Site icon IMLebanon

الإقبال الضعيف على قروض «المركزي الأوروبي» يمهد للتسهيل الكمي

FinancialTimes
كريستوفر تومبسون

عندما يأتي المؤرخون لكتابة قصة البنك المركزي الأوروبي، فإنهم قد ينظرون إلى الوراء إلى يوم الخميس الماضي، إلى تلك اللحظة التي بدأ فيها العد التنازلي لـ “التسهيل الكمي”.

في حزيران (يونيو) الماضي قدم ماريو دراجي، رئيس البنك المركزي الأوروبي، للمصارف 400 مليار يورو على شكل قروض رخيصة جداً لمدة أربع سنوات، في محاولة لإنعاش النمو في منطقة اليورو من خلال توسيع الميزانية العمومية للبنك المركزي.

وكان المحللون يتوقعون اقتراض 150 مليار يورو في الدفعة الأولى الأسبوع الماضي، التي “تستهدف عمليات إعادة التمويل الطويلة الأجل” – مع أخذ المزيد في كانون الأول (ديسمبر). لكن استخدام التسهيلات تلك كان منخفضاً بصورة مخيبة للآمال، إذ اقترضت المصارف ما يزيد قليلاً على نصف هذا الرقم.

وبالنسبة لبعضهم، فإن العواقب تعتبر واضحة. يقول لين جراهام تايلور، استراتيجي أسعار الفائدة في رابوبانك: “هذا يجعل التسهيل الكمي التام مرجحا”. وأضاف: “كان البنك المركزي الأوروبي يعتمد على هذه القروض لتعزيز الميزانية العمومية وإضعاف اليورو – لكن في هذه اللحظة لا يبدو أن هناك حتى ما يكفي ليحل محل أموال برنامج إعادة التمويل المستحق LTRO الذي تم تقديمه خلال الأزمة”.

واقترضت المصارف 82.6 مليار يورو وفي الوقت نفسه سددت 19.8 مليار يورو من قروض برنامج LTRO من البنك المركزي الأوروبي، المقدمة بين عامي 2011 و2012. هذا ينطوي على سيولة صافية جديدة تبلغ 62.8 مليار يورو. ويُعتقد أن أكبر المقترضين سيكونون من البلدان الطرفية، خاصة إيطاليا التي توقعت وزارة المالية فيها قروضاً بقيمة 37 مليار يورو. وأخذ بنك يونيكريديت 7.7 مليار يورو، في حين استهلكت أكبر خمسة مصارف في إسبانيا 15 مليار يورو، وهو ما يتماشى تقريباً مع التوجيهات بأنها قد تستهلك 30 مليار يورو خلال شهري أيلول (سبتمبر) وكانون الأول (ديسمبر).

ويقول هيو فان ستينس، المحلل لدى مورجان ستانلي: “الخبر السار هو أن المساعدة تقترب من المصارف التي هي في أشد الحاجة إليها [في البلدان الطرفية]”. ويضيف: “بالنسبة لكثير من المصارف الفرنسية أو الألمانية أو مصارف شمالي أوروبا، ومع انخفاض النمو في اقتصاداتها، ببساطة لم يكن من الجذاب مالياً استخدام المال وتخزينه فقط في حالة قد يكون هناك قرض قريب”.

رداً على ذلك، توقعات التضخم على المدى المتوسط – لمدة خمس سنوات، والفائدة على عقود المبادلة لأجل خمس سنوات، التي تأخذ متوسط توقعات التضخم فيها على مدى خمس سنوات بعد مرور خمس سنوات – تراجعت إلى 1.914 في المائة، أي أقل من مستوى القاع الذي كانت عليه خلال أزمة منطقة اليورو.

ومع ارتفاع الآمال بشراء أصول الديون السيادية، حذت الأسهم الأوروبية حذوها. وارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 بنسبة 0.7 في المائة منذ الإعلان. واكتسبت أسهم المصارف 0.8 في المائة، وذلك وفقاً لمؤشر يوروفيرست 300 للشركات المالية. وانخفضت تكاليف التمويل المصرفي – كما تدل على ذلك تكلفة التأمين على سندات الشركات المالية – بنسبة 2 في المائة، وفقاً لماركيت.

وفي الوقت نفسه، ارتفعت عائدات سندات البلدان الأساسية في منطقة اليورو، في حين تراجعت عائدات البلدان الطرفية، التي يمكن أن نتوقع أن تكون المستفيد الرئيسي من التسهيل الكمي.

