IMLebanon

«مورنينجستار» قوة يحسب لها حساب في عالم الاستثمار

FinancialTimes
ستيفن فولي

المستثمرون الأفراد يحبون نظام التصنيف “خمس نجوم” التابع لشركة الأبحاث مورنينجستار، وهو ما يعطيها قوة لا مثيل لها للتأثير في صناعة الصناديق المشتركة التي تبلغ قيمتها 30 تريليون دولار، ولكن منهجيتها تجذب انتقادات من منافسيها وعملائها على حد سواء. هذا الربيع، عندما انفجر اضطراب الإدارة في شركة بيمكو للعلن، وكان المستثمرون يتخلون عن الصندوق الرئيسي التابع لشركة السندات، عرف بيل جروس أنه كان بحاجة إلى شخص واحد فقط، كان بحاجة مطلقة لأن يبقيه معه إلى صفه.

جروس، مؤسس شركة بيمكو الجريء وواحد من المستثمرين الأكثر شهرة في العالم، أطلق هجوماً ساحراً واسع النطاق على محلل الصندوق غير المعروف الذي يدعى إريك جاكوبسون. وكان لجاكوبسون وفريقه في شركة مورنينجستار القدرة على تجريد صندوق بيمكو من تصنيفه “الذهبي” – وهي خطوة قد تساعد على تحويل أزمة إعلامية إلى أزمة تجارية. جروس، الذي عانى وتحمل اللوم الثقيل بسبب أسلوبه الوحشي في القيادة في بعض الأحيان، كان باستمرار يعرض حجته على جاكوبسون، واستطاع في نهاية المطاف تأمين موقف التأييد الحماسي من شركة مورنينجستار.

وبعد بضعة أشهر، خلال كلمة ألقاها في مؤتمر الاستثمار التابع لشركة مورنينجستار في شيكاغو، خص جروس جاكوبسون بمجاملات من مسرح الإلقاء. قال جروس “إذا كنتَ حقاً تريد معرفتي، فقط اسأل إريك جاكوبسون هنا الجالس على الطاولة الأمامية، لأنني أخبرته مائة مرة خلال الأشهر القليلة الماضية بالضبط عن مدى كوني شخصاً رائعاً”. وأضاف “شكرا إريك على تحملك لي.. وهذا يدلكم على مدى روعة شركة بيمكو”. إلى هذه الدرجة وصل تأثير شركة مورنينجستار في صناعة صناديق الاستثمار العالمية البالغة قيمتها 30 تريليون دولار. تصنيفات شركة مورنينجستار لديها القدرة على تحريك الأموال، ولهذا السبب عيّن كثيرون من مديري صناديق الاستثمار المشترك تنفيذيين مخصصين لمعالجة العلاقات معها.

ما بدأ في عام 1984 على شكل كتيب فصلي لتوفير بيانات عن 400 صندوق من صناديق الاستثمار، الذي ينتجه محلل الأوراق المالية السابق جو مانسويتو من شقته المكونة من غرفة نوم واحدة في لينكولن بارك في شيكاغو، تحول إلى شركة لإنتاج الأبحاث تبلغ قيمتها ثلاثة مليارات دولار لأكثر من 200 ألف صندوق، لتشريح وتجزئة عالم الاستثمار وختم كل صندوق بـ “تصنيف النجوم” لتعكس تاريخ أداء الصندوق.

الخلاف الأخير بين شركة مورنينجستار وأحد منافسي جروس سلّط الضوء على العلاقة المشحونة أحياناً بين الشركة والصناعة التي تغطيها، حيث التذمر حول نوعية عملها وصلابة منهجيتها يعتبر أمراً شائعاً. من جانبها، تعرب شركة مورنينجستار عن ألمها علناً حول الطرق المثلى لفهم مصفوفة يصعب فهمها بشكل متزايد للصناديق المعروضة للمستثمرين، وحول كيفية ممارستها سلطتها بشكل مناسب نيابة عن المدخرين. (شركة مورنينجستار توفر بيانات الصناديق المدارة لصحيفة فاينانشيال تايمز).

وقال مانسويتو في مقابلة “يصعب تغيير عالم الاستثمار لبيع المنتجات الاستثمارية، وليس هناك الكثير من الناس يبحثون عن مصالح المستثمرين”. وأضاف “نحن نساعد الملايين من المستثمرين كل يوم على تحقيق نتائج أفضل”.

