بساط أخضر وحدائق مترامية ورجال أمن في كل بقعة هو أول ما يلفت النظر عندما تطأ قدمك موقع مصفاة “ميدور”، أكبر معمل لتكرير النفط في مصر والأكثر تطوراً بين مصافي البلاد.
في جولة لـ”رويترز” داخل وحدات الشركة المقامة على 5 مستويات متدرجة استغلالاً للطبيعة الطبوغرافية للمكان، قال رئيس مجلس إدارة الشركة محمد عبد العزيز مبتسماً، وكأنه يقرأ ما يدور في عقل الزائر: “عندما تدخل “ميدور” تشعر أنك في أوروبا”.
تغطي المصفاة الواقعة على مساحة 500 فدان في غرب مدينة الاسكندرية الساحلية نحو 25% من الاستهلاك المحلي من المواد البترولية، وتعمل على عدد من التوسعات لزيادة الإنتاج لتغطية حاجات البلاد التي تعاني نقصاً في الوقود، الى جانب العودة الى التكرير من جديد لحساب الغير، بعد توقف هذا النشاط عقب انتفاضة كانون الثاني 2011 التي أطاحت الرئيس حسني مبارك.
وتدرس المصفاة حالياً مع 3 شركات عالمية عقوداً للتكرير لحسابها.
تحدث عبد العزيز عن نشاط المصفاة قائلا: “انتاج “ميدور” الحالي يبلغ 140 ألف طن “بوتاغاز” سنوياً ومليون طن بنزين و97 ألف طن “جيت” (وقود طائرات) سنوياً و2.1 مليوني طن سنوياً “ديزل” (سولار) و400 ألف طن فحم و 55 ألف طن كبريت سنوياً”.
وأضاف: “بعد التوسعات، نسعى الى زيادة الإنتاج إلى 240 ألف طن “بوتاغاز” و1.3 مليون طن بنزين و197 ألف طن من الـ”جيت” (وقود الطائرات) ونحو 4 ملايين طن من السولار”.
وتبلغ الطاقة التكريرية للشركة يومياً 100 ألف برميل وتسعى بعد التوسعات الى الوصول إلى 160 ألف برميل.
توازياً، تبلغ التكلفة الاستثمارية للتوسعات نحو 1.2 مليار دولار تمول بنحو 40% ذاتياً و60% من خلال المصارف. ومن المفترض بدء الإنتاج من التوسعات في الربع الأخير من 2017.
وتمتلك الهيئة المصرية العامة للبترول نحو 98% من “ميدور” بشكل مباشر وغير مباشر، بينما يمتلك مصرف قناة السويس 2%.
من جهته، قال عبد العزيز الذي يشغل منصب رئيس مجلس إدارة الشركة منذ أواخر 2013، إن “ميدور” سترسل الى المصارف هذا الأسبوع أوراق التوسعات والقيمة المطلوبة، كما انها ستحصل على الدراسة الفنية والاقتصادية خلال الاسبوع الثاني من كانون الثاني المقبل من شركة “يو.أو.بي” الأميركية.
وأضاف ان شركته قبل 25 كانون الثاني 2011 كانت تكرر الخام لحساب الغير مثل شركتي “شل” و”فيتول” وغيرهما “لكن من بعد الثورة لم نكرر للغير والإنتاج يذهب كله للسوق المحلية”.
وعانى الاقتصاد المصري اضطرابات سياسية واقتصادية على مدى أكثر من 3 سنوات عقب انتفاضة عام 2011 التي أطاحت الرئيس الأسبق حسني مبارك بعد 30 عاماً أمضاها في السلطة.
لكن أحدث التقارير تشير إلى أن النشاط الاقتصادي يتعافى تدريجاً، وأنه في حال أفضل بكثير مما كان عليه قبل عام.
وتهدف مصر إلى تحقيق نمو اقتصادي يصل إلى 5.8% في السنوات الثلاث المقبلة، مع الإبقاء على العجز في حدود 10% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأشار عبد العزيز الى أن الهدف من التوسعات الجديدة في “ميدور” هو “زيادة الإنتاج لتغطية متطلبات مصر والتكرير لحساب الغير بمنتهى الراحة. ندرس الآن عقوداً مع 3 شركات عالمية للتكرير لحسابها”.
وتابع: “تعاقدنا في أيار مع السودان على تكرير مليون برميل شهرياً لحسابهم بسعر 8 دولارات للبرميل، لكن العقد لم يفعل حتى الآن بسبب مشاكل لديهم في الحصول على الخام”.
ورغم أزمة الوقود في مصر، أكد عبد العزيز أن شركته لا تواجه أي مشكلات في الحصول على النفط الخام، مشيراً الى أنها تعمل بنحو 97% من طاقتها الإنتاجية الآن.
وأضاف أن “ميدور” تحصل على النفط الخام من الهيئة المصرية العامة للبترول التي تورد لها خام البصرة منذ أيار، كما تحصل على امدادات من الخام العربي الثقيل والمتوسط من “أرامكو” السعودية وتحصل على الخام الخفيف من الصحراء الغربية في مصر.
وأوضح عبد العزيز أن “ميدور” تحصل على الخام السعودي عبر خط سوميد وأنها تعمل مع “أرامكو” السعودية لأن خام البصرة الآتي من العراق يمكن أن يتوقف “في أي لحظة”.
ويشهد العراق وليبيا أعمال عنف واضطرابات شديدة تؤثر في التزامات عقود النفط للبلدين.
من جهة أخرى، قال عبد العزيز إن شركته تعاقدت على بيع 400 ألف طن من الفحم البترولي إلى شركة “لافارج” للاسمنت في مصر من ايار 2014 ولمدة عام بسعر يزيد 50 دولارا عن السعر العالمي.
وقالت مصر إنها ستسمح لشركات الاسمنت باستخدام الفحم لتوليد الطاقة لتعويض النقص في الغاز الطبيعي. لكن الحكومة لم تحدد بعد موعدا لاستخدام الفحم أو شروط استخدامه.
وتعمل “ميدور” في مصر منذ 14 عاما وهي الأولى في مصر وأفريقيا بين معامل تكرير البترول من حيث التعقيد التكنولوجي كما أنها المصفاة الوحيدة في مصر التي تمتلك ميناء خاصا بها. ويقع ذلك الميناء في الدخيلة بالاسكندرية.
وقال عبد العزيز إن شركته قامت بتصدير نحو 67 ألف طن “جيت” (وقود طائرات) و47 ألف طن نفتا منذ بداية السنة حتى الآن من أجل توفير السيولة الدولارية للشركة.
وبلغت أرباح “ميدور” في 2012 نحو 112 مليون دولار وفي 2013 نحو 98 مليون دولار.
اخيراً، توقع عبد العزيز انخفاض أرباح الشركة هذه السنة بسبب انخفاض أسعار النفط والمواد المشتقة.
ويرى أن امكانات “ميدور” تتيح لها تحقيق نتائج هائلة عندما يصبح بامكانها التصدير الى السوق العالمية عند انفراج أزمة الوقود المحلية.
وقال: “لا أحد يعلم قيمة “ميدور” غير الذي يعمل فيها. “ميدور” غير أي شركة أخرى… “ميدور” هي الدجاجة التي تبيض ذهباً”.