Site icon IMLebanon

مراوحة في الطلب العقاري بانتظار مؤشرات ثقة… ونصائح للمتردّدين بالشراء والتفاوض على الأسعار

Nahar
سلوى بعلبكي

استعاد القطاع العقاري في لبنان شيئا من نشاطه في الاشهر القليلة الاولى من السنة، لا سيما اثر تأليف حكومة جديدة وتنفيذ خطط امنية في انحاء البلاد، الا انه عاد ليشهد تباطؤاً في الطلب عموما نتيجة التطورات الامنية التي شهدتها الساحة اللبنانية والتوتر السياسي الداخلي الراهن الذي تزامن مع تدهور في الوضع الامني الاقليمي والمخاوف من تداعياته على الداخل. رغم ذلك، فان الاسعار لم تنخفض كما كان متوقعا، علما ان قيمة المبيعات العقارية سجلت ارتفاعا نسبته 9,7% في الاشهر السبعة الاولى من 2014 بعدما شهدت تراجعا نسبته 2,4% في العام 2013 بأكمله.

ومن المؤكد انه ليس هناك اي هبوط في الاسعار بل حسومات يجريها المطوّرون العقاريون لزبائنهم بنسب تصل الى ما بين 10 و15%، بعدما كانت تبلغ 5 و10%، وهذا برأي الخبير العقاري رجا مكارم ليس هبوطا في الاسعار بل اعادة تموضع للأسعار لتكون عادلة، بما يعني انه عندما يقبل المطوّر ان يحسم نسبة معينة للزبائن، فانه يخفف بذلك من ارباحه التي لا تقل عن 20%.
ووفق قسم الابحاث في بنك عوده، يتركز الطلب السكني الحالي على المقيمين في ظل ارتفاع عدد السكان بنسبة 1% سنويا ومصدره الرئيسي الشباب المقبل على الزواج والعائلات التي تسعى للانتقال الى منازل اوسع. اما المغتربون الساعون اجمالا الى موطئ قدم في وطنهم الام والذين يتمتعون بقدرة شرائية اكبر من اللبنانيين المقيمين، فقد فضلوا التمهل قبل اتخاذ قرار بشراء العقارات الى حين تتضح صورة الوضع السياسي والامني الداخلي. في المقابل، تحفظ المستثمرون العرب ولا سيما الخليجيون منهم عن القيام بعمليات شراء عقارية في العامين الماضيين، اذ شكلوا 5% فقط من الطلب العقاري في العام 2013، مع الاشارة الى ان عدد عمليات البيع العقارية للأجانب تراجعت 8,3% في العام 2013 وانخفضت 20,3% في الاشهر السبعة الاولى من 2014.
وسنحت المراوحة السائدة في القطاع العقاري في العامين الماضيين، فرصة للمشتري بالتأني والتفاوض على اسعار افضل، وتاليا فان السوق العقارية حاليا هي لمصلحته ولا سيما مع وجود عدد من اكبر الشقق غبر المباعة.
وفي ظل المستويات المرتفعة في اسعار الشقق في العاصمة، توجه المشتري نحو ضواحي بيروت والجبال. ورغم ان حصة بيروت من مجموع المبيعات العقارية لا تزال الاكبر بين المناطق، الا انها تراجعت مقارنة بالاعوام القليلة الماضية لتصل الى 20% في الاشهر السبعة الاولى من 2014 (37% في العام 2007)، لكنها اعلى نسبيا من الحصة المسجلة في العام 2013 (25%). وفي هذا السياق، يؤكد مكارم ان الاسعار في المنطقة الجبلية مرنة نوعا ما وخصوصا تلك التي كانت تعتمد على الرعايا الخليجيين، في حين ان الاسعار في المناطق التي يقبل عليها اللبنانيون لا تزال مرتفعة وخصوصا في بيروت وضواحيها، رغم امكان التفاوض مع المطوّر لإجراء حسومات مقبولة.
ويتمحور واقع السوق العقارية حاليا، وفق تقرير عوده، على المراوحة في الطلب وشبه ثبات الاسعار وسط مناخ من الترقب، دفع العرض في السوق الى التكيف مع التبدل الحاصل، فقام المقاولون بمراجعة مشاريعهم المستقبلية لتتناسب على نحو افضل مع اتجاهات الطلب الجديدة، ما يعكس التحول نحو الشقق الصغيرة الحجم، وذلك بعدما اصبح ثمة تفاوت لافت ما بين القدرة الشرائية للبنانيين المقيمين ومستويات الاسعار المعروضة، لا سيما في بيروت. من هنا، شهدت الشقق السكنية التي تقل مساحتها عن 150 مترا مربعا، ارتفاعا في حصتها من اجمالي رخص البناء الممنوحة حديثا من 44% في العام 2010 الى نحو 61% في العام 2013. وقد اعتبر البعض ان الاوضاع السياسية والامنية ستتأزم اكثر، وتاليا فإن الاسعار ستنخفض، ولكن مكارم يعتبر ان الازمة لن تقتصر على القطاع العقاري فحسب بل ستشمل كل القطاعات وان بنسب متفاوتة. ولكن بالنسبة الى هذا القطاع تحديدا، يؤكد ان التجارب التي مر فيها لبنان اثبتت انه صا مد بدليل ان الاحداث التي شهدها بدءا من العام 1975 وصولا الى التطورات الامنية والسياسية التي يشهدها بفعل الاوضاع الاقليمية، لم تؤثر في مستويات الاسعار التي كانت ترتفع مع كل انفراج امني او سياسي. فأسعار الاراضي على الساحل (شمال بيروت)، الى ارتفاع بدليل ان المتر بلغ عام 2004 نحو 300 دولار، لكنه اصبح حاليا حوالى 3 آلاف دولار”.
هل من نصيحة للمشترين؟ يقول مكارم في هذا الشأن: “لا تترددوا في شراء شقتكم في هذا الوقت تحديدا، اذ يمكنكم التفاوض مع المطوّر على السعر، لانه ما ان “تشم” السوق العقارية رائحة الهدوء والاستقرار سيرفع المطوّرون اسعارهم حتما ولن يقبلوا التفاوض بأي شكل من الاشكال على اسعارهم. ويدعم رأيه استنادا الى الارتفاع السنوي للأراضي بنسب تراوح بين 10 و15%، وتاليا فان اسعار الشقق سترتفع بالنسب عينها وخصوصا تلك التي يتم بناؤها حاليا. ويختم بأن القطاع العقاري هو افضل مكان للاستثمار، وذلك بفعل مناعته ازاء الاحداث التي مرت على لبنان منذ 40 عاما وحتى اليوم”.