كريس جايلز وسارة أوكونور وبن مكلانهان وكلير جونز
الطبقة الوسطى في البلدان الغنية تعيش في عصر الأجور الراكدة، ومع أن القياسات الدقيقة تعتبر صعبة وموضع خلاف، إلا أنه ما من شك في أن الدخول للعائلات العادية في الولايات المتحدة واليابان وأوروبا بالكاد زادت أسرع من الأسعار في العقد، الذي سبق الأزمة المالية، بينما انخفضت في العديد من البلدان منذ ذلك الحين.
وتُرسل النتيجة هزات عبر الساحة السياسية، لأن عدم وجود تقدّم يولّد الاستياء والشعبوية، وأحياناً، التطرّف.
وللوقوف على أبعاد هذه المسألة استطلعت “فاينانشيال تايمز” علماء اقتصاد من كل الأطياف السياسية للحصول على أفكارهم فيما يتعلق بتحفيز نمو الأجور.
وعلى نحو متزايد، يخشى الاقتصاديون أيضاً أن يؤدي ركود الأجور في البلدان المتقدّمة إلى إعاقة الانتعاش العالمي. وحذّرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأسبوع الماضي من أنه على الرغم من أن تخفيضات الأجور الحقيقية في وقت يتسم بارتفاع الإنتاجية قلصت من خسائر الوظائف “إلا أنها الآن يُعيق انتعاشاً أقوى في الإنفاق الاستهلاكي”.
وإذا استمرت الاتجاهات الأخيرة، فإن التنبؤ الدقيق الرائع في عام 1930 لجون ماينارد كينز بأن المجتمعات الغنية بإمكانها أن تتوقع قدراً أقل بكثير من الكد ووقت فراغ أكبر – من خلال تقاعد أطول حين تنظر إلى الأمور عن بُعد – كان خلال فترة زمنية محددة تماماً.
الاتجاهات العالمية صارخة. يقول ستيفانو سكاربيتا، مدير التوظيف والعمل والشؤون الاجتماعية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: “إن جميع الاقتصادات المتقدمة تقريباً شهدت انخفاضا في حصة العمل من الناتج المحلي الإجمالي على مدى الأعوام الـ 20 الماضية”.
ويلاحظ البروفيسور جون فان رينين، مدير مركز الأداء الاقتصادي في كلية لندن للاقتصاد، أن العمال العاديين هم الأكثر تضرراً. ويقول: “على مر الأعوام، الوظائف غير اليدوية وجدت أن مهامها تستولي عليها أجهزة الكمبيوتر والروبوتات. خذ مثلاً ما حدث مع كتبة البنوك وأجهزة الصراف الآلي”.
في اليابان، الشباب هم الأسوأ تضرراً مع انخفاض الوظائف التقليدية التي كانت متاحة في الشركات الكبيرة.
ويقول ماساهيرو يامادا، أستاذ علم الاجتماع في جامعة تشو في طوكيو، إن هذا يعني أن الشباب يعيشون فترة أطول مع آبائهم، الأمر الذي يولّد “معدل مواليد منخفضا وتسارعاً في الشيخوخة التي تعمل على تخفيض النمو الاقتصادي وفي الوقت نفسه زيادة نسبة الأشخاص غير المتزوجين في حلقة مُفرغة”.
لقد كان أداء الدخول للطبقات المتوسطة في البلدان الغنية أسوأ من أي مجموعة أخرى تقريباً على الصعيد العالمي خلال الأعوام الـ 20 السابقة على الأزمة، وذلك وفقاً لبرانكو ميلانوفيتش، من مركز الدراسات العليا في جامعة مدينة نيويورك ومركز لوكسمبورج لدارسة الدخل، وهو ما يطرح “مشكلة سياسية كبيرة”.
لكنه يُضيف أنه عندما يُنظر للأمر من منظور عالمي، كان هذا في بعض النواحي “ثمناً قليلاً يُدفع مقابل النمو الهائل في دخول المجموعات الأكثر فقراً في آسيا”.
