IMLebanon

استكمال أعمال «سد جنة» خلافا للقانون!

Akhbar
هديل فرفور
الواضح ان هناك ما يشبه الاتفاق على ان إقامة سد على مجرى نهر ابراهيم في منطقة جنة – جبيل يترك اثارا سلبية على البيئة والطبيعة والتراث. يكفي القول ان السد الجاري تنفيذه سيُغرق وادي الفينيقين، ولكن بعيدا عن هذه الجوانب البالغة الاهمية، فالواضح ايضا ان هناك تقارير ودراسات علمية تشكك في جدوى إقامة هذا السد من الناحية الفنية الهندسية، وهو ما يُفترض ان يكون كافيا لإعادة النظر فيه أو التريّث، على الأقل، في استكمال بنائه.

ثمة «استعجال» غير مبرر لاستكمال بناء سد جنّة، يترجمه تجاهل وزارة الطاقة والمياه لتوصيات وزارة البيئة وشروط دراسة الاثر البيئي المفروضة قانونا… فما يتصرف القضاء باستخفاف شديد عبرت عنه قرارات قاضي الامور المستعجلة في جبيل جوزف عجاقة.
في 15/9/2014 أصدر عجاقة قرارا يقضي بوقف الأعمال في بناء السد وتعيين خبير للكشف على الموقع، بناء على شكوى تقدّمت بها «الحركة البيئية اللبنانية» تطالب فيها بوقف الأعمال المخالفة للقوانين وللأنظمة المرعية الإجراء. في 18/9/2014 تبلّغ الخبير مهمة الكشف عن الموقع وأعطي مهلة أربعة أيام لتقديم التقرير. لم ينتظر عجاقة انتهاء تقرير الخبير، فأصدر قرارا جديدا في 20/9/2014 (اي بعد 4 ايام فقط) يقضي بوقف نفاذ مفاعيل قراره السابق. وبذلك تكون الأعمال قد توقفت يومين فقط (توقفت الأعمال من تاريخ إبلاغ الخبير الكشف على الموقع)، واستكملت قبل بت مدى مطابقة الأعمال للأنظمة البيئية والسلامة العامة. هذا التراجع «السريع» يأتي على خلفية اعتراض وجهته «مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان» على القرار، الأمر الذي دفع عجاقة الى وقف مفاعيله «مؤقتًا الى حين فصل الاعتراض»، فضلا عن تكليف الجهة المعترض بوجهها (الحركة البيئية اللبنانية) تقديم جواب ضمن مهلة 24 ساعة من تاريخ التبليغ، على أن تقام جلسة المرافعة نهار الجمعة المقبل. «الحركة البيئية» سلّمت جوابها، أمس، وفق ما يؤكد رئيس الحركة بول أبي راشد.

جواب «الحركة البيئية»

ارتكزت دعوى الاعتراض، التي رفعتها مؤسسة المياه، على تقرير شركة «SAFEGE” (الشركة الاستشارية الفرنسية العالمية التي أوكلت اليها «مؤسسة المياه» نفسها دراسة سد جنة)، ووثيقة إحالة رد على تقرير الاستشاري («خطيب وعلمي» وشركة «ألتيريا»)، فضلا عن صورة إنذار وجهته الشركة الملتزمة الى وزارة الطاقة تفيد بالزامية دفع غرامة تبلغ 150 مليون ليرة عند كل يوم تُعطَّل فيه أشغالها.

الحركة البيئية وجدت في هذه الإسنادات العديد من المغالطات التي من شأنها أن تدين إقامة السد نفسه، وبالتالي لا تصح لاعتمادها حجة منطقية لاتخاذ قرار التراجع عن وقف الأعمال، وفق ما قال أبي راشد. فمؤسسة المياه اعترضت على الدعوى انطلاقا من انتقادها لتقرير الاستشاري الذي يجاوب على تقرير للوكالة الألمانية الرسمية المكلفة التعاون التقني مع لبنان في موضوع المياه (BGR)، الذي يحذّر من خطر السد على مياه مغارة جعيتا، «وهو أمر لم نثره في الدعوى ولا يرتبط بما تقدمنا به»، وفق ما يؤكد أبي راشد. كذلك تضمن جواب المؤسسة الإشارة الى أن تقرير «SAFEGE” يلفت الى أن الجهة اليمنى للنهر غير مدروسة دراسة كافية، ويحذّر من ارتفاع كلفة السد إذا عولج التسرّب. من هنا يشير ابي راشد الى «الكثير من المعطيات المجتزأة من التقرير التي جرى الاستناد إليها من دون الاطلاع على ما يظهره على نحو كامل».
اللافت هو مسألة ارتفاع كلفة السد، التي يثيرها التقرير، فإذا كان «الإنجاز» الأبرز لهذا المشروع الذي يدخل ضمن الخطة العشرية للمياه هو توفير المياه لمناطق كسروان وجبيل وبيروت وغيرها من المناطق (المتوقع ان يتسع لـ38 مليون متر مربع)، فإن التحذير من ارتفاع التكلفة يوحي بخطر تكبيد المواطنين كلفة هذه المياه، ويطرح تساؤلا عن السعي «الحثيث» لوزارة الطاقة لاستكمال السد، الذي دفعها الى مخالفة القوانين.

مخالفة القوانين
ثمة قراران وزاريان يقضيان بوقف الأعمال الجارية في هذا السد، (القرار الرقم 2652 الصادر في 22/4/2014 والقرار الرقم 1858 الصادر في 20/6/2014). وذلك، حتى بت دراسة الأثر البيئي الملزمة استنادا الى قانون حماية البيئة 444/2004 والمرسوم الاشتراعي 8633/2012 المتعلّق بتقويم الأثر البيئي. وعلى الرغم من عدم انتهاء دراسة الاثر البيئي، ذلك أن وزير البيئة محمد المشنوق أكّد لـ»الأخبار» أن الوزارة لم تتسلم أي تقويم أو دراسة أثرية، الا أن أعمال بناء السد استكملت على نحو «عادي». «لم تتوقف الأعمال يوما واحد»، يجزم الناشط البيئي رجا نجيم، لافتا الى أن قرار القاضي عجاقة لم «يردع» استكمال الأعمال.
لفت المشنوق الى أن وزارة البيئة لم تتلق اي تجاوب من وزارة الطاقة بشأن العديد من التوضيحات التي طلبتها من الأخيرة، وأشار الى أنه ليس من صلاحياته ان يتدخل في أمور القضاء (قرار القاضي عجاقة)، متسائلا عن مبررات الأخير التي دفعته الى التراجع عن رأيه بهذه السرعة! لافتا الى أنه بصدد انتظار المرافعة لاتخاذ التدابير المناسبة.
الجدير ذكره أن وزارة الطاقة والمياه ستعمد الى مناقشة المشروع وستعرض تفاصيله وحيثياته، نهار الخميس المقبل، علما أن إشراك السكان المحليين والجمعيات المختصة وضرورة إطلاعهم على إقامة أي مشروع، يجب أن تسبق المباشرة في المشروع لا العكس!