بلغ الانتشار الضخم لنظام تصنيف مورنينجستار درجة يقول فيها مستشارو الاستثمار، “إنه من المستحيل الحصول على عملاء لشراء أي شيء لا يحصل على تقدير أربع أو خمس نجوم، مهما كان عدد المرات التي تم تحذيرهم من خلالها أن الماضي لا يعتبر ضماناً للمستقبل”. وقد أظهرت الدراسات الأكاديمية المتكررة أنه عندما تتلفظ خوارزمية شركة مورنينجستار بتغيير على تصنيف أداء الصندوق، فإن المال سيتدفق للداخل أو للخارج. وقال تود ويلهلم، رئيس قسم الأبحاث في صناديق الاستثمار المشترك في مكتب إدوارد جونز، وهي سلسلة أمريكية من المستشارين الماليين: “تعتبر شركة مورنينجستار داراً كبيرة للبيانات والمعلومات”.

إن قوتها من ذلك النوع القادر على المطالبة بالبيانات التفصيلية لبنود المحفظة الشهرية، وبيانات عن التدفقات الداخلة والخارجة من مديري صناديق الاستثمار المشترك، وهو ما يساعد على إلقاء الضوء بسرعة على وضع الصندوق، والسبب في ذلك. وقال ويلهلم: “الحصول على تلك الصلاحية قد يكون تحدياً للآخرين”. وتصنف شركة مورنينجستار صناديق الاستثمار المشترك وفقاً لمنهجيتين مختلفتين، وكلتاهما مثيرة للجدل. المنهج الأكثر نفوذاً، نظام تصنيف يراوح بين نجمة إلى خمس نجوم. وفيه يتم احتساب ذلك من خلال تصنيف الأداء المعدل للمخاطر التابع للصندوق مقابل سلة من الصناديق المماثلة على مدى ثلاث وخمس وعشر سنوات، مع أخذ الرسوم في الاعتبار. إنه إجراء ينظر إلى الوراء ويهتم بالماضي، ويقول منتقدون “إنه يشجع المستثمرين على مطاردة الأداء في الماضي، بدلاً من التفكير في كيفية أداء الصندوق في المستقبل.
التاريخ مليء بأمثلة حيث سقطت فيها نجوم مديري الصناديق إلى الأرض عندما هجرهم حظهم أو مهارتهم، ولكن تصنيف شركة مورنينجستار يعدل فقط الهبوط ببطء إلى أسفل، حيث إن بيل ميلر، التابع لشركة ليج ماسون، ربما يكون المثال الأبرز.

لقد انتهت فجأة مضاربته للسوق خلال 15 سنة متتالية في عام 2005، وكان أداؤه دون المستوى لمدة خمس سنوات من السنوات الست التالية، قبل تخليه عن السيطرة على صندوقه الرئيسي. لمواجهة المخاوف بشأن تصنيف النجوم الذي يهتم بالماضي، تنشر شركة مورنينجستار أيضاً “تصنيف المحللين” كدليل إرشادي محتمل للمستقبل. إنه يأخذ في عين الاعتبار رسوم وإجراءات إدارة المخاطر وقوة مدير المحفظة وفريقه والشركة ككل. على هذا المقياس، يمكن تصنيف الصناديق على أنها ذهبية أو فضية أو برونزية أو محايدة أو سلبية. وحيث إنها عززت هذه التصنيفات التي تعتبر أكثر ميلاً نحو الطابع الذاتي، زادت الانتقادات الموجهة من أطراف في الصناعة، على الرغم من ثناء المديرين التنفيذيين لصناديق الاستثمار المشترك لالتزامها بتثقيف المستثمرين الأفراد. تميل الانتقادات إلى البقاء ضمن محافل خاصة. وقال مسؤول تنفيذي في واحدة من أكبر شركات إدارة الأصول في العالم “إن الأمر يبعد خطوة واحدة عن الحديث عن جهازك التنظيمي”. وأضاف “لا أحب فعل ذلك”.

