في الوقت الذي صعد فيه موكب من الرؤساء التنفيذيين لمخاطبة قادة العالم في قمة الأمم المتحدة للمناخ هذا الأسبوع في نيويورك، برز رجل واحد يرتدي حلة رمادية أنيقة ونظارات.
كان هذا الرجل هو خالد الفالح، الرئيس التنفيذي لأكبر شركة منتجة للنفط في العالم، وهي أرامكو السعودية، عملاقة صناعة الوقود الأحفوري التي قال عنها كثير من المتحدثين في القمة إنها صناعة سيكون مصيرها الاختفاء التام في نهاية المطاف. حرق النفط والغاز الطبيعي والفحم الذي يغذي محطات الطاقة والمصانع والسيارات في العالم ينتج عنه حصة كبيرة من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري التي يقول علماء إنها تضع العالم على طريق أشكال يحتمل أن تكون خطرة من تغير المناخ.
لكن أرامكو السعودية، كما قال الفالح: “ملتزمة بكونها جزءا من الحل الذي يحتاجه العالم لمشكلة المناخ”، ولم يكن وحده من قال هذا. فقد جاء التنفيذيون من شركات النفط والغاز بما في ذلك رويال داتش شل، وشتات أويل النرويجية، وشركة ساينوبك الصينية إلى نيويورك لإظهار دعمهم لوضع ثمن على انبعاثات الكربون والتدابير المناخية الأخرى. لكن كان لديهم أيضا رسالة أكثر دقة للرؤساء ورؤساء الوزراء المجتمعين: نحن لسنا المشكلة الرئيسة – وإنما هو الفحم.
وقال هيلج لوند، الرئيس التنفيذي لشتات أويل، للمجتمعين: “استبدال الغاز بالفحم في توليد الطاقة يعد طريقة بسيطة لخفض الانبعاثات بمقدار النصف”، في إشارة إلى أن قطعة من الفحم تُنتِج تقريباً ضعف كمية انبعاث الكربون الناتج عند حرق الغاز الطبيعي – فيما يتعلق بكمية الطاقة المولدة – وأكثر من النفط بنحو الثلث.
هيج نورهيم، رئيسة شتات أويل لاستدامة الشركات، بينت وجهة النظر هذه بقوة أكبر في مقابلة مع “فاينانشيال تايمز” في نيويورك، حيث خرج عشرات الآلاف إلى الشوارع يوم الأحد، جنباً إلى جنب مع الآلاف من جميع أنحاء العالم، في ما قال عنه المنظمون إنه كان أكبر حشد منظم حول المناخ.
قالت نورهيم إن العديد من المتظاهرين حملوا لافتات تحث على مستقبل “خال من الوقود الأحفوري”، وهو مطلب واسع تماما. وأضافت: “رسالتنا هي أن هناك فرقا أساسيا بين مختلف أشكال الوقود الأحفوري، وأعتقد أن هناك نقصا في المعرفة في هذا النقاش”. وتابعت: “ما نحتاج إليه حقا هو استخدام الفحم بطريقة حكيمة، ليتم التخلص منه”.
وذكرت أن محطات الطاقة المتولدة عن الغاز ليست فقط أنظف من محطات الفحم ولكن يمكن تشغيلها وإيقافها بشكل أسرع. وهذا ما يجعلها مهمة للغاية في الوقت الذي يزدهر فيه استخدام الرياح وتوليد الطاقة الشمسية، لأنها يمكن أن تساعد على إدارة إمدادات الطاقة في أيام الضباب والغبار.
وأشارت نورهيم إلى أن “النفط والغاز سيكونان مهمين على الأقل خلال السنوات الـ 30 المقبلة. وهذا أمر أساسي”. ولطالما تم الترويج لفضائل الغاز من قبل المنتجين الكبار، بما في ذلك شل، التي قالت هذا الأسبوع إنها تدعم تسعير الكربون، إلى حد ما لأنه “يعجل بالتحول إلى وقود أحفوري أنظف مثل الغاز الطبيعي”.
وقد تصبح تلك الرسالة أعلى صوتا أمام قمة للأمم المتحدة في باريس في نهاية عام 2015، حيث تعهد زعماء العالم بوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق عالمي شامل للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وتهدف قمة نيويورك يوم الثلاثاء إلى تعبئة الزخم قبل اجتماع باريس.
وجاءت القمة في وقت أعلنت فيه مجموعة ستاندارد أويل الأمريكية عن إجراءات لبدء بيع حيازات نفط وفحم، وهي أحدث مجموعة تنضم إلى جهود صغيرة، لكن متزايدة، للتخلص من الاستثمارات في الوقود الأحفوري.
وتقبل بعض الجماعات الخضراء بالتفوق البيئي للغاز على الفحم، لأنها تدعم فكرة أن الغاز الطبيعي يشكل “جسرا” إلى اقتصاد منخفض الكربون. لكن بعض الدراسات الأكاديمية ألقت ببعض الشكوك على هذه الفكرة في السنوات الأخيرة، في إشارة إلى تسرب غاز الميثان – وهو غاز قوي يسبب الاحتباس الحراري – الذي يحدث أثناء إنتاج الغاز.
وحتى من دون أي تسرب، فإن التحول من الفحم إلى محطات الكهرباء التي تعمل بالغاز الطبيعي في الولايات المتحدة قد لا يقلل الانبعاثات، لأن التحول من شأنه أن يؤخر نمو مصادر الطاقة المتجددة، وفقا لدراسة نشرت هذا الأسبوع.
وقال ستيفن ديفيز، المؤلف المشارك للدراسة، الذي يدرس في جامعة كاليفورنيا في إيرفاين: “إن تقليص انبعاثات غازات الدفيئة من خلال حرق الغاز الطبيعي يشبه اتباع حمية غذائية، لكن عن طريق تناول حلويات قليلة الدسم. ربما يكون هذا أفضل من تناول حلويات كاملة الدسم، لكن إذا أردتَ أن تخفف وزنك فعلا فإنك على الأرجح تحتاج إلى أن تتجنب الحلويات نهائيا”.