جهاد أبو العيس
دقت فعاليات مالية واقتصادية لبنانية ناقوس الخطر من وصول البلاد لما أسمته “انهيارا ماليا يودي بالبلد إلى التهلكة”، إذا بقيت حالة الجمود السياسي والوضع الأمني على حالها دون اتفاق بين فرقاء السياسة على حل الأزمة.
وكانت فعاليات اقتصادية ومالية حذرت في مؤتمر صحفي عُقد مؤخرا أربابَ السياسة من مغبة استمرار أزمة خلوّ منصب رئيس الدولة وتوالي التمديد لمجلس النواب، وانعكاس ذلك على الواقع الاقتصادي المتعثر والمتراجع منذ اندلاع الأزمة السورية.
ودللت الفعاليات بتراجع حركة الاستهلاك وخسارة أسواق خارجية وتنامي ظاهرة صرف العمال ورغبة مؤسسات عدة في الانتقال للخارج، كمؤشرات ومظاهر حاضرة على حالة الاقتصاد اليوم.
ثورة اجتماعية
وكان رئيس غرفة التجارة والصناعة في بيروت وجبل لبنان محمد شقير حذر من أن أي انهيار في الاقتصاد “لن تستطيع أي إجراءات أمنية حماية لبنان من تداعياته وما سيترتب عنه من ثورات اجتماعية”.
أما رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل فكشف في لقاء صحفي أن الفرص التي فاتت على الاقتصاد اللبناني بين مطلع عام 2011 ونهاية العام الجاري تلامس 13 مليار دولار، وهو ما يمثل أقل بقليل من ثلث الناتج الوطني في البلاد.
وبحسب أرقام رسمية حديثة انخفض تقدير النمو في العام 2013 إلى 1%، مع توقعات بأن يرتفع قليلا مع نهاية العام الجاري ليبلغ بين 1.5 و2% استنادا إلى البرامج التحفيزية للتسليف التي يدعمها مصرف لبنان، مقارنة مع نسب تراوحت بين 8 و9% تحققت قبل عام 2011.
كما تراجعت عائدات القطاع السياحي بسبب الأوضاع الداخلية بنسبة 20% خلال العام الماضي والنصف الأول من العام الجاري، إلى جانب تراجع القطاع التجاري الخارجي حيث سجلت الصادرات اللبنانية تراجعا بنسبة 7.9% عام 2013، في حين لا تزال تتراوح بين الثبات والهبوط النسبي في العام الحالي.
تضخيم ومبالغة
ويعتبر المحلل الاقتصادي لويس حبيقة أن الحديث عن قرب تدهور أو انهيار مالي بلبنان فيه من التضخيم الشيء الكثير، معترفا بحدوث “تباطؤ وانكماش وتعثر بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية لكن دون أن تصل الأمور لمصطلح الانهيار”.
وحمّل حبيقة مشاكل لبنان الداخلية وتعقيدات السياسيين فيه ربع المسؤولية عن تدهور الوضع الاقتصادي، في حين تتحمل برأيه أوضاع المحيط وأزمات المنطقة “الثلاثة أرباع المتبقية”.
بدوره يرى رجل الأعمال اللبناني عدنان القصار أن تحديات الاقتصاد اليوم تتمثل في تحقيق الاستقرار الأمني ووضع خطة واقعية للتعامل مع أزمة النازحين السوريين والحد من تفاقمها وتفاقم أبعادها، والبدء بضبط الإنفاق العام ومعالجة مسارب الهدر التي لا تزال تتوسع.
وتوقع في حال استمرار الأمور على ما هي عليه “من التعطيل وشبه الشلل الدستوري” حدوث مزيد من الارتدادات السلبية على القطاعات الإنتاجية، لا سيما قطاعي السياحة والتجارة.
وضع سيئ
وفي مسح حديث أجراه بنك “بيبلوس” ضمن النشرة الأسبوعية “لبنان هذا الأسبوع” (Lebanon This Week)، اعتبر 91% من اللبنانيين الذين شملهم الاستطلاع أن الوضع الاقتصادي الحالي في لبنان هو “سيئ” أو “سيئ جدًا”، مقارنة بـ90% من المشاركين في مسح العام الماضي و88% في مسح العام 2012.
في حين توقّع 46% من المشاركين أن الوضع الاقتصادي في لبنان “سيتفاقم” أو “سيتفاقم كثيرًا” في الأشهر الـ12 المقبلة، مقارنة بـ48% من الذين كانت لديهم توقعات مماثلة في مسح العام 2013، كما اعتبر 92% من المشاركين أن ارتفاع الأسعار يشكل أزمة كبيرة جدًا في البلاد.
ويبلغ الدين العام اللبناني حوالي 65 مليار دولار أميركي، 60% منها دين محلي -بحسب أرقام وزارة المال 2014- مما يعني أنه نسبة إلى 4 ملايين و300 ألف نسمة يبلغ الدين العام 15 ألف دولار أميركي لكل مواطن لبناني.