من المتوقع أن يعقد لقاء بين الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة في غضون الثماني والأربعين ساعة المقبلة، يفترض أن يضع اللمسات الأخيرة على تسوية سلسلة الرتب والرواتب، تمهيدا لدعوة هيئة مكتب مجلس النواب للانعقاد الاثنين أو الثلاثاء، على ان تعقد الجلسة التشريعية الأربعاء أو الخميس.
ويقول أحد المطلعين على الاتفاق لـ”السفير” إن ما حرّك عجلة السلسلة لم يكن سوى أسلوب الرئيس نبيه بري في اللعب على حافة الهاوية في موضوع التمديد، وإجباره “المستقبل” على طرق بابه والموافقة على فتح باب التشريع، ومن ثم تقديم بعض التنازلات المؤلمة في مشروع السلسلة، خوفاً من رد غير متوقع من رئيس المجلس.
أما في ما يتعلق بهيئة التنسيق، فقد رأى المصدر أن ما أنجز هو أفضل مما كان متوقعاً أن يحصل عليه الموظفون قبل إعطاء الإفادات، داعياً «الهيئة» إلى التعامل مع ما سيقر بإيجابية، لأنه يراعي أغلبية مطالبها.
وفيما توقف متابعون عند الإصرار على تغييب الهيئة عن المفاوضات التي كانت تجري، يوضح المصدر أن النائب جورج عدوان الذي تولى دفة المفاوضات تعمّد الابتعاد عن كل أصحاب المصلحة، بما يبعد أي تدخلات محتملة. وعليه، فهو كما لم يتواصل مع «هيئة التنسيق»، رفض إطلاع المصارف أو أصحاب الأملاك البحرية على تفاصيل ما يجري.
يذكر أنه كان لعدوان دور محوري في بلورة الاتفاق، بعدما عرف كيف يقتنص لحظة التمديد المناسبة، لتفعيل حركته بين الأطراف، وتحديداً بين الرئيس نبيه بري ووزير المال علي حسن خليل وبين كتلة «المستقبل»، حيث كان مخولاً التفاوض باسمها، علماً أنه ظل على تنسيق مستمر مع النائبين غازي يوسف وجمال الجراح.
الاتفاق اتخذ مساراً أكثر بلورة، صباح أمس، حيث عقد اجتماع لـ«14 آذار» شارك فيه إضافة إلى عدوان، الرئيس فؤاد السنيورة ونائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، والنواب: يوسف، الجراح، أحمد فتفت، انطوان زهرا ومروان حمادة. وقد خصص للاطلاع على آخر ما توصلت إليه المفاوضات، وخاصة ما يتعلق ببعض التوضيحات التي قدمتها وزارة المالية.
وفيما لاحظ أحد المشاركين أن الاجتماع بدا أقرب إلى اجتماع هيئة مكتب المجلس نظراً لوجود معظم أعضائها، تردد أن الرئيس بري قد يدعو الهيئة الى الاجتماع يوم الاثنين، على أن تعقد الجلسة التشريعية الأربعاء أو الخميس المقبل.
ويتوقع أن تبلغ كلفة «السلسلة»، بحسب المالية، بعد إضافة الدرجات الست للأساتذة وزيادة درجات الموظفين من 4.5 إلى 6 درجات، ما بين 1950 مليار ليرة و2000 مليار، على أن تبلغ النفقات الضريبية بعد زيادة الضريبة على القيمة المضافة واحداً في المئة ما بين 1700 و1750 مليار ليرة.
وذكرت «السفير» أن «المستقبل» ظل متحفظاً عن بعض التفاصيل، لاسيما منها مطالبته بعدم استفادة الأساتذة الجدد من الدرجات الاستثنائية التي حصل عليها أساتذة التعليم الأساسي في 2012، وكذلك توقفهم عند طريقة احتساب المبالغ المقسطة. إذ إنه على الرغم من أن التقسيط سيكون لسنتين، إلا أنه أبدى انزعاجه من أنه، عملياً، لن يتعدى سنة ونصف السنة، بحيث ستعمد وزارة المالية فور إقرار «السلسلة» إلى دفع نصفها، على أن تدفع النصف الثاني خلال السنة المقبلة، إما من خلال تقسيطها شهرياً أو من خلال دفعها على مرحلتين»، بحيث يصار عمليا في العام المقبل إلى دفع سلسلة ونصف لمختلف الأسلاك الوظيفية.
مع ذلك، فقد أكدت مصادر المفاوضين أن هذه الاعتراضات لن تؤثر على جوهر الاتفاق، الذي راعى التوازن بين الإيرادات والنفقات. كما راعى العدالة بين الأسلاك الثلاث المستفيدة. علماً أن النائب غازي يوسف شكك بما يحكى عن توازن، متوقفاً عند الهوة بين النفقات والإيرادات والمقدرة بـ250 مليار ليرة. ورأى أن أفضل الحلول لتغطية هذه الهوة هو بزيادة الضريبة على القيمة المضافة 2 في المئة وليس فقط واحداً في المئة. وقد اعتمد يوسف في اقتراحه، الذي يعرف أنه لن يمر، على الدراسة التي عرضها عدوان وتشير إلى أن تأثير زيادة كل نقطة على الضريبة على القيمة المضافة ترتب أعباءً تقدر بـ65 ألف ليرة سنوياً على أصحاب الدخل الذي يبلغ ألف دولار.
في المقابل، شكك مصدر في «14 آذار» بالكلفة الإجمالية لـ«السلسلة»، معتبراً أنها لن تتخطى 1800 مليار مع مراعاتها لمبدأ التوازن، خاصة أنه مع حسم زيادة غلاء المعيشة منها، التي تدفع حالياً، لن يتبقى سوى ألف مليار ليرة ستدفع على سنتين، أي بمقدار 500 مليار ليرة سنوياً. وهو مبلغ يقل عن مبلغ الـ700 مليار ليرة، الذي اعتبرت وزارة الاقتصاد ومصرف لبنان أن تخطيه يمكن أن يؤدي إلى التضخم.