من المنتظر أن تفضي نتائج مراجعة خاصة بجودة الأصول المصرفية في منطقة اليورو إلى عمليات إعادة هيكلة تؤدي بدورها إلى حالة من اللبس للمصارف والمساهمين فيها.
ووُصِف التحقيق الذي يقوده البنك المركزي الأوروبي بأنه فرصة حاسمة لإنهاء أزمة الثقة العالقة التي تعرقل الإقراض في المنطقة. لكن في ظل عدم اليقين الكبير حول النتائج المحتملة في نهاية الشهر المقبل، يحذر مراقبو العملية من أن النتيجة قد تكون أقل حسماً مما قد يأمل بعضهم.
الأجوبة الأولية التي ألقتها العملية في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي ستترك مناطق غير واضحة ومجالاً للمساومة، كما أن التداعيات الكاملة لما يُسمى مراجعة جودة الأصول التي تكمن في صميم العملية ربما لا تصبح واضحة لعدة أشهر. ومع بقاء أسابيع فقط على كشف النتائج، لا يوجد إجماع واضح على ما ستكون عليه النتيجة.
وأظهر استطلاع للرأي أجراه “جولدمان ساكس” بين مستثمري المؤسسات أن تسعة مصارف من المتوقع أن تحصل على نقص في رأس المال، بقيادة بنك مونتي دي باشي دي سينا، وكوميرزبانك، وميلينيوم بي سي بي، وهو ما يؤدي إلى تمويل جمع رأس مال متوقع أن يكون في المتوسط 51 مليار يورو.
مع ذلك، قليل من المستثمرين الآن يتوقعون أن يتم الكشف عن فجوات رأس مال كبيرة، مع انخفاض حاد في عدد المشاركين في الاستبيان الذين يتوقعون أن يتم جمع أكثر من 100 مليار يورو بشكل عام.
نيك أندرسون، وهو محلل مصرفي في “بيرينبرج”، يُحذّر من أن هناك رضا في السوق بشأن تحقيقات السلامة – على الرغم مما يراه أنه قضية متحجرة في النظام المصرفي الأوروبي.
ويقول “الإجماع الساحق هو أن الاختبارات هي حدث آخر وسيكون هناك بعض المشاكل”. لكنه يُضيف “أنا مقتنع بأن هناك حجماً كبيراً من الخسائر المخفية للقروض على نطاق واسع”.
وتحقيقات السلامة عملية بعيدة المدى وتعد الأكثر تعقيدا في تاريخ منطقة اليورو، بتغطيتها لـ 85 في المائة من كافة الأصول المصرفية في المنطقة والتحقيق في أكثر من 130 بنكاً. والعملية، التي تشتمل على مراجعة جودة الأصول ومجموعة من اختبارات الإجهاد، هي محاولة لتجنيب المنطقة المشاكل مع قطاعها المصرفي. كذلك ستكون حاسمة لسمعة آلية الإشراف الموحدة الجديدة للبنك المركزي الأوروبي، التي ستتولى تنظيم المصارف الرئيسية في تشرين الثاني (نوفمبر).
وتتم رؤية أوروبا على نطاق واسع بأنها قامت بإحباط عمليات الانتعاش المصرفية، من ضمنها اختبارات الإجهاد التي قادتها الهيئة المصرفية الأوروبية في عام 2011، التي كانت قد تمت مهاجمتها باعتبارها ضعيفة جداً.
ويجادل المنظمون بأن العملية الحالية كانت لها منافع بالفعل، بإجبارها المصارف في إيطاليا وأماكن أخرى على جمع رأس المال بدلاً من انتظار استئناف الطلبات في تشرين الأول (أكتوبر).
هيو فان ستينيس، المحلل المصرفي في “مورجان ستانلي”، يتوقع أن “الغالبية العظمى” من تعديلات مراجعة جودة الأصول تعرفها المصارف بالفعل ويعتقد أنه تم جمع 47 مليار يورو من رأس المال منذ تموز (يوليو) قبل الاختبارات. ويقول “تلك الأسواق التي خاضت بالفعل اختبارات إجهاد خارجية ستُظهر مفاجآت أقل وجمع رأس مال فقط بسبب التدهور الاقتصادي في البلدان الطرفية منذ الاختبارات الأخيرة”.
ومن المتوقع أن تظهر الأرقام التي تكشف نقص رؤوس أموال المصارف في نهاية تشرين الأول (أكتوبر). مع ذلك، لن تكون القرار الأخير، حيث ستأخذ فقط في الاعتبار بعض التدابير العلاجية التي تتخذها المصارف لتعزيز مواردها المالية في الأشهر الأخيرة.
وبشكل حاسم، سيكون تقييم الفجوات في الميزانيات العمومية صحيحاً حتى نهاية عام 2013 فقط. في حين إن تفاصيل أي جمع رأس مال في عام 2014 – مثل ثمانية مليارات يورو جمعها “دويتشه بانك” في أيار (مايو) – ستكون واضحة في عمليات الإفصاح من قبل السلطات، إلا أن عمليات الميزانيات العمومية الأخرى الأكثر غموضاً التي جرت في عام 2014 لن تكون كذلك.
وهذه قد تضمن مبيعات المحافظ أو وحدات الأعمال أو الخطط لخفض التكاليف. وسعر البيع لمثل هذه الصفقات أو تفاصيل الخطط الداخلية لن تكون مُعلنة دائماً، حيث سيترك الأمر للمحللين والمساهمين لمعرفة التأثير المحتمل في الميزانيات العمومية.
وستأخذ المصارف فترة السماح التي مدتها أسبوعان – حيث عليها الخروج بخطط لسد أي فجوة في رأس المال – لتحقيق أفضل النتائج التي توضح كون التخفيضات الحالية أو المقررة مهمة لاحتساب تحسين مواردها المالية بشكل أكثر إيجابية. تفاصيل هذه الخطط، التي سيتم تقديمها للبنك المركزي الأوروبي، لن تكون علنية، وذلك وفقاً لشخص مُطلع على العملية. كينر لاكاني، المحلل في مجموعة سيتي، يُقدّر نقصا أولياً يبلغ 28 مليار يورو في القطاع، ينخفض إلى 12 مليار يورو فقط بمجرد أن يتم أخذ إصلاحات الميزانية العمومية في الاعتبار. هذه العملية ستؤدي إلى مجموعة من التداعيات بعيدة المدى أكثر. نيكولاس فيرون، من معهد بيترسون الاستشاري، يتوقع نقاشات مكثفة بين المصارف والمنظمين بعد نتائج مراجعة جودة الأصول، مع نتيجة تتمثل في أن بعض المصارف سينتهي بها المطاف بتعديل الممارسات المحاسبية والتقييم. وهذا قد يكون له أثر كبير طويل الأجل في رأس المال التنظيمي – ويجادل بأن عديدا من المساهمين ليسوا مستعدين لذلك. ويقول فيرون “هذه في الواقع أنباء سيئة – سيتم الشعور بتأثير التقييم الشامل بعد فترة طويلة من تشرين الأول (أكتوبر). وهذا يجعل من الصعب تقييم تأثير مراجعة جودة الأصول في يوم النتائج. قد تكون هناك سلسلة من إعادة الرسملة وإعادة الهيكلة التي ستدوم إلى أبعد من الأشهر الستة إلى التسعة الأولى بعد إعلان تشرين الأول (أكتوبر)”.والبنك المركزي الأوروبي لديه أعمال غير منجزة في مجال حسابات الأصول المرجحة بالمخاطر. وفي الوقت الحالي، قد تكون هناك اختلافات تصل إلى 100 نقطة أساس على نفس المحفظة، اعتماداً على الطريقة التي يتم فيها حساب الأصول المرجحة بالمخاطر في مختلف سلطات الاختصاص القضائي، وذلك وفقاً لتقرير من إعداد المجموعة الاستشارية، أوليفر ويمان، حول المصارف الإسبانية. وفي حين إن البنك المركزي الأوروبي سيحاول أن يجعل جميع المصارف تنتظم على خط واحد، يمكن لهذه العملية أن تستغرق شهوراً أو حتى سنوات. لقد شكت المصارف بمرارة من العبء الكبير للامتثال لمراجعة جودة الأصول واختبار الإجهاد، لكنها ليست سوى البداية لرحلة طويلة مع تسلم منظم منطقة اليورو الجديد الإدارة في فرانكفورت.
مونتي دي باشي دي سيينا
قام البنك القائم في سيينا بجمع خمسة مليارات يورو من إصدار الأسهم للمستثمرين في حزيران (يونيو). وهذا ساعد على تجنّب خطر التأميم ودعم ميزانيته العمومية عن طريق سداد ثلاثة مليارات يورو من الدعم الحكومي البالغ 4.1 مليار يورو الذي حصل عليه. لقد كان فريق الإدارة العُليا الذي يحظى باحترام واسع في البنك المكون من رئيس مجلس الإدارة، أليساندرو بروفومو، والرئيس التنفيذي، فابريزيو فيولا، يقوم بتخفيض الوظائف وبيع الأصول في محاولة لعكس تسعة أرباع سنوية من الخسائر. لكن جوانب اللبس لا تزال تخيّم على ثالث أكبر بنك في إيطاليا من حيث الأصول، الذي يعتبر أقدم بنك في العالم، حيث تأسس قبل 542 عاماً.
كوميرزبانك
في عهد الرئيس التنفيذي، مارتن بلسينج، كان البنك الألماني مشغولاً ببيع الأصول فيما يسمى البنك المتعثر التابع له، بما في ذلك العقارات التجارية، والشحن والتمويل المؤسسي. هذا التنظيف لميزانيته العمومية استمر خلال فصل الصيف مع بيع محفظة بقيمة 4.4 مليار يورو من قروض العقارات الإسبانية. ويعتزم البنك الذي عاد إلى الربحية هذا العام، تخفيض الأصول غير الأساسية من أكثر من 100 مليار يورو العام الماضي إلى 67 مليار يورو بحلول عام 2016. ولا تزال الحكومة الألمانية تملك 17 في المائة من “كوميرزبانك”، ما يجعله موضع تكهنات استحواذ منتظمة. وأصوله الأثمن هي “ميتيلستاندزبانك”، وهو واحد من أكبر المصارف المُقرضة لشركات التصدير الناجحة في ألمانيا.
ميلينيوم بي سي بي
أكمل أكبر بنك مُدرج في البرتغال إصدار أسهم بقيمة 2.25 مليار يورو في حزيران (يونيو) تم استخدامها لسداد قروض حكومية تم حقنها في البنك خلال عملية إنقاذ دولية مدتها ثلاثة أعوام في البلاد. وتضاعفت الأسهم في بنك بي سي بي تقريباً العام الماضي، على عكس منافسه البرتغالي الرئيسي، بنك اسبيريتو سانتو، الذي انهار وسط فضيحة في شركته الأم ذات الملكية العائلية. وكان “بي سي بي” يعمل على تعزيز ميزانيته العمومية عن طريق بيع الأصول، بما في ذلك حصة في أحد المصارف اليونانية وقسم التأمين على غير الحياة التابع له. مع ذلك، لا يزال البنك يخسر، إذ أعلن صافي خسارة تبلغ 62 مليار يورو في النصف الأول من هذا العام.
بانكو بوبولير
أعلن رابع أكبر بنك في إيطاليا من حيث الأصول إصدار أسهم بقيمة 1.5 مليار يورو في كانون الثاني (يناير) في سعيه لتعزيز رأسماله. وإلى جانب إصدار الأسهم، قال البنك القائم في فيرونا “إنه يتوقع تحقيق صافي خسارة تبلغ 600 مليون يورو لهذا العام”. وبعد أن تخلّى عن خططه لبيع حصة كبيرة في مصرفه المتعثر، الذي يملك 3.2 مليار يورو من قروض البنك المتعثرة، قال في آب (أغسطس) إنه “سيسعى لبيعه أجزاء صغيرة، ابتداء من محفظة بقيمة 300 مليون إلى 400 مليون يورو من القروض المتعثرة”. وفي حزيران (يونيو) قال بيير فرانسيسكو، الرئيس التنفيذي، “إنه قد يتطلع إلى فرص دمج بمجرد انتهاء اختبارات الإجهاد ومراجعة جودة الأصول في أوروبا”.
بنك بيرايوس
قام أكبر بنك في اليونان من حيث الأصول بكسر توقّف البلاد منذ خمسة أعوام عن تمويل الأسواق في آذار (مارس) من خلال إصدار سندات ممتازة غير مضمونة بقيمة 500 مليون يورو وإطلاق طرح منفصل للأسهم بقيمة 1.75 مليار يورو. وهذا أظهر أن المستثمرين كانوا مستعدين لإقراض المصارف مرة أخرى في البلدان الطرفية المصابة بالركود وتشجيع المصارف اليونانية المنافسة على أن تحذو حذوه. ولدى “بيرايوس” نسبة القروض المتعثرة الأعلى من بين مصارف اليونان الأربعة الكبرى وقد تكبّد خسائر قبل دفع الضرائب تبلغ 114 مليون يورو في النصف الأول من هذا العام. وقام العام الماضي بالاستيلاء على وحدة العمليات في اثنين من المصارف القبرصية كما أنه مملوك بنسبة الثلثين لصندوق عمليات إنقاذ المصارف في البلاد.