IMLebanon

مستقبل العقار الخليجي: تباين سوق العقارات في دبي نضج أم تباطؤ؟

Dubai5
تنفس ملاك العقار في دبي الصعداء العام الماضي مع تأكد تعافي السوق بشكل شبه كامل، وارتفاع الأسعار المستمر. ثم تنفس المستأجرين للعقارات السكنية الصعداء مؤخرا مع توقف الإيجارات عن تزايدها الذي وصل إلى نسب قرب ال40% في بعض المناطق. وأظهرت آخر الدراسات أن هناك تباطؤ لنمو أسعار الشقق والمنازل في بعض المناطق أو حتى انخفاضها، ومع ذلك تظل عقارات دبي توفر عائدات مرتفعة جدا للمستثمرين.

ويوضح بول ميازفيلد المدير التنفيذي لشركة MPM العقارية، والتي أصدرت أحد أبرز تلك التقارير، أن التباين في نمو الإيجارات السكنية بين مناطق دبي المختلفة ظاهرة صحية، ويقول أن “أي سوق ناضج ترى فيه ظهور أسواق متعددة من داخله”. ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، منها “إتاحة المزيد من الخيارات العقارية على السوق، وزيادة عدد الوحدات عن ما كان متاحة خلال مرحلة الصعود السريع، ووصول مستوى الإيجارات إلى الحد الأقصى الذي يقدر على دفعه المستأجرين في بعض المناطق دفعهم إلى الانتقال إلى مناطق أخرى”.

أما الملاك فهم رأوا أداء استثنائي لأصولهم العقارية بشكل سنوي، لكنه يميل إلى التباطؤ الآن. وفي واقع الأمر يأتي هذا التباطؤ الطفيف مطمئنا للمستثمر الواعي لأنه ينفي أن تكون سوق العقار في دبي تشهد فورة جديدة. ويؤكد مايزفيلد أن “عند النظر إلى الصورة الكاملة نجد أن ما يحدث في بعض المناطق هو تصحيح للسوق وليس انخفاض. ومن الواضح أن سياسات البنك المركزي بخصوص القروض العقارية قد بدأت تأتي بالثمار المرجوة منها. وهذا تحديدا ما نحتاجه، أن يكون النمو ثابت ومستدام”.

وتتفق قراءة خوار خان مدير قسم الأبحاث لدى وكالة نايت فرانك العقارية للسوق مع هذه الملاحظات، أو كما يلخصها، أن “هناك تصحيح من ربع إلى آخر، بالتوازي مع نمو سنوي قوي”. وهو يميز بين العقارات من الفئات السعرية المختلفة بين العقار بشكل عام والأصول الفارهة. ويرى أن أحد ظواهر هذه الفترة هو ارتفاع أداء العقارات العادية والمتوسطة عن العقارات الفارهة. ويرجع ذلك أيضا إلى قرارات البنك المركزي: “الآن يستوجب على المقيم الذي يشتري عقارا للمرة الأولى أن يضع دفعة أولى بـ35% من قيمة العقار فوق 5 مليون درهم، بينما تنخفض هذه النسبة إلى 25% للعقارات ذات قيمة أدنى من 5 مليون، لذا كان من الطبيعي ألا يستمر النمو بنفس الوتيرة على العقارات المتميزة. أضف إلى ذلك أن العقارات العادية توفر نسبة عائد أفضل. لكن عند الصعود في الأسعار نجد أنه لا يزال هناك طلب كبير على العقارات فوق 10 مليون درهم لأصحاب الثروات الشخصية الضخمة ولا يوجد الكثير من العقارات الجديدة في هذه الفئة ستدخل السوق خلال عامين قادمين على الأقل، مما سيعزز قيمتها بشكل كبير”.
وإلى جانب الفئة الأعلى من الأصول، يتوقع خوار خان عدة مكامن أخرى للنمو: “المناطق الجديدة التي جاءت لتنافس نظيراتها المستقرة والمحببة بالنسبة للوافدين من الدول الغربية تشهد حاليا نموا كبيرا في العوائد سيستمر في رأيي، فاقتصاد دبي يسير بخطى ثابتة مما سيجتذب المزيد من الوافدين الذين يحتاجون إلى أماكن سكن لائقة لكن سعرها مناسب. كما أن الإقراض العقاري سيرتفع في المدى القصير، وأتوقع أن تقرض البنوك المزيد لتمويل أعمال التجديد مع بدء بعض الأبنية في التقادم”.

وحتى بول بريستون، مدير مكتب صندوق الاستثمار العقاري الدولي أي بي جلوبال في الشرق الأوسط، وهو من أكثر الناس توخيا للحذر من عقارات دبي، يبدو مقتنعا بالتصحيح الذي حدث. يقول بريستون: “نحن لا نستثمر في الأسواق التي ترتفع الأسعار بها سريعا، ونرى أن هذا تحديدا ما حدث في دبي. وحتى في لندن التي تحوي معظم استثماراتنا لا نذهب إلى الأماكن التي ارتفعت الأسعار فيها بنسبة 40% بل نحاول أن نذهب إلى الأماكن التي نرى فيها مكامن قيمة لم تظهر بعد. هذا لأننا نستثمر على المدى الطويل، فالاستثمار العقاري لا يمكن أن يكون قصير المدى وأي استثمار لفترة تقل عن 5 سنوات لا يستحق حتى التفكير فيه”. ويلاحظ بريستون ذات المنحى نحو النضوج لدبي لكنه متشائم على المدى القصير: “بوضوح نحن نتوقع انخفاضا في الأسعار للعام المقبل لأنها نمت بسرعة كبيرة. وقد ساهمت بالفعل قرارات البنك المركزي والرسوم على إتمام العمليات العقارية إلى تهدئة النمو. لكن تحدي دبي الآن هو القضاء على المضاربين، ولا أعتقد أن قرارات المطورين العقاريين بتحديد الملكية لأربع وحدات في نفس المشروع مثلا يمكن أن تكفي. في أسواق كالمملكة المتحدة وماليزيا مثلا لا يمكن البيع بعد حجز العقار إلا بعد انتهاء مرحلة البناء. نحن بحاجة إلى شيء مماثل في دبي قد لا نرى أشخاصا ينتظرون في طوابير لمدة يومين لحجز وحدات بمقدم 5% ثم يخرجون لبيعها وكسب 20% من قيمتها على حساب المالك الحقيقي الذي يريد السكن في الوحدة. وأعتقد أن بعد التباطؤ الذي سيشهده السوق ستتحول دبي تدريجيا إلى سوق لأصحاب البيوت وليس للمضاربين. وحتى المستثمر الفردي الذي يريد التمتع بعائدات الإيجار المرتفعة التي تصل إلى 7% سيكون في وضعا أفضل في غياب هؤلاء. يجب أن يشتري الناس العقارات للأسباب المنطقية وليس للمضاربة. وأعتقد أن هناك فرصة غير مستغلة من جانب المستثمرين العقاريين في توفير مشاريع للملاك الحقيقيون، أصحاب البيوت الذين ينوون الاستقرار فيها بصفة دائمة مع أسرهم دون أن تتوفر لديهم ملايين الدراهم من السيولة في البداية بتقديم تسهيلات في الدفع”.