التشخيص والعلاج
خبراء من كثير من الأطياف السياسية المختلفة، اتصلت بهم “فاينانشيال تايمز”، يوافقون على هذا التشخيص. لكن الحلول أكثر صعوبة وموضع خلاف.
على اليسار السياسي، يدعو كبار خبراء الاقتصاد مثل البروفيسور الحائز على جائزة نوبل، جوزيف ستيجليتز من جامعة كولومبيا، إلى تحفيز فوري في المالية العامة من أجل تعزيز الطلب، ورفع الحد الأدنى للأجور بصورة أكثر سخاء، بهدف تحسين المواقف التفاوضية للعمال والحوافز الضريبية من أجل الاستثمارات التي تحتاج إلى عمالة مكثفة.
الجانب الآخر من الطيف السياسي يركّز أيضاً على استعادة النمو. لكن ديردري ماكلوسكي، من جامعة إلينوي، ترى فرصاً للتحسّن المجرَّب من قبل السوق الذي تُعيقه القوانين التنظيمية.
وتقول: “حين تفترض أن تقييد التبادل الحر يُحَسِّن أحوال الفقراء أو يرفع الرقم المتوسط فهذا تفكير سحري”.
ويعتقد كثير من الاقتصادين من جميع الاتجاهات السياسية أن التعليم وإعادة التدريب أمران ضروريان. ويقول البروفيسور ميلانوفيتش إن التركيز على التعليم لا ينبغي أن يكون لفئة النخبة فقط، أو لفترة ما بعد المدرسة، بل يجب أن يستمر خلال الحياة العملية.
وما من أحد من الاقتصاديين وعلماء الاجتماع الذين اتصلت بهم “فاينانشيال تايمز” يعتقد أن هناك حلاً سحرياً. ربما جاء التقييم الأكثر تفاؤلاً من بارت فان أرك، كبير الاقتصاديين في مجلس المؤتمر، الذي يقول إن بعض الضعف في الأجور من المرجح أن يكون مؤقتاً، مُشيراً إلى أن البلدان التي تركّز على التدريب في مجالات بعينها من المرجح أن تعاني نقصا في المهارات: “بسبب نقص العمالة المُحتمل في كثير من الاقتصادات الناضجة، فمن المرجح أن تبدأ الأجور في الارتفاع على أية حال”.
تحسين الاقتصاد الكلي
يلاحظ البروفيسور ستيجلتز أن ركود الأجور تم توثيقه بشكل جيد. وهناك إجماع متزايد أنه يُساهم في الانتعاش الضعيف. خلال الأعوام الـ 40 الماضية، إنتاجية العامل العادي في الولايات المتحدة ارتفعت بمقدار الضعف تقريباً، في حين أن الأجور الحقيقية أصبحت راكدة.
ولا توجد حلول سهلة. فالزيادة في الحد الأدنى للأجور سيكون لها تأثير مُنعش، ليس فقط أولئك الذين في الأدنى سيستفيدون، لكن أيضاً من هم أعلى في السلم الوظيفي. وقد ساهم تراجع الموقف التفاوضي للعمال – سواء بسبب اتحادات العمال الضعيفة أو العولمة غير المتكافئة – بشكل لا يستهان به في ضعف الأجور.
لكن في الوقت الراهن، السياسة الوحيدة الأكثر أهمية تكمن في تحسين الاقتصاد الكلي، من خلال تحفيز مصمم جيداً في المالية العامة.
ليس فقط أن فعالية السياسة النقدية محدودة، لكن تخفيض تكاليف رأس المال أيضاً يدفع الشركات لاستخدام مزيد من التكنولوجيات ذات الاستخدام المكثف لرأس المال، ما يساهم في انتعاش لا يقوم على زيادة الوظائف، وإنما في المزيد من التراجع في الموقف التفاوضي للعمال.
بدلاً من ذلك، ينبغي أن يكون لدينا امتياز ضريبي على الاستثمار من أجل تشجيع الاستثمار – لكنه امتياز يهدف بشكل خاص إلى تشجيع المزيد من الاستثمارات ذات الاستخدام المكثف لليد العاملة، ولا سيما تلك التي تتطلب العمال ذوي المهارات المتواضعة فقط.
