IMLebanon

شركات الأدوية العالمية: شبكة معقدة من عمليات الاستحواذ

FinancialTimes
ديفيد كراو من نيويورك وأندرو وارد

حين عرضت “فاليانت” مبلغ 46 مليار دولار تقريباً لشراء أليرجان في نيسان (أبريل)، كان يبدو أنها صفقة كبيرة لكنها دون تعقيدات نسبياً.
تمتلك “أليرجان” الدواء الرائج، بوتوكس، لمعالجة التجاعيد الذي يولد ملياري دولار من المبيعات في السنة. وأرادت “فاليانت” أن تستفيد من هذا الدواء القيم وأن تستخلص أرباحاً أعلى، وهي حيلة سبق أن قامت بها عدة مرات من خلال التقليص النشط للنفقات. لكن “أليرجان” صدت بقوة محاولات التقرب إليها، وأصبحت المعركة التي تزداد شراسة أطول وأعقد قصة في الحكاية المحمومة هذا العام للصفقات في عالم شركات الأدوية.

في الوقت الذي تكافح فيه “أليرجان” للتملص والهرب من قبضة “فاليانت”، اجتذبت المعركة عدة شركات أخرى.

وبحسب آخر إحصائية، فإن شبكة العنكبوت التي تقع أليرجان في وسطها، تنطوي على الأقل على أربع عمليات استحواذ أخرى محتملة ـ لها آثار ثانوية على صفقات أخرى قيد النقاش ـ تشتمل على شركات عملاقة مثل فايزر وأكتافيس وأسترا زينيكا.

ويقول كين كاشياتوره، المحلل لدى Cowen & Co: “سلسلة الحوادث المتلاحقة التي نعتقد أنها ستحدث يمكن أن تكون سريعة وتحويلية. وإذا تم تنفيذها بصورة صحيحة، فإنها يمكن أن توفر قيمة هائلة لمجموعة من الشركات”.

ما يضيف إلى عنصر الإثارة والتشويق هو دخول اثنين من أشهر المستثمرين الناشطين في أمريكا، هما بيل أكمان، مدير صندوق التحوط الذي تمتلك أداته المعروفة باسم Pershing Square نحو 10 في المائة من أليرجان، وجيفري أوبين، الذي يمتلك صندوقه ValueAct 6 في المائة من “فاليانت”. وكلاهما يدعم عرض “فاليانت” للاستحواذ على “أليرجان” التي تزيد قيمتها الآن على 53 مليار دولار. وفي الأسبوع الماضي عاد أوبين إلى مجلس إدارة “فاليانت” ليعطي المزيد من الدعم لمسعاها الاستحواذي.

وتتنافس كل من “أليرجان” و”فاليانت” على كسب تأييد مساهمي “أليرجان” قبيل اجتماع خاص يعقد في 18 كانون الأول (ديسمبر)، يهدف أكمان من خلاله إلى طرد معظم أعضاء مجلس الإدارة. ولأن حصة Pershing Square أضافت إلى نسبة 20 في المائة تقريباً تملكها صناديق تحوط لها مصلحة مكتسبة في صفقة مع “فاليانت”، يعتقد أكمان أنه يستطيع تأمين الدعم بنسبة 50 في المائة اللازمة لتعيين أعضاء تابعين له في مجلس الإدارة والضغط في سبيل إتمام عملية الاستحواذ.

وكجزء من جهود “أليرجان” للتخلص من الشركات التي تلاحقها، أقامت دعوى ضد “فاليