محمد وهبة
ثلاث ملاحظات تخص لبنان كانت حاضرة على هامش قمة العرب للطيران والإعلام التي افتتحت أمس في رأس الخيمة. الملاحظات الثلاث لم تكن ضمن جدول أعمال المؤتمر، بل عبّر عنها الأمين العام لاتحاد النقل العربي عبد الوهاب تفاحة، وهي:
1- الازدحام «غير المبرر» في المطار،
2- التدابير الحمائية التي اتخذها لبنان بمنح الحصرية لشركة طيران الشرق الأوسط،
3- عدم وجود سلطة «كاملة» تدير مطار بيروت، بل مديرية تابعة لسلطة. يشير تفاحة إلى ان أجهزة السكانر في مطار بيروت الدولي تحوّلت إلى «منشر للغسيل». كلامه لا يستند إلى الاقاويل ولا إلى شائعات يروّج لها «الطابور الخامس»، بل يبنيه على تجربته الشخصية كما يروي لـ»الأخبار».
فعندما زار لبنان هذه السنة تأكد أن هناك عددا محدودا من المداخل المفتوحة، وان الأجهزة لا تستعمل كلها في الاوقات المطلوبة… سلسلة ملاحظاته على المطار تطول، لكنه يؤكد «انه لا يمكن إيجاد عذر واحد لما يحصل في مطار بيروت. الوزير والنائب والأمير لا يمكنهم أن يروا كل هذا المسار لأنهم يدخلون من صالون الشرف، فيما هناك أكثر من 6.6 ملايين مسافر يشهدون هذه التجربة البشعة».
هذا المشهد المفتوح على أعين المسافرين والقوى المكلفة تنظيم وإدارة مطار بيروت الدولي، ليس المشهد الوحيد، فإلى جانب هذا الأمر هناك مفارقة غريبة في كيفية التعاطي مع المطار، اذ «بلغت قدرته الاستيعابية مرحلة التخمة منذ أكثر من سنتين، وهو اليوم يعاني هذه التخمة، والتأثيرات السلبية تطاول حركة الطيران فيه، إلى جانب الإهمال وغياب سلطة القرار عنه».
أي سلطة قرار تغيب عن مطار بيروت؟ ألم يعترض الاتحاد الأوروبي على عدم وجود الهيئة العامة الطيران المدني، ورأى أن هذا الأمر يهدّد السلامة العامة في المطار؟ يتحاشى تفاحة الدخول في تفاصيل هذا الملف، ويشكّك في «أن الاتحاد الاوروبي لا يتحدث عن سلامة الطيران المدني بمقدار ما كان يشير إلى عدم وجود هيئة تنظّم وتدير المطار وتكون هي المسؤولة المباشرة عن كل ما يجري فيه من أعمال… فالمبدأ العام في كل مطارات العالم أن تكون هناك سلطة واضحة، لا أن تكون مديرية تابعة لسلطة… الأمر يتطلب من السلطات المسؤولة أن تكون قادرة على تحديد الخيارات والمسارات المتصلة بعمل المطار. المسألة مسألة وجود قرار».
وبحسب معلومات متوافرة لـ»الأخبار»، عملت وزارة الاشغال العامة خلال الأسابيع الماضية على التواصل مع سلطات الاتحاد الأوروبي من أجل توضيح أسباب عدم تعيين الهيئة العامة للطيران في لبنان، وبالتالي التخفيف من تأثيرات هذا الغياب على عمل المطار، لكن المعنيين في الاتحاد الاوروبي أبدوا بعض التجاوب في هذا المجال، إلا انهم لم يقتنعوا بالتبريرات التي قدّمتها وزارة الاشغال العامة.
الملاحظة الثالثة التي ابداها تفاحة تتعلق بالتدابير الحمائية التي تتخذها بعض البلدان في مجال الطيران ومنها لبنان. ففي هذا المجال، كان تفاحة يتحدث للمشاركين عن نواحي الضعف لدى شركات الطيران العربية، مشيراً إلى أن «بعض شركات الطيران لا تزال تستفيد من تدابير حمائية، وهذه الشركات تابعة لمؤسسات حكومية، أي إن التدابير تأتي ضمن سياسات حكومية… هذا الأمر يجب أن يتغيّر».
ألا يفرض لبنان تدابير حمائية من هذا النوع في إطار حق الحصرية لشركة طيران الشرق الأوسط؟ يعتقد تفاحة أن الوضع بالنسبة إلى شركة طيران الشرق الأوسط مختلف، وأن الحق الحصري تزامن في السنوات الماضية مع سياسة الأجواء المفتوحة، إلا أنه في ظل ما يحصل اليوم من ظروف صعبة على لبنان، فإنه «لا يمكن التعامل مع وضع غير مستقر بمعايير الأوضاع المستقرة».
غير أن هذه الحصرية لديها تأثير واسع في الاسعار، وهي تجعل من حامل الحق الحصري قادراً على فرض الأسعار التي تناسبه، والتي لا تتناسب مع حاجات الزبائن وضرورة إشباعها على وقع المنافسة المطلوبة، لأن شركات الطيران الموازية ستستفيد من هذه الحصرية لتزيد اسعارها أيضاً، لكن في رأي تفاحة، أن الموضوع مختلف بالنسبة إلى شركة طيران الشرق الأوسط، فهذه الشركة «مملوكة من مصرف لبنان، اي إنها مملوكة من الدولة اللبنانية، والدولة يجب أن تحمي إيراداتها، وخصوصاً في سوق صغيرة مثل لبنان. لا أعرف ما هي الظروف التي أدّت إلى إعطاء الميدل إيست هذه الحصرية، لكنني اتفهم هذه الظروف لأن الوضع غير مستقر، ويجب التعاطي معه بمعايير مختلفة».
ويشير تفاحة إلى أنه برغم السوق الصغيرة نسبياً في لبنان، إلا أن النقل الجوي يقدّم مساهمة كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة توازي 12.8% مقارنة بأسواق كبيرة مثل السعودية والإمارات وسواهما من البلدان ذات القدرات المالية الضخمة حيث تصل هذه النسبة إلى 3% و10% فقط.