لكن ما حدث، أنه تم تشجيع الشركات في الواقع على استبدال العاملين غير المهرة بآلات، ما ساهم في زيادة حجم البطالة في العمالة غير الماهرة وضغط أجور منخفض.
ترقية التعليم العام
ويرى البروفيسور ميلانوفيتش أن رفع المستويات المعيشية ببطء أو جعلها راكدة للأشخاص العاديين في العالم المتقدّم يظهر واحدا من القضايا الرئيسية للعولمة. من منظور عالمي، ركود الأجور والدخول بين الأشخاص الذين هم أفضل حالاً نسبياً قد يكون ثمناً قليلا مقابل النمو الهائل في دخول المجموعات الأكثر فقراً في آسيا. لكن من الناحية السياسية، يعتبر مشكلة كبيرة.
لا يوجد حل سحري لكن التركيز على التعليم العام الأفضل بإمكانه تحسين حياة الأشخاص العاديين. وهناك على الأقل ثلاثة أسباب لذلك.
لقد كانت البلدان التي لديها أنظمة تعليم جماعي جيدة، مثل الولايات المتحدة، ناجحة اقتصادياً. والأمثلة الأكثر حداثة تشمل كوريا الجنوبية واليابان وسنغافورة. ثانياً، وجدت دراسة أجرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أنه، للمرة الأولى، كثير من الأطفال في البلدان الغنية لديهم تحصيل علمي أقل من آبائهم.
ثالثاً، البلدان الغنية تملك حصة متزايدة من الأداء التعليمي المنخفض. الطبقات المتوسطة الدُنيا في الغرب تخسر لصالح الكوريين الذين هم في المكانة نفسها لأن الأخيرين أفضل تعليماً. لكنهم أيضاً يخسرون لصالح التايلنديين، الذين يملكون مستويات مماثلة من المهارات، لأن العمال التايلنديين أرخص. ببساطة، جزء واحد من الطبقة المتوسطة الغربية لديه نسبة مهارة إلى الأجر تجعله يفتقر إلى القدرة التنافسية عالمياً.
حتى المراقب العابر سيلاحظ أن أوروبا في خِضم عملية خلق ـ في مدنها ـ طبقة دنيا تذكرنا بالولايات المتحدة في الستينيات. ولتجنّب خلق طبقة دُنيا دائمة يجب أن يكون هناك حراك تعليمي متصاعد. وذلك ينبغي أن يتحقق من خلال تحسين نوعية التعليم العام وتركيز أقل على المؤسسات النخبوية.
نقص العمالة
ولوضع الأجور مرة أخرى على مسار النمو المستدام، يرى بارت فان آرك وجاد ليفانون، من مجلس المؤتمر، أن تركيز صنّاع السياسة لا ينبغي أن يكون على كيفية التعامل مع العدد القليل من الوظائف، بل مع العدد القليل من العمال. هذه مشكلة ستظهر في وقت أقرب مما قد يتوقعه العديد، غالباً بسبب الانخفاض الكبير في نمو عدد السكان في سن العمل في الاقتصادات الناضجة. الوتيرة التي ينخفض فيها معدل البطالة يختلف بشكل كبير حسب البلدان، لكن في ألمانيا واليابان، مثلا، معدل البطالة بالفعل أقل من معدله الطبيعي. في الولايات المتحدة، هذا سيحدث في العام المقبل. وفي بلدان أخرى، مثل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، سيحدث بعد ثلاثة أعوام على الأقل.
ينبغي أن يكون التركيز على معرفة أين سيكون أكبر النقص في الأيدي العاملة، والذي سيظهر أولاً. مؤشر لمجلس المؤتمر عن النقص الناشئ في سوق العمل من حيث المهنة يُظهر أنه لن يؤثر فقط على المهنيين من ذوي المهارات العالية (حيث الهجرة على الأقل جزئياً تعوض النقص)، لكن أيضاً على مهن العمالة الماهرة في الطبقة المتوسطة في قطاعات النقل والبناء والمرافق والتعدين (التي يتقاعد منها كثير من العمال المتقدمين في السن) والمهن في الطرف الأدنى من التوزيع مثل موظفي الرعاية الصحية (الذين ارتفع الطلب عليهم بسبب الشيخوخة).
