استطاع القطاع المصرفي أن ينجو بنفسه قدر المستطاع برغم الظروف الاقتصادية والأمنية الصعبة، وأن يحافظ على استقراره ومكانته. ويعد العامل البشري أحد ركائز هذا الاستقرار، ففي نهاية العام المنصرم ارتفع عدد العاملين في القطاع المصرفي 499 شخصاً، أي بارتفاع 2.2 في المئة عن العام 2012. وبذلك وفق التقرير السنوي الصادر عن «جمعية مصارف لبنان» فإن عدد موظفي القطاع بلغ نهاية العام الماضي 23 ألفاً و136 شخصاً.
ونظراً لأهمية العمالة المصرفية عقد أمس، منتدى مصرفي متخصص بعنوان «الموارد البشرية: التوجهات العصرية في إدارة المواهب والتدريب» برعاية وزير الثقافة ريمون عريجي، ومن تنظيم «اتحاد المصارف العربية» و«الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب»، في «فندق كورال بيتش».
نقص التدريب
يوضح أمين عام «اتحاد المصارف العربية» وسام فتوح لـ«السفير» أن «أبرز ما تعاني منه الموارد البشرية في مصارفنا، هو نقص التدريب المهني للموظّفين، علماً أنّ المصارف تستقطب أعداداً كبيرة من اليد العاملة الشابة، لا سيما النساء اللواتي يشغلن نسبة كبيرة من موظّفي المصارف».
ويرى في الوقت نفسه، أنّها «بطولة كبيرة في ظلّ الظروف التي تمرّ بها المنطقة، ألاّ تشهد المصارف العربية ولا سيما اللبنانية، أي عملية صرف جماعي لموظّفي مصرف واحد»، مشيراً إلى أن «البنوك العربية زادت موجوداتها وذلك من مبيعات البترول والغاز، فحجم معظم المصارف كبر برغم ظروف المنطقة، إذ كانت الودائع 2.7 ترليون وصارت 3 ترليون دولار في بداية العام 2014».
يلحظ فتوح أن «الاهتمام بالموارد البشرية في المصارف لا يقل أهمية عن أي موضوع آخر كإدارة المخاطر وغيرها، نظراً لأهميته، كأساس لنجاح أية مؤسسة».
ويشير إلى أنّ «أهم تحدٍّ اليوم هو تدريب الموارد البشرية وتأهيلها، والعمل دوماً على التعرّف إلى الخبرات المتنوّعة، وملاحقة ما هو جديد في العالم». ويلفت الانتباه إلى أن «من مهام ادارة الموارد البشرية أن تضع خططاً استراتيجية للسنوات المقبلة، إنما في ظلّ الأوضاع المحيطة بنا، من الصعب وضع خطة واضحة، لأنّ أحداً لا يعلم ماذا قد يخبّئ المستقبل في المنطقة، لذلك نتّبع خططاً مرنة».
انقطاع التيار
وإذ بات من التقليد «اللبناني» أن ينقطع التيار الكهربائي في المناسبات الرسمية والمؤتمرات وحتى في المجلس النيابي، كان لا بدّ أن تقاطع العتمة عريجي في افتتاح المنتدى، لدقائق قليلة، قبل أن يتابع كلمته.
ويتطرّق عريجي إلى وضع مؤسسات القطاع العالم، مشدداً على «أهمية التعاون والتواصل بين القطاعين العام والخاص، لتبادل الخبرات وتحسين الموارد البشرية وتحفيزها وتدريبها». ويشدد على «ضرورة أن تطال عملية تطوير الموارد البشرية وإدارتها، المؤسسات العامة»، مؤكّداً أن «الموارد البشرية هي مفتاح أساسي لنجاح اي مؤسسة، فبغياب قسم إدارة الموارد البشرية تصاب الشركات بخسائر، أو تأكلها المنافسة».
تحديات كبيرة
من جهته، يبرز رئيس «الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب» جوزيف طربيه «دور إدارة الموارد البشرية في المؤسسات»، مشيراً الى أن «المؤسسات تواجه تحديات كبيرة للاحتفاظ بالعناصر البشرية المتميزة، لا سيما في ظل المنافسة القوية».
ويرى أن «إدارة الموارد البشرية الحديثة يجب أن تلعب خمسة ادوار لتكون إدارة بشرية معاصرة وفعالة، وهي: الدور الإستراتيجي، إدارة التغيير والتحول، إدارة تعزيز البنية التحتية، إدارة مساندة العاملين، إدارة المواهب».
حرب المواهب
يبرز نائب حاكم «مصرف لبنان» رائد شرف الدين «أهمية تشجيع المواهب وتحفيزها في العمل المصرفي»، مشدداً على «أهمية وجود كفاءات بشرية ناجحة في كل المؤسسات وليس في المؤسسات المصرفية فقط». وتحدث عما وصفه بـ«حرب المواهب»، داعياً الى «تنظيم هذه المسألة لتصب في النهاية في مصلحة المؤسسات».
ويعتبر أنه من الضروري التركيز على الحوكمة والعولمة والجندرة في إدارة الموارد البشرية، مشيراً إلى «بدء خروج جيل الخمسينيات من سوق العمل، مقابل دخول الأجيال بين الستينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وبذلك تلاقى جيل الإيديولوجيات والخيبات مع جيل الحداثة والتكنولوجيا». ويضيف: «المستقبل يعتمد على الجيل الجديد، بالرغم من أنّ الجيل القديم هو من حلم به».
قصّة نجاح
يعرض رئيس مجلس إدارة شركة «طيران الشرق الاوسط» محمد الحوت، في ختام افتتاح المنتدى قصّة نجاح الشركة. ويوضح في هذا الإطار، أنها «منيت بخسائر من العام 1975 وحتى العام 1992، تقدّر بحوالي 700 مليون دولار»، ثمّ يستدرك قائلا: «إنما منذ العام 1998 أي تاريخ تسلمي مسؤوليات الشركة، الى جانب مجلس ادارة متجانس، بدأنا بتحقيق الأرباح، بعدما قمنا بخطوات إصلاحية لإنقاذ الشركة، ففي السنة الاولى نزلت الخسارة من 87 مليون دولار الى 49 مليون دولار».
يتابع الحوت: «في 2002 عدنا الى الربحية، وغطينا الخسائر السابقة، أي أننا حققنا أرباحاً تفوق الـ700 مليون دولار». ويلفت الانتباه إلى أن «الشركة تدفع سنوياً 55 مليون دولار للمساهم «مصرف لبنان»، يحوّل منها 80 في المئة للخزينة اللبنانية».
ويتناول دور العنصر البشري في تفعيل أداء الشركة، مشيراً إلى «وجود تواصل دائم بين الإدارة والنقابات والإدارات المتوسطة».
بعد حفل الافتتاح، تمّ تسليم دروع لكلّ من عريجي وطربيه وشرف الدين والحوت، ثمّ عقدت جلسات عمل حول عدد من المواضيع المتعلقة بالموارد البشرية. ويستمر المنتدى حتى يوم بعد غد.