IMLebanon

صندوق التنمية العراقي ومسؤولية الإنفاق وجمع الموارد

al-hayat
أصدر مجلس الأمن الدولي في 22 أيار (مايو) 2003، غداة احتلال العراق بعد حرب قصيرة بدأت في آذار (مارس) من العام ذاته، قراره ذات الرقم 1483 نص فيه، عملاً بالبند السابع من قانون الأمم المتحدة، على تأسيس صندوق التنمية العراقي (The Development Fund for Iraq)، على أن يتم التصرف بأموال الصندوق بتوجيه من سلطة التحالف التي احتلت العراق وبالتشاور مع الإدارة العراقية الموقتة لتحقيق الأهداف التي حددتها الفقرة 14 من القرار والتي تنص على «أن يتم التصرف بأموال الصندوق بشفافية لأغراض إشباع الحاجات الإنسانية للشعب العراقي وإعادة بناء الاقتصاد وإصلاح البنية التحتية، والاستمرار في نزع سلاح العراق وسد تكاليف الإدارة المدنية، ولتحقيق اية أهداف أخرى لمصلحة الشعب العراقي». وألغى القرار الجديد العمل «ببرنامج النفط مقابل الغذاء» الذي تبنته الأمم المتحدة سابقاً وطالب بتحويل كل المبالغ المتبقية فيه إلى صندوق التنمية الجديد. كما نص على إيداع كل عائدات صادرات النفط الخام والمنتجات النفطية والغاز في هذا الصندوق الى أن يتم اختيار حكومة عراقية معترف بها دولياً، على أن يتم إيداع 5 في المئة من هذه العائدات في صندوق التعويضات الذي تأسس بموجب القرار 687 لعام 1991 والقرارات اللاحقة ذات العلاقة.
وتتم إدارة موارد الصندوق ونفقاته من قبل سلطة التحالف الموقتة بالتشاور مع الإدارة العراقية ووزارة المال والبنك المركزي العراقي. وبطلب من سلطة التحالف أوجد «مجلس الاحتياط الفيديرالي» في نيويورك حساباً باسم صندوق التنمية العراقي لحساب البنك المركزي العراقي. ويتم تحويل جزء من أموال الصندوق إلى الأخير لأغراض أهمها تأمين النفقات التي يحتاجها البلد لمصلحة الشعب العراقي.
ولمساعدة الحكومة العراقية على التأكد من حسن استخدام أموال الصندوق بطريقة شفافة وعادلة من خلال الموازنة العراقية للوفاء بكل الالتزامات المنوطة به، وفق الأهداف التي حددها قرار مجلس الأمن 1483، نص الأخير «على إنشاء مجلس استشاري ورقابي دولي International Advisory & Monitoring Board يتكون من ممثلين مؤهلين عن كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس صندوق النقد الدولي ورئيس الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، ورئيس البنك الدولي وممثل مؤهل عن الحكومة العراقية». على أن يقوم المجلس بعد التشاور مع الحكومة العراقية بتعيين خمسة مراقبين كحد أعلى من قائمة مرشحين مستقلين ومؤهلين ترشحهم الحكومة العراقية. وفي كل اجتماع من اجتماعات المجلس يمكن لكل عضو أن يرافقه بديل منه يتم تعيينه بالطريقة ذاتها التي يتم فيها تعيين الأعضاء الأصليين واثنين من المستشارين كحد أعلى لكل عضو.
كما نصت المواد 12 و 20 من القرار 1483 على «أن تعين الحكومة العراقية مدققي حسابات خارجيين بشرط موافقة المجلس عليهم وعلى أسلوب الاختيار ومهام عمل المدققين ونطاقه وأسلوبه». وتكون مهام المدققين الخارجيين التأكد من أن الأموال التي انفقها الصندوق كانت مرخصة قانونياً واستلمت من قبل الأطراف ذات العلاقة. ويستعرض المجلس التقارير التي يضعها المدققون الخارجيون ويقرر مدى كفاية وشمولية التدقيق وأنه تم حسب المعايير الدولية المتبعة. كما يراقب التقارير المالية وأنظمة الرقابة الداخلية التي تضعها الحكومة العراقية للمواضيع التي هي مادة للتدقيق الخارجي، وتقدم النصح لها عن مدى صلاحية هذه الأنظمة. كما يحق للمجلس، عندما يكون ذلك ضرورياً تحت أحسن ممارسات التدقيق الدولية، الطلب من المدققين الخارجيين أو من محاسبين عامين مستقلين، القيام بتدقيق يشمل كل جوانب الاختصاصات التي يقوم بها المجلس وبما يتطابق وأهداف القرار 148.
وتوضع بعد التشاور مع الحكومة العراقية فقرات مهام هؤلاء المدققين ونطاق صلاحياتهم والأسلوب الذي يجب اتباعه في التدقيق وفق المعايير الدولية المتبعة.
وعلى المجلس أن ينشر للرأي العام كل تقارير المدققين وتعليقاته عليها. كما ينشر محاضر اجتماعاته وتقاريره خلال 30 يوماً بعد انتهاء الاجتماع.
بعد هذا الاستعراض تبرز مجموعة أسئلة مهمة لا بد من طرحها، أولاً، كم فرد من الشعب العراقي أو من أعضاء المجلس النيابي العراقي على علم بالقرار 1483 والقرارات اللاحقة، ويعرف أن كل موارد الدولة وكل نفقاتها ليست فعلاً تحت سيطرة الحكومة العراقية وإنما هي في حساب يحتفظ به مجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي في نيويورك لمصلحة الحكومة العراقية؟
ثانياً، اذا كانت كل موارد تصدير النفط والمنتجات النفطية والغاز تذهب إلى حساب الصندوق، فكيف يتم بيع النفط من جهات متعددة في العراق في شكل غير رسمي ولا تصل إيرادات البيع إلى الصندوق؟
ثالثاً، بوجود مجلس رقابي من جهات دولية عليا ويستعين بمدققين دوليين لمراقبة إنفاق الصندوق، ومعرفة مصير كل مبلغ يدخل إليه ويخرج منه، كيف مرت عشرات حالات الفساد ونهب المال العام والتي تحدثت عنها الحكومات العراقية ذاتها، وماذا كان موقف المجلس منها، وماذا كان مصير الأموال المنهوبة؟
رابعاً، إذا كان نشر محاضر اجتماعات المجلس الرقابي وتقارير المدققين الدوليين شرطاً، فهل تم بالفعل هذا النشر؟ وهل أطلع العراقيون أو أعضاء المجلس النيابي على مضمون هذه المحاضر والتقارير؟
خامساً، تم تأسس الصندوق عملاً بالبند السابع من قانون الأمم المتحدة، فماذا أصبح مصيره بعد خروج العراق من البند السابع؟
هذه أسئلة أتمنى أن تصل إلى وسائل الإعلام العراقية وتطرحها علناً على الحكومة ومجلس النواب.