كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية ان اتفاقاً حصل بين الولايات المتحدة والسعودية مهد للضربات الجوية الجارية حاليا ضد مواقع تنظيم “الدولة الاسلامية” (داعش) في سوريا، بعد ان تعهدت واشنطن بتدريب المعارضة السورية المعتدلة ووافقت على ازاحة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين وخليجيين قولهم ان اجتماعاً حصل في 11 أيلول الحالي في قصر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز في جدة طلب خلاله وزير الخارجية الاميركي جون كيري من السعوديين مساعدة تتضمن المشاركة في الضربات الجوية، ونقلوا عن الملك قوله: “سنوفر لكم أي دعم تطلبونه”.
وذكرت الصحيفة وفقاً للمسؤولين ان تلك اللحظة وضعت الحملة الجوية ضد «الدولة الاسلامية» في سوريا على السكة، مشيرين الى ان الرئيس باراك أوباما كان قد أوضح انه لن يجيز الضربات إلا اذا وافق على الانضمام اليها الحلفاء الاقليميون.
وأوضحت ان التوصل الى الاتفاق استهلك أشهرا من العمل خلف الكواليس بين الولايات المتحدة والقادة العرب الذين وافقوا على الحاجة الى التعاون ضد «داعش» لكن ليس على كيفية هذا التعاون.
وأعطت هذه العملية السعوديين أفضلية لانتزاع التزام اميركي جديد بتدريب المعارضة السورية لقتال الرئيس بشار الاسد الذي ما زال التخلص منه اولوية بالنسبة الى الرياض.
وتابعت الصحيفة: “ان الخوف من تغيير اوباما رأيه كما حصل من قبل، دفع السعودية والامارات الى اعتماد استراتيجية تهدف الى جعل تغيير المسار أصعب بالنسبة اليه”. وقال مستشار للتكتل الخليجي عن هذه الاستراتيجية انها تقوم على اعطاء الاميركيين كل ما يطلبونه لئلا يبقى لديهم سببا للابطاء او التراجع.
ورغم ان المشاركة العربية لها قيمة رمزية أكثر منها عسكرية، لكن مسؤولا أميركيا قال ان دعم دول سنية رئيسية جعل أوباما مرتاحاً اكثر لإجازة الضربات الجوية التي كان يقاومها من قبل.
ونقلت الصحيفة عن المسؤولين الأميركيين قولهم ان نظراءهم السعوديين أبلغوا كيري في تموز الماضي ان المالكي يجب ان يذهب وانه حالما يتم ذلك، ستلعب السعودية دوراً اكبر ضد «داعش» وستجعل دولاً خليجية اخرى تنضم اليها، مشيرين الى ان ادارة أوباما وصلت الى الاستنتاج نفسه وبدأت بدفع المالكي الى المغادرة.
وأشار هؤلاء المسؤولون الى ان الولايات المتحدة سرعت خططها لضرب «داعش» بعد ذبح الصحافيين الاميركيين جيمس فولي وستيفن سوتلوف وبعد زلة لسان أوباما حينما قال ان ليس لديه استراتيجية لمواجهة التنظيم.
وفي الاسبوع الاخير من آب، طار وفد اميركي يمثل الجيش ووزارة الخارجية الى الرياض لوضع الاسس لبرنامج تدريب المعارضة السورية المعتدلة لقتال كل من «داعش» والأسد، وهو ما يطلبه السعوديون منذ مدة طويلة.
الفريق الاميركي أراد استخدام منشآت سعودية للتدريب، ووافق وزراء سعوديون رئيسيون بعد استشارة الملك، كما عرضوا دفع غالبية الفاتورة، ثم انتقل السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير الى مبنى الكابيتول لإقناع اعضاء الكونغرس بتأييد مشروع قانون يجيز تدريب المعارضة السورية.
وحين وصل كيري الى جدة في 11 أيلول، لم يكن متأكداً مما سيوافق السعوديون على القيام به. وكان السعوديون أبلغوا الاميركيين قبل الزيارة انهم مستعدون للمشاركة في الضربات الجوية شرط ان تكون الولايات المتحدة جدية في القيام بجهد مستمر في سوريا، ولم يكونوا متأكدين من المدى الذي يمكن ان يصل اليه أوباما في هذا المجال.
وكان من بين الحاضرين السعوديين في اجتماع 11 أيلول مدير المخابرات العامة السابق الأمير بندر بن سلطان، وهو ما فسره الاميركيون على انه رغبة من الملك في إظهار الموقف موحدا.
وقال كيري للملك ان «داعش» اوجد الفرصة لكي تعود واشنطن والرياض تعملان معا. وعندما أكد الملك انه يوافق على الانضمام الى الضربات الجوية، ارتسمت ابتسامة على وجه الأمير بندر، وفق ما افاد مسؤولون أميركيون.
واشار المسؤولون الاميركيون الى ان إزالة المالكي مهدت الطريق، وأبلغ الملك كيري انه سيرسل فريقا الى بغداد لتقييم اعادة فتح السفارة السعودية.
وكان قائد القيادة المركزية الاميركية الجنرال لويد اوستن عمل على التفاصيل خلال الصيف، وسعى الى كسب ثقة الدول العربية من خلال الاصرار على ان وزارة الدفاع (البنتاغون) لن تنشر اسماء البلدان التي تسمح باستخدام قواعد فيها للمشاركة في الحملة الجوية.
وقبل اسبوع من الضربات التقى الجبير اوباما في البيت الابيض، وقال مسؤولون ان ما كان مقررا ان يكون اجتماعاً لمدة عشر دقائق امتد الى 45 دقيقة وجرت خلاله مناقشة الخطط العسكرية المشتركة.
وتابع المسؤولون: “انه قبل ان يطلع اوباما على خطط الحرب في 17 الجاري، سافر اوستن الى السعودية وقطر والامارات والاردن. كما اجرى اتصالين بالمسؤولين البحرينيين أحدهما مع الملك، قبل يوم من اللقاء مع اوباما. وعندما وصل الرئيس الى تامبا بفلوريدا، مقر القيادة المركزية، كان التحالف مع العرب جاهزا”.
وقبل ساعات من بدء الهجمات، عقد مسؤولون أميركيون مؤتمراً بالهاتف لمناقشة الترتيبات النهائية. وأثار ضباط عسكريون اسئلة في اللحظة الاخيرة عما اذا كانت قطر ستشارك وما اذا كانت الدول ستعلن مشاركتها.
وكان كيري مجتمعا في فندق «والدورف استوريا» مع قادة يشاركون في الجمعية العامة للامم المتحدة. عندما اتصل بنظرائه الخليجيين لرؤية ما اذا كانوا موافقين، وتأكد من ذلك.