يتعارض تقرير الوظائف الضعيف مع مجموعة من البيانات الأخرى التي تبين القوة في أكبر اقتصاد في العالم، حيث تباطأت وتيرة نمو الوظائف الأمريكية إلى 142 ألف وظيفة في آب (أغسطس)، بشكل مخيب للآمال.
حطم تقرير آب (أغسطس) ستة أشهر من النمو في الوظائف الذي بلغ فوق 200 ألف وظيفة، وجاء أقل بكثير من توقعات المحللين التي بلغت 230 ألف فرصة عمل جديدة. انخفض معدل البطالة بشكل طفيف من 6.2 إلى 6.1 في المائة.
وقد يكون ضعف عدد الوظائف مجرد ضجيج إحصائي – هذا المسح الشهري لديه هامش خطأ في حدود 90 ألف وظيفة – لكنه تذكير بأن سوق العمل في الولايات المتحدة لم تتسارع أبداً إلى ما وراء المتوسط خلال هذا الانتعاش.
من غير المرجح أن يؤدي شهر واحد من النمو القليل في الوظائف إلى إزعاج مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أو تغيير تقدمه نحو أول زيادة في أسعار الفائدة في العام المقبل، ولكنه يجعل من الصعب على البنك أن يرسل إشارة واضحة حول قوة الاقتصاد عندما يجتمع بعد 12 يوماً.
وقال جاد ليفانون، الخبير الاقتصادي في مجلس المؤتمر، إن الزيادة البطيئة “مستغربة إلى حد ما” نظراً للقوة الكلية للاقتصاد في الآونة الأخيرة. وقال: “ومع ذلك، على الأرجح أن هذا يحدث فقط مرة واحدة”.
وقال ميلان مولرين في TD للأوراق المالية في نيويورك: “كان تقرير الوظائف هذا مخيباً للآمال جداً، والرسالة الأساسية يبدو أنها تدور حول أن انتعاش سوق العمل الأمريكية، التي كانت حتى هذا الشهر تعمل بأقصى قوته وفعاليته، قد تعثر”.
يستغل الجمهوريون ضعف آب (أغسطس) لمهاجمة الرئيس باراك أوباما قبل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في خريف هذا العام. وقال كيفين برادي، الرئيس الجمهوري للجنة الاقتصادية المشتركة في الكونجرس: “إن البيت الأبيض يمكن أن يستمر في تهويل كل الانتعاش الذي يريده، لكن الحقيقة هي أن تقرير الوظائف المخيب للآمال اليوم، يمثل خطوة إلى الوراء”.
استراتيجية الجمهوريين تتمثل في جعل كل مجموعة من البيانات عبارة عن استفتاء حول الرئيس، ولكن في حين لا يزال الاقتصاد قضية رئيسة للناخبين، مع انخفاض معدل البطالة عن 8.1 في المائة قبل عامين، فإن النمو المنخفض في الأجور يعتبر قضية مهمة، مقارنة بالبطالة.
توماس بيريز، وزير العمل الأمريكي، ألقى باللوم على عرقلة الجمهوريين بسبب فشلهم في توليد انتعاش أعلى في الأجور. وقال: “نحن نعرف صيغة انتعاش وتيرة النمو، ولكن هناك بعض الأشخاص على الجانب الآخر الذين يقولون لا”.
الضعف موجودة بعمق في تفاصيل التقرير. حيث خفضت مراجعات لأشهر سابقة نمو الوظائف بمقدار آخر بلغ 28 ألف وظيفة، وكان هناك انخفاض آخر في المشاركة في القوى العاملة، مع انخفاض نسبة البالغين في القوى العاملة من 62.9 إلى 62.8 في المائة.
وحسب القطاع، كانت المصادر الرئيسة للخيبة صافي النمو بنسبة الصفر للوظائف في مجال التصنيع، وانخفاض 8400 وظيفة في وظائف البيع بالتجزئة، وانخفاض 6300 وظيفة في مجال التعليم.
ومع ذلك، بعض تلك الأرقام تتصادم مع علامات أخرى للاقتصاد القوي. فقد أفادت استطلاعات مديري المشتريات في قطاعي التصنيع والخدمات، ارتفاع النشاط ونية واضحة لتوظيف المزيد من العمال.
وقال إيان شبردسون في بانثيون للاقتصاد الكلي: “من المستحيل لهذا أن يوفق بين جميع مؤشرات الرواتب الرائدة الرئيسة، لذلك نحن نميل كثيراً إلى عدم أخذ ذلك على محمل الجد”.
وتشير أعداد قليلة في التقرير إلى أن الاقتصاد يستنفد العمال الذين يريدون ساعات عمل أكثر، أو الذين يعانون البطالة على المدى الطويل. وجعل هؤلاء الناس يعودون إلى العمل بدوام كامل هو أحد الأهداف الرئيسة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.
انخفض عدد الأشخاص الذين يعملون بدوام جزئي لأنهم لم يستطيعوا الحصول على عمل بدوام كامل بنحو 234 ألف وظيفة ليصل عددهم إلى 7.3 مليون شخص. وانخفض عدد العاطلين عن العمل على المدى الطويل بنحو 192 ألف شخص ليصل عددهم إلى ثلاثة ملايين عاطل.
لم تكن هناك علامات تذكر لأولوية مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأخرى: نمو الأجور. ارتفع متوسط الدخل في الساعة بنسبة 2.1 في المائة عن العام الماضي في آب (أغسطس). إن ارتفاع الأجور يعطي إشارة على أن أصحاب العمل يكافحون من أجل التوظيف، وهو ما يعني بدوره أن الاقتصاد يقترب من التشغيل الكامل للعمالة.
تراجع الدولار بشكل طفيف بعد صدور التقرير وانخفضت عوائد سندات الخزانة، مع هبوط العائد على السندات لأجل عشر سنوات خمس نقاط أساس ليصل إلى 2.4 في المائة. أما الأسهم الأمريكية فلم تشهد تغيراً يذكر.
وقد أدت مؤشرات حول أن الاقتصاد الأمريكي بدأ يكتسب زخماً إلى اندفاع الدولار منذ بداية العام. أما مؤشر الدولار – الذي يقيس الدولار أمام عملات أكبر شركائها التجاريين – فقد قفز بنسبة 5 في المائة منذ بداية تموز (يوليو).
ولا تزال عائدات السندات الحكومية الأمريكية لأجل عشر سنوات قرب أدنى مستوياتها للعام، مع مراهنة المستثمرين على أن الانتعاش لن يتبين أنه قوي بما يكفي لإكراه مجلس الاحتياطي الفيدرالي على الدخول في سلسلة سريعة من رفع أسعار الفائدة.