجي يقوم به الاحتياطي الفيدرالي بشكل سابق للمتوقع، وذلك وفقا لـ “أي بي إف آر جلوبال” التي ترصد صناديق التجزئة.
ويقول إدوين جوتيريز، مدير المحافظ المالية في أبردين لإدارة الأصول: “إن ارتفاع لسعر الفائدة الأمريكية هو أكبر خطر على هذه الفئة من الأصول”. ويضيف: “هذا شيء لا يمكننا تجنبه”.
وكان من المفترض أن يكون التسهيل الكمي إجراء طارئاً، لكن رد الفعل المذعور من المستثمرين يوضح مدى الصعوبة التي ستواجهها البنوك المركزية في رفع أسعار الفائدة وإنهاء عدة تريليونات من البرامج لشراء السندات، التي ينسب إليها الفضل في إبقاء أسعار الأصول مزدهرة في كافة الأنحاء الغريبة من السوق. وارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة يجعل عائدات الاستثمار من الأسهم والسندات في دول مثل الصين والبرازيل أقل جاذبية.
وهذا الصيف قال معهد التمويل الدولي، وهو الجمعية العالمية للصناعة المالية، إن تدفقات المال تلك في الأسواق الناشئة قد تنخفض نحو 100 مليار دولار، إذا توقع المستثمرون من الولايات المتحدة رفع أسعار الفائدة من 0.25 في المائة إلى 0.75 في المائة.
ووفقاً لبنك التسويات الدولية، المعروف باسم بنك البنوك المركزية، فإن مواكبة تسديد الديون وإعادة تمويل القروض يمكن أن تصبح أيضاً أكثر إيلاماً. وتشير حسابات البنك إلى أن بلدان الأسواق الناشئة، فيما بينها، أصدرت 375 مليار دولار من السندات الدولية بين عامي 2009 و2012 – أي أكثر من ضعف الكمية التي جُمعت في السنوات الأربع السابقة.
وتكاليف الاقتراض في الأسواق الناشئة تظهر عليها بالفعل علامات الإجهاد. ويبين مؤشر جيه بي مورجان للسندات الناشئة العلاوات المطلوبة من قبل المستثمرين مقابل وضع أموالهم في سندات الأسواق الناشئة، بدلاً من سندات الحكومة الأمريكية، أنه ارتفع الأسبوع الماضي إلى أعلى نقطة فيه خلال شهر.
وكان المستثمرون على أحر من الجمر في الأسبوع الماضي، لمعرفة ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي سيقدم أي تلميحات جديدة بشأن متى سيأتي أول ارتفاع في أسعار الفائدة الأمريكية.
لكن مانيك نارين، استراتيجي الأسواق الناشئة في بنك يو بي إس، يجادل بأن التدقيق في كل حرف في بيانات الاحتياطي الفيدرالي ليس الطريقة الوحيدة للتفكير في المخاطر في الأسواق الناشئة. ويقول: “ظل نمو الصادرات عبر الأسواق الناشئة باهتاً للغاية وهذا يؤثر سلباً في نمو الناتج المحلي الإجمالي. وكانت البيانات في البرازيل وجنوب إفريقيا والصين مخيبة للآمال بشكل خاص”.
وعلى الرغم من المخاطر، إلا أن أسهم وسندات الأسواق الناشئة كانت من بين الأصول الأفضل أداء لهذا العام حتى الآن. ويقول كريس ويتمان، رئيس نقابة المخاطر العالمية لدى دويتشه بانك، إن سلسلة المكاسب لم تنته بعد. فحتى نهاية آب (أغسطس) كان مؤشر فاينانشيال تايمز للأسواق الناشئة قد أعطى عائداً يزيد على 13 في المائة، مقابل عائد بنسبة 6 في المائة في مؤشر فاينانشيال تايمز للأسواق “المتقدمة”.
ويضيف ويتمان: “لقد كان لدينا عام قوي، وشهر آب (أغسطس) إيجابي للغاية بالنسبة للأصول الخطرة، بما في ذلك الأسواق الناشئة، ولكن واجهت في الآونة الأخيرة ارتفاعا في التقلب”. ويتابع: “لا يزال النمو العالمي مستقراً، والبنوك المركزية لا تزال داعمة، ويستمر المستثمرون في الحصول على النقد، لذلك أعتقد أن التقلب مجرد ترسيخ للمدى القصير من المكاسب الأخيرة”.