اتجه لبنان الرسمي ممثلا برئيس الوزراء تمّام سلام الى الانخراط في أعلى منتدى دولي تشهده الامم المتحدة هذا الاسبوع في افتتاح الدورة العادية للمنظمة الدولية علّ هذا الانخراط في أعمالها واجتماعاتها، ولا سيما منها اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان، يمنحه جرعة دعم فعلية في مواجهته الشرسة مع التنظيمات الارهابية.
وتبعاً لذلك تكتسب اللقاءات التي سيعقدها الرئيس سلام والوفد المرافق له مع كبار المسؤولين الدوليين والغربيين والاقليميين أبعاداً مهمة، بالاضافة الى اجتماع مجموعة الدعم الدولية والكلمة التي سيلقيها سلام أمام الجمعية العمومية، اذ تشكل في مجموعها رفعا لصوت لبنان في الامم المتحدة لحض المجتمع الدولي على أن يقرن وعوده بدعم الجيش ومؤسسات لبنان الدستورية بالافعال السريعة.
وفيما شدد رئيس الحكومة تمام سلام، قبل توجهه الى نيويورك، على جدية الحكومة في السعي لإطلاق العسكريين، لكن لا يمكننا إعطاء ضمانات مؤكدة لأهالي العسكريين لأن لا ضمانة مع الإرهاب، ينتظر أن تحتل قضية العسكريين الحيز الأساس في إطلالة الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في الثامنة والنصف مساء اليوم عبر قناة “المنار”، حيث سيتناول هذه القضية بمختلف جوانبها وأبعادها، ولا سيما المفاوضات الجارية على أكثر من صعيد، بالإضافة الى الاتهامات التي تطلق من بعض الأصوات في “14 آذار” ضد “حزب الله” ربطاً بقضية العسكريين، كما سيتناول الوضع الامني والسياسي في ضوء التطورات الأخيرة في عرسال، بالإضافة الى موضوع التحالف الدولي ضد “داعش” وموقف “حزب الله” منه.
وفيما ينتظر أن يحتل موضوع العسكريين حيزاً بارزاً في محادثات رئيس الحكومة على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، حذر وزير الداخلية نهاد المشنوق من محاولة حرف قضية تحرير العسكريين عن مسارها الصحيح، وقال لـ”السفير” “اننا كدولة لبنانية نواجه قتلة إرهابيين يريدون افتعال فتنة سنية ـ شيعية، واذا استمر الموال الحالي في البلد، ولا أستثني أحداً، فإن ذلك سيؤدي الى خدمة هؤلاء القتلة بالفوضى والفتنة”.
وأعلن أن الاتصالات مفتوحة على مدار الساعة مع القطريين والأتراك ومع كل من يستطيع أن يساعد في تحرير العسكريين، وأضاف: “لا أخفي القول إننا كنا قدمنا تسهيلات غير أساسية كبادرة حسن نية وبدل أن يردوا علينا إيجابا، أقدموا على القتل بالرصاص والعبوات الناسفة.
وقال وزير الداخلية: “إننا نريد ضمانات قاطعة بتوقف الخاطفين عن القتل، قبل الخوض في أي أمر آخر”.
إلى ذلك، قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ”السفير” ان الموفد القطري كان مقرراً وصوله الى بيروت ليل أمس، على أن يتوجه مباشرة الى جرود عرسال للقاء قادة المجموعات الخاطفة.
وفيما قال رئيس بلدية عرسال علي الحجيري لـ”السفير” إن الأيام المقبلة، ستحمل أخباراً إيجابية لأهالي العسكريين، توقعت مصادر متابعة أن يواصل الجيش اللبناني إجراءاته الميدانية في عرسال وجرودها، وقالت لـ”السفير” ان المطلوب من الأهالي أن يتكاملوا في ما يقومون به من تحركات مع الجهدين الحكومي والعسكري “لأننا أصحاب قضية واحدة ولا يجوز أن نفسح المجال للمجرمين بأن يقتلوا عسكريا من هنا وأن يضعوا البلد تحت رحمتهم من هناك، ثم نبادر الى قطع الطرق على أنفسنا وكأن الحكومة أو الجيش هم من خطفوا العسكريين”.
وأشارت المصادر الى أن عرسال نفسها شريكة للدولة في السعي الى التحرر من قبضة مجموعات إرهابية تتخذها وجرودها “منطلقا لاعتداءات يومية على الجيش وقرى البقاع وتضع كل المنطقة على فوهة انفجار وشيك لا يبقي ولا يذر”.
وأوضحت المصادر أن الخطف المضاد وقطع الطرق لا يخدم إلا الخاطفين ويزيد من استنزاف الجيش وباقي المؤسسات الأمنية بدل تركيز الجهود على حماية الأمن الوطني وتحرير العسكريين من قبضة خاطفيهم.
في غضون ذلك، يكثف اهالي العسكريين المخطوفين تحركاتهم الاحتجاجية باقفال طريقي ضهر البيدر والقلمون وغيرها، وفي هذا السياق، أبدت مصادر وزارية شكوكاً في بعض تحركات هؤلاء، وقالت: “إن قسماً منهم يتصرف كأن الحكومة هي الجهة الخاطفة، ولا نقدر على الوقوف يومياً عند خاطر كل منهم بعد أن يطلق تصريحاً أو موقفاً، في حين نسعى 24 ساعة يومياً ونجري اتصالات لا تهدأ مع القطريين والأتراك وكل العالم لحل القضية”.
وذكّرت بأن احتجاز المواطنين الأتراك لدى مسلحي “داعش” في العراق استمر طويلاً ولم نسمع أو نشاهد ما نراه ونسمعه في لبنان. هذا الموضوع دقيق جدا لا نستطيع العمل تحت الضغط للتوصل إلى مخرج، فما يطلبه المسلحون ليس هيناً، يريدون أن نفرج عن موقوفين إسلاميين، الأمر الذي يتطلب عفواً خاصاً، وفي غياب رئيس للجمهورية يستطيع بموجب صلاحياته إصدار عفو خاص تلزم موافقة 24 وزيراً، وهذه مسألة غير هينة وليست في متناول اليد”. وكررت أن القضية تحتاج إلى مزيد من الوقت.
في هذا الوقت، برزت في ازمة العسكريين المخطوفين أساليب ابتزاز جديدة لجأت اليها “جبهة النصرة” التي أتاحت لزوجة العسكري المخطوف علي البزال الوصول الى احد مراكزها في جرود عرسال وسلمتها مطالبها من الحكومة من غير ان تتمكن من لقاء زوجها الرهينة.
وأعلنت رنا الفليطي زوجة العسكري البزال ان الجبهة ابلغتها انها “اجلت حكم الاعدام بحق زوجها لمدة اسبوع واحد شرط ان تستجيب الحكومة للمطالب”. وقالت إن الجبهة “لم تطالب بالافراج عن الاسلاميين في سجن رومية بل طالبت بتسليم جميع الاسرى الذين احتجزهم الجيش اللبناني منذ اليوم الاول لحوادث عرسال، وفتح ممر انساني الى بلدة عرسال، وعدم التعرض للسوريين واهل السنّة”.
واتبعت الجبهة ذلك ببيان في موقع “تويتر” هددت فيه بانها “لن تتعامل بردات افعال والايام المقبلة حبلى بالمفاجآت”. كما اطلقت من جهة اخرى علي سكرية في وادي حميد بعدما كان خطف قبل خمسة ايام.