ويوجد لدى شركة مورنينجستار 97 محللاً يغطون صناديق الاستثمار المشتركة، بما في ذلك 42 في السوق الأمريكية التي تبلغ قيمتها 15 تريليون دولار. أحد الخلافات الشديدة حول ذلك هو أنه يتم تأهيل أقل من الربع منهم على أنهم محللون ماليون قانونيون. تقول الشركة إن متوسط خبرتهم الصناعية يبلغ 11 عاماً، ويحصل ما يقرب من نصفهم على درجات علمية متقدمة. قال رون أو هانلي، الذي كان حتى هذا العام رئيساً لذراع إدارة الأصول البالغة قيمتها 1.9 تريليون دولار التابعة لصندوق فيديليتي “اذا كان لي رأي سلبي حولهم فقد يكون أن لديهم عملاً كبيراً يباشرونه”، مضيفاً “نظرا للحجم الكبير الذي أصبحت عليه إدارة الأصول، زاد عدد المحللين فيها، وفي بعض الحالات، فإنهم لا يتعمقون في الأمور كما ينبغي. لقد أعجبتُ بمعظم الأشخاص الذين تعاملنا معهم، ولكن غالباً ما يتبقى لدينا شعور يقول، أتمنى لو أنكم عرفتمونا بشكل أفضل”.

وتردد التعليق في شركة إيتون فانس، وهي مديرة للأموال مقرها بوسطن بمبلغ 300 مليار دولار من الأصول تحت الإدارة. وقالت إيلين ساليفان، مديرة تسويق التجزئة والتنفيذي المسؤول في “إيتون فانس” عن العلاقات مع شركة مورنينجستار “بدلاً من الاعتماد فقط على تصنيفات شركة مورنينجستار، نعتقد أنه ينبغي للمستثمرين الحصول على إرشاد احترافي من مستشار مالي، وكثير منهم يستخدمون تصنيفات شركة مورنينجستار باعتبارها واحدة من عدة مدخلات لاتخاذ قرارات مهمة للمحفظة”.

“دبل لاين” شركة إدارة الأصول التي تشهد نمواً سريعاً التي شكلها مخضرم السندات جيفري جندلاتش، بعد أن أقيل من منصب مدير لشركة TCW ومقرها لوس أنجلوس في عام 2009، برزت باعتبارها أشرس المنتقدين لشركة مورنينجستار. وتزعم أن لدى محللي شركة مورنينجستار تاريخا من التحيز ضد الشركة الشابة، وترفض الشركة مقابلة المحللين بسبب ما تقول إنه عدم قدرتهم على فهم الاستثمارات ذات الدخل الثابت.

وأعطت شركة مورنينجستار الصندوق الرئيسي التابع لشركة دبل لاين فقط تصنيف المحلل المحايد، وسحبت في الشهر الماضي ذلك التصنيف تماماً، معلنة أنها “ليست خاضعة للتصنيف” دون تعاون من قبل الشركة. إنها تقف إلى جانب ادعائها أن صناديق دبل لاين هي أكثر خطورة من غيرها من وسائل الدخل الثابت، بسبب ولع جاندلاتش بالأوراق المالية المدعومة بالقروض العقارية ذات الطابع الغريب.

وقال مانسويتو “إذا كنا نرى التعقيد إضافة إلى الرغبة في عدم الكشف، حتى لا يصبح الأمر علنياً، ونحن نرى ضرورة أن نشير إلى هذه الأعلام الحمراء (التي تنذر بالخطر) للمستثمرين”. وأضاف “هذا هو ما أدى إلى وقوع الشركات في مشاكل في الأزمة المالية: كان الناس يضعون تصنيفات على أشياء لم يفهموها وعلى أشياء وصلت إلى نهاية سيئة”. وقالت المحللة لورين فليكنستين التي تعمل لدى شركة دبل لاين، “إن النزاع يعود إلى بدايات مشحونة لشركة جاندلاتش”. وأضافت “في غضون ساعات، إن لم يكن بعد دقائق من إقالة جيفري، نشر موقع Morningstar.com تقرير الموافقة علناً على أن قرار الإنهاء والتنبؤ الخطأ لشركة TCW، من المرجح أن يبقي معظم الأشخاص الرئيسيين في الفريق TCW MBS – دون أن يكلف نفسه عناء الاتصال بجيفري أو فيل (باراتش، شريكه في الاستثمار) من أجل مدخلاتهم”.

