فراس أبو مصلح
بناء على طلب الحكومة اللبنانية، وصل إلى بيروت منذ أسبوع تقريباً فريق من خبراء المؤسسة الهولندية لإدارة مخاطر المياه، التي تشترك فيها الحكومة الى جانب الشركات الهولندية الخاصة العاملة في قطاع المياه، فضلاً عن «منظمات غير حكومية». بحسب الفريق، الهدف «إقامة الصلات، وليس البرامج»، و»تحديد المجالات حيث يستطيع قطاع المياه الهولندي مساعدة لبنان».
جال الفريق في أسبوعه الأول على مؤسسات المياه، وكذلك مكاتب البنك الدولي و»الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» USAID، ليكوّن «ملاحظات أولية» اختار أن يعرضها على الإعلام، قبل أن يُنجز تقريره الأولي بعد حوالى أسبوعين من الآن. سبق عرض الملاحظات السريعة فيلم دعائي حول «تاريخ هولندا في التأقلم مع المياه»، ومشروعاتها الضخمة لإدارة مياه الأنهار و»استعادة الأراضي» من البحر، وإدارة الكوارث المائية، وبناء «دورة المياه الكفؤة». «ليس للمياه حدود، وكذلك نحن»، يقول الفيلم الدعائي، مستعرضاً العديد من مشاريع المياه التي قامت بها شركات هولندية حول العالم. رداً على سؤال، يوضح أحد أعضاء الفريق أن هولندا ليست في وارد تقديم المساعدات، مشيراً إلى البنك الدولي كالجهة الممولة المحتملة لأية مشاريع قد يلتزمها الهولنديون، ما يفسّر بعض «الملاحظات الأولية» التي كوّنها الفريق في الأيام القليلة التي أمضاها في بلادنا.
يرى الفريق «حاجة إلى إعادة هيكلة قطاع المياه»، بدءاً بتعديل الإطار القانوني ليفسح المجال أمام استثمارات القطاع الخاص، منوهاً بأن القانون الحالي يراعي «اقتصاديات الحجم»، و»المقاربة المدمجة» لإدارة المياه. في السياق نفسه، يشير الفريق إلى «حاجة مؤسسات المياه لأن تكون مستقلة… وإلا فإن مصداقيتها ستكون على المحك»(!)، وذلك لمنح المؤسسات «الفعالية» اللازمة لسيرها بالمشاريع المستقبلية، مطمئناً إلى إمكانية تطبيق المراقبة والمحاسبة اللاحقة! يرى الفريق أيضاً حاجة إلى تبني مؤسسات المياه «نظام تعرفات جديدة»، يضمن «الاسترجاع الكامل للكلفة»، ويحقق التوازن والاستدامة المالية. الإلحاح أكثر في سؤال أعضاء الفريق عن مقترحات «(إعادة) هيكلة القطاع» بالكاد ينتزع تعليقات مقتضبة، يُخيَل أنها صدى لما يدأب البنك الدولي على ترداده، من قبيل أن «التوظيف أمر معقّد».
يبدي الفريق إعجابه بما يصفه بالتأقلم مع قلة الموارد المائية، مشيراً إلى التحول إلى الري بالتنقيط في سهل البقاع كمثال، غير أنه يرى ضرورة لتبني «مخطط عام شامل» لإدارة المياه، بديلاً من العدد الكبير من المخططات الموجودة حالياً، منوهاً في هذا السياق بـ»الاستراتيجية الوطنية لقطاع الماء». يشكو الفريق شح المعلومات الحقيقية حول كل ما يتعلق بقطاع المياه، مشيراً إلى ضرورة المراقبة والإحصاء كأساس لإدارة القطاع ووضع الخطط المستقبلية، ويلفت إلى ضرورة تنظيم النسبة العالية من الآبار غير المرخصة، كشرط لتوفير الإمكانية الفعلية لإدارة الموارد المائية.
عن التصوّر الأولي لمشاريع المياه المرتقبة، في ظل السجال حول جدوى مشاريع السدود وعددها، يتحدث الفريق عن تفضيله «عدد محدود من السدود الكبيرة»، مقابل «حاجة أكبر لبُنى معينة»، كمحطات تغذية اصطناعية للمياه الجوفية، لتخزين نسبة أكبر من الأمطار الغزيرة التي تهطل في فصل الشتاء، بطريقة أقل كلفة من السدود وأكثر مراعاة للبيئة. محطات إعادة تدوير المياه مثال آخر على البُنى المذكورة؛ أما محطات استخراج مياه الينابيع البحرية العذبة، فيرى الفريق أنها أمر صعب مبدئياً، وأن جدواها التجارية موضع شك.