ويحتاج التعليم إلى أن يستهدف على نطاق واسع جميع مستويات المهارة، حيث نقص الأيدي العاملة أمر مرجح. وينبغي على صنّاع السياسة أيضاً التركيز على تسهيل الانتقال في سوق العمل ودعم نمو الإنتاجية. وبإمكان التكنولوجيا تخفيف النقص في الأيدي العاملة من خلال رفع الإنتاجية، لكن ينبغي أن يكون هناك أيضاً استثمار في رأس المال البشري، والتخطيط الاستراتيجي للقوى العاملة، والأدوات الجديدة لتحليل رأس المال البشري. وبإمكان الحكومات التعلّم مما تفعله كثير من الشركات الكبيرة.
مساعدة الشباب
البروفيسور ماساهيرو يامادا، من جامعة تشو اليابانية، يقول إن الاقتصاد الياباني ظل راكداً على مدى 20 عاماً. والوظائف والأجور للرجال في منتصف العمر آمنة ومحمية، لكن الآفاق للخريجين الجُدد والنساء غير مستقرة. كما يوجد أيضاً إعادة تخصيص تفضيلية نحو الأشخاص كبار السن في السياسة الاجتماعية.
ونتيجة لذلك، رواتب الشباب والأسر التي لديها أطفال صغار لم ترتفع منذ مدة طويلة.
وهذا يؤثر من جانبين. الأول، بالنسبة للشباب الذين يملكون فرصة ضئيلة للحصول على أجر أعلى، واحد من الخيارات القليلة لمنع الانخفاض في مستويات المعيشة هو البقاء في المنزل مع آبائهم الأثرياء نسبياً، وبالتالي تأجيل الزواج. لكن النتيجة هي انخفاض معدل الولادة وتسارع الشيخوخة. وذلك يعمل على تخفيض النمو الاقتصادي مع زيادة نسبة الأشخاص غير المتزوجين في حلقة مفرغة.
التأثير الثاني هو هروب الأشخاص إلى عوالم افتراضية من الألعاب والرسوم المتحركة والتسلية بالأزياء. هنا، حتى الشاب والفقير بإمكانه الشعور كما لو أنه بطل.
وينبغي توليد الموارد المالية من خلال مراجعة المنافع الموجهة للمسنين مع فرض ضرائب أعلى على الأشخاص المسنين الأثرياء على وجه الخصوص. هذا ينبغي أن يسمح للشباب بالحفاظ على مستوياتهم المعيشية بعد الزواج وأثناء تربية الأطفال. في سياق مماثل، نسبة النساء المنخفضة في القوة العاملة ينبغي أن تزيد، كما يجب تصحيح ممارسات التعيين غير العادلة للشباب. نحن نحتاج لاستعادة الأمل للشباب.
حماية فرص العمل
البروفيسورة ماكلوسكي، من جامعة إلينوي، تعتقد أن الأمر الذي ينبغي لنا عدم القيام به هو التركيز على عدم المساواة، حيث لا يُهم، من الناحية الأخلاقية، إذا كانت وريثة ثروة لوريال تملك ستة يخوت أو لا شيء. صحيح، يجب عليها أن تشعر بالخجل من أنها تنفق ثروتها على الأمور التافهة وليس على الأعمال الجيدة. لكن ثروتها ليست هي ما جعل الأشخاص فقراء. وأخذها لن يعمل كثيراً على تحسين ظروفهم.