وكان أحد أكثر الأمور الرادعة لاقتراض البنوك هو عدم اليقين التنظيمي. وسيعلن البنك المركزي الأوروبي الشهر المقبل نتائج تقييمه للميزانيات العمومية في بنوك منطقة اليورو في إطار برنامج “مراجعة جودة الأصول”. كما أن اختبارات الإجهاد الخاصة بسلطة المصرفية الأوروبية لم تأت بعد.

ونتيجة لذلك يتوقع جميع المحللين تقريباً زيادة الطلب في كانون الأول (ديسمبر) في الوقت الذي تخطط فيه المصارف أولويات الإقراض وتكون المخاوف من نقص رؤوس الأموال قد هدأت.

وهناك عائق إضافي هو أن سعر الفائدة على الودائع السلبية للبنك المركزي الأوروبي – وهي رسوم تدفعها المصارف مقابل إبقاء أموالها في البنك المركزي – يعاقب المصارف التي لديها فائض نقدي. لذلك ما لم يكن لدى المصارف قروض مستعدة للانطلاق، لا يوجد حافز يذكر لأخذ قروض البنك المركزي الأوروبي “من باب الاحتياط”.

ويقول سوكي مان، الاستراتيجي في UBS: “إن الأمر لا يتعلق بالسيولة”. ويضيف: “ليس أمراً مسلماً به أن جانب الطلب من معادلة إقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة سيصمد”.

وقال دراجي الشهر الماضي إنه يتوقع عودة الميزانية العمومية للبنك المركزي الأوروبي إلى مستويات عام 2012، وهو ما يعني زيادة بواقع تريليون يورو. ونظراً لاستهلاك TLTRO المخيب للآمال، كل الأنظار تتحول الآن إلى الرافعة النقدية التالية للبنك المركزي الأوروبي: خطة لشراء الأوراق المالية المدعومة بالأصول، وإلى حد أقل، السندات المغطاة.

وهناك خلاف حول حجم سوق الأوراق المالية المدعومة بالأصول. فالأوراق الصادرة منها بلغت في الإجمالي نحو تريليون يورو في نهاية عام 2013 لكن ظلت أحجامه الجديدة منخفضة منذ الأزمة المالية. وبلغ إجمالي حجم هذه الأوراق العام الماضي 76.4 مليار يورو، وهو أدنى مستوى منذ عام 2009، وذلك وفقاً لجمعية الأسواق المالية في أوروبا. ويتم الاحتفاظ بمعظم الإصدارات الجديدة في الأصل من قبل المصارف لأغراض الضمانات من أجل الحصول على قروض البنك المركزي الأوروبي الرخيصة. وإصدار السندات المغطاة منذ بداية العام حتى الآن تبلغ نحو 119 مليار دولار، وهو أدنى حجم منذ عام 2001، وفقاً لديلوجيك. وكما يقول أحد كبار محللي المصرف الذي يتخذ من لندن مقرا له: “الضغط أكبر بكثير مما كان عليه في الماضي. البنك المركزي الأوروبي بحاجة إلى أن يكون نشطاً في هذه المشتريات – وهذا لن يكون سهلاً لأن أسواق الأوراق المالية المدعومة بالأصول وأسواق السندات المغطاة ليست كبيرة للغاية بحد ذاتها”.

وسيعطي دراجي تفاصيل البرنامج في اجتماع السياسة الذي يعقده المركزي الأوروبي في الشهر المقبل. لكن يُنظر إلى مشتريات الأوراق المالية المدعومة بالأصول على أنها خطة طويلة الأمد لإنعاش سوق مريضة من خلال تنظيف الميزانيات العمومية للمصارف وتحرير رأس المال من أجل الإقراض.

الحافز الوحيد على الأمد القصير الذي يبدو في الأفق يظل مخصصات كانون الأول (ديسمبر) من تسهيلات TLTRO. إذا كان الإقبال دون المستوى المطلوب مرة أخرى، عندها سيكون التسهيل الكمي أحد الرافعات النقدية القليلة التي يمكن استخدامها. يقول مان: “سيكون هناك أمل في أن تأخذ المصارف مبالغ أكبر بكثير من نافذة كانون الأول (ديسمبر). لكن بخلاف ذلك ربما يضطر دراجي للبحث عن بدائل”.