تقول شركة دبل لاين “إن هذا مثال على كون مورنينجستار قريبة جداً من شركات إدارة الصناديق، مثل TCW التي صنفت مورنينجستار صناديقها واعتمدت على بياناتها. مديرو الأصول هم أيضا من بين أكبر عملاء مورنينجستار لقواعد بياناتها وبرمجياتها. مايك ليبر، الذي باع أعمال تصنيف صناديق الاستثمار المشترك المنافسة لديه لشركة تومسون رويترز وهو الآن مستشار استثماري، يقول “إن التقارب يعتبر مخاطرة، إذا كان لدى معظم اللاعبين الكبار رؤية للأشياء، فقد يكون لذلك بعض التأثير ليس فيما لديك من أفكار، ولكن في الطريقة التي تفكر بها”.

ويوجد لدى شركة مورنينجستار ميثاق لقواعد السلوك الذي يمنع المحللين من التحدث إلى أي شخص من العمليات التجارية. وقال مانسويتو “نحن جادون جداً فيما نقوله ونفعله، فنتحدث عن المحاسن والمساوئ، ونتحدث عندما نرى قضايا مضرة بالمستثمرين”. وأضاف “هذه الثقافة متجذرة بعمق، وهذا ما يتيح لي النوم بشكل جيد جداً في الليل”. ويمتلك مانسويتو 55 في المائة من الشركة، واتخذت شركة مورنينجستار نهجاً ملتوياً للتعامل مع مساهميها الخارجيين. وبدلاً من إجراء مكالمة جماعية فصلية عادية مع وول ستريت، تأخذ الشركة بدلاً من ذلك أسئلة مكتوبة من المستثمرين، ووضعت مجموعة مختارة من الإجابات بشكل شهري على موقعها على الإنترنت.

وتتفرع من الشركة مجالات يحتمل أن تكون مربحة، التي تشمل الاستثمار المباشر للعملاء. ويبني مانسويتو الأعمال التجارية للمعاشات التي يمكن أن تستحدث محفظة مخصصة حول تاريخ التقاعد المستهدف، وأن تقدم المشورة بشأن بناء “صناديق الأموال” والمحافظ المتعددة الأصول، والتي هي على نحو متزايد في صالح صناعة الاستثمار.

أعمال الاستثمار الجديدة التابعة لشركة مورنينجستار، وتمثل حالياً 20 في المائة فقط من الإيرادات، يمكن أن تقدمها للمنافسة مع مديري الصناديق التي تصنفهم. نيامه الكسندر، المحللة في شركة الوساطة KBW، تقول “إن هذا قد يحد من إمكانات نموها”. وأضافت “إذا كان أكبر الزبائن لديك من مديري الصناديق، فإنك لن ترغب في أن تكون واحداً من أكبر مديري الصناديق”. وقال مانسويتو “إن الشركة لن تصنف أبداً منتجاتها. أحد المجالات الصعبة الأخرى بالنسبة لمورنينجستار هو مواكبة الأنواع المتكاثرة من الصناديق، خاصة تلك التي تخلط فئات مختلفة من الأصول، أو تلك التي تعطي مديري المحافظ سلطة تقديرية واسعة للاستثمار على النحو الذي يرونه مناسباً”.

هذه الاتجاهات، إذا ما توسعت، تهدد بأن تعيث فساداً في الطريقة التقليدية لشركة مورنينجستار في تقسيم الصناديق إلى فئات على أساس ما يستثمرون فيه مثل السندات طويلة الأجل أو أسهم النمو. وقد ازداد عدد هذه الفئات إلى 58، ولكن بعضها، مثل فئة “صندوق السندات غير التقليدية” الشعبية المتزايدة ، تبقى خليطاً مربكاً من تلك الصناديق التي لا تناسب أماكن أخرى.

حتى ضمن الفئات الأكثر استقراراً، مثل صناديق السندات المتوسطة الأجل، يشكو مديرو المحافظ مقارنة التفاح بالبرتقال في فئات ضد بعضها البعض. وأحد تذمرات شركة بيمكو هو أن صندوقها الرئيسي، صندوق سندات العائد الكلي انخفض عن التصنيف العالمي العام الماضي لأنه على عكس الكثيرين في هذه الفئة، منعته نشرة اكتتابه من الاستثمار في السندات الخطرة. وهذه مشكلة لم يدخل فيها جروس حين كان على خشبة المسرح في شيكاغو.

السبب في ذلك هو أن شركة مورنينجستار تعتبر القوة التي لا بد من التعامل معها، شئنا أم أبينا. وكما قال ليبر “لا أحد يحب مطلقاً أن يتم تقييمه – إلا إذا كنت أنت الفائز”. شركات منافسة: مزيد من المجال للهرب مع المستشارين المحترفين.