ما ينبغي أن نركّز عليه هو الوضع المُطلق للطبقة العاملة، حجم الغذاء والكساء والرعاية الصحية والتعليم الذي يحصل عليه الفقراء. لقد ارتفعت السلع والخدمات الحقيقية التي كسبها الفقراء منذ عام 1800 في البلدان التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بقيمة معامل يراوح بين 30 و100 – أي ما يعادل 2900 في المائة إلى 9900 في المائة. وعلى عكس ما قد يكون وصل إلى أسماعك، فإنه يستمر بالارتفاع، وإن لم يكُن بالمعدلات القوية لانتعاش ما بعد الحرب. فالأشخاص العاديون في البلدان ذات الأحوال الجيدة بالفعل، مثل إيطاليا أو المملكة المتحدة، لديهم نظام تدفئة أفضل في شققهم، ورعاية صحية أفضل وشبكات تلفزيون أفضل مما كان لديهم في عام 1975.
ما يثقل كاهل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية هو القوانين التنظيمية التي تتكوم فوق بعضها بعضا، وهو ما يُبطئ التحسّن المجرَّب من الأسواق. ماذا، إذن، يجب أن نفعل؟ نسمح للتحسّن بالمضي قُدماً من خلال تجريد اللوائح الأكثر سخافة، والعديد منها ينبثق من بروكسل، والباقي من المصالح الخاصة، أو الاحتكار المباشر. حين تفترض أن تقييد التبادل الحر يُحَسِّن أحوال الفقراء أو يرفع الرقم المتوسط فهذا تفكير سحري. علينا أن نتخلى عن الحد الأدنى للأجور، وعن “حماية” فرص العمل، والتنظيم المُفرط في القطاع المصرفي ودعم الاحتكارات من سيارات الأجرة إلى الجراحين. نعم، أعرف: هذا أمر ميؤوس منه سياسياً. لكن هذا ما كان يقوله الأشخاص في ظل جميع أنظمة الحُكم القديمة.
دخل أساسي
ينبغي على الجميع الحصول على دخل أساسي، كما ينبغي أن يُدفع بشكل شهري، وليس كمنحة رأسمالية مقطوعة. هذا ما يقوله جاي ستاندينج، من كلية الدراسات الشرقية والإفريقية، جامعة لندن.
الدخل الأساسي ميسور، لأنه سيكون بديلاً لأشكال عديدة من التحويلات، بما في ذلك المجموعة السخيفة من الإعانات التي تذهب في الغالب إلى مجموعات الدخل المرتفع والشركات. كما أن من شأنه تخفيض التكاليف الإدارية لبرامج المساعدة الاجتماعية القائمة.
علينا أن ندرك أن ثروتنا الفردية هي بسبب الجهود الجماعية لأسلافنا أكثر من أي شيء نقوم به. ينبغي اعتبار الدخل الأساسي أرباحا اجتماعية على جهودهم. لا أحد منا يعرف أسلاف من هم الذين قدّموا مساهمات حيوية لوضعنا الحالي.
كان من الواضح في الثمانينيات أن العولمة والابتكارات التكنولوجية التي اقترنت بسياسات مرونة سوق العمل، كان لا بد لها أن تولد طبقة عاملة تعاني التراجع والأجور الحقيقية المتقلبة وعدم الأمن الوظيفي. ولم تستطع برامج التأمينات الاجتماعية وبرامج المساعدات توفير الأمن الأساسي للعمال، الذين يواجه كثير فخاخاً فظيعة من الفقر.
الدخل الأساسي فقط هو الذي يستطيع تزويدهم بالأمن الأساسي. وما لم يحدث ذلك، هناك خطر أن يتوجه المزيد والمزيد منهم نحو اليمين المتطرف الشعبوي. من الناحية السياسية، الدخل الأساسي يصبح في غاية الأهمية. هناك اعتراضات معروفة، خصوصاً أن هذا النوع من الدخل سوف يعطي الناس شيئاً مقابل لا شيء (كما هي حال جميع المواريث)، وسوف يؤدي إلى تقليص عرض اليد العاملة. لكن أبحاثنا النظرية والتجريبية، بما في ذلك البرامج التجريبية المكثفة في الهند وإفريقيا، والعمل في كندا، تبين أن الناس الذين يحصلون على دخل أساسي يعملون أكثر، وليس أقل، ويعملون بإنتاجية وروح تعاونية أكبر.