انور عقل ضو
لم تشفع عراقة الموقع والتاريخ لـ«محطة بحمدون» أن تعيش صيفا مقبولا، فالسياحة مؤجلة في بلد مأزوم أمنياً وسياسياً، حتى أن المؤسسات الفندقية والسياحية الكبرى الثلاث قررت للسنة الثانية على التوالي عدم التواجد في البلدة، وأبقت أبوابها مقفلة، رغم محاولات بعضها اللجوء الى استخدام الرسائل القصيرة (SMS) تتضمن عروضا وحسومات، في محاولة لتخطي شبح الإقفال، لكن من دون جدوى.
ويقول رئيس بلدية محطة بحمدون أسطه ابو رجيلي، إن «البلدة دائما جاهزة لموسم الصيف، ولكن الامور الداخلية تعطي انطباعا سلبيا للمستثمر، فيطغى التردد مع حالة من الإحباط»، مشيراً إلى أن «البلدية لم تحصل حتى الآن على جواب للمستثمر ولأصحاب الفنادق، ومن هنا كنا نتمنى على الجهات المعنية اتخاذ إجراءات لملاقاة الصيف، من خلال تبني خطة طوارئ لإنقاذ الموسم في حدوده الدنيا».
والمشكلة أن قطاع السياحة في محطة بحمدون ارتبط بآلاف المصطافين الخليجيين، الذين كانوا يؤمون البلدة عبر البر. ويوضح أبو رجيلي أن «إمكانية توافد المصطافين عبر الحدود اللبنانية السورية مستحيل في ظل الحرب الدائرة في سوريا، وكان اعتمادنا الاساس على آلاف الخليجيين، الذين كانوا يأتون الى بحمدون عن طريق البر. ومن المعوقات حالياً الوضع الأمني، والخدمات شبه معدومة، ومن ثم حلول شهر رمضان في تموز كان له تأثير سلبي، ولدينا تجربة في هذا المجال عندما وفرنا للمصطافين الخليجيين قبل سنتين كل ما يتطلبونه خلال رمضان، ولكن تبين أنهم يؤثرون تمضية رمضان في بلدانهم، ومن هنا كل الامور لا تصب في مصلحة موسم اصطياف ناجح».
يضيف: «ثمة خليجيون يأتون لأسبوع وأيام معدودة، ولكن من دون عائلاتهم، ولا ينعكس حضورهم حركة استثنائية كما كانت الحال سابقا. ومن يأتون هم بمعظمهم من كبار السن، يتفقدون أملاكهم ويعودون الى بلدانهم». التواصل مع وزارة السياحة «دائم»، وفق أبو رجيلي، «لكن ماذا يفعل الوزير ما دامت العتمة عدو السياحة والمياه مقطوعة؟ كيف لمنطقة اصطياف ان تعيش على تغذية بالمياه لا تتعدى النصف ساعة كل عشرة أيام، فيما مناطق أخرى تنعم بخمس عشرة ساعة يومياً؟». ويشير إلى أن «القطاع التجاري بدأ منذ أوائل آب ينشط أكثر، لكن مشكلة الفنادق انها بحاجة الى شراء مياه بـ2000 دولار و500 دولار مازوت لتشغيل مولدات الكهرباء يوميا، ان كان لديها نزيل واحد أو 200 نزيل، ومن هنا نعود ونؤكد أن مشكلة الخدمات تؤثر سلباً، وترفع الكلفة على المؤسسات السياحية والمصطاف»، لافتاً إلى «وجود عدد من الفنادق المتوسطة والصغيرة، تستقبل اخواننا السوريين الميسورين وبعض الخليجيين واللبنانيين ايضاً. السياحة الداخلية قائمة، لكنها لا تكفي وحدها ولا تحدث فرقاً».
ويوضح رئيس البلدية أن «عدد رخص البناء الصادرة عن البلدية تعدى الـ160 رخصة، وهناك ورش عمل انطلقت وثمة من ينتظر أن تتحسن الظروف للبدء في العمل»، مشيراً إلى أن «كل هذه الرخص لمشاريع سكنية وليس لمشاريع تجارية، لأنه الآن ليس هناك شقق سكنية للبيع في محطة بحمدون، وتأتي هذه المشاريع لتلبية الحاجة الاستثمارية». ويرى أن «البلدية هي الحلقة الأضعف، وما عليها إلا تطبيق القوانين»، آسفاً من «بقاء البلديات كإدارات محلية محكومة بالعمل بعقلية قديمة، لا تراعي نواحي التطور وإمكانية تحقيق التنمية المطلوبة، وهذا يتطلب تعديل القوانين وتمكين البلديات من العمل على نطاق أكبر، من خلال إعطائها صلاحيات أكبر، وألا تتلقى الاوامر فحسب».
مع ذلك، نشطت الحركة في السوق الرئيسية، ولا سيما في الليل، الشهر الماضي، حيث استعادت المقاهي والمطاعم بعضا من حيويتها، معتمدة على السياحة الداخلية وعدد قليل من الخليجيين، وإن بدا سوقها الرئيسي نهاراً فاقداً الحركة المعهودة صيفاً». ويؤكد حسين الشمري، وهو من دولة الكويت، أن «لبنان بلدي الثاني ولا شيء يمنعني من المجيء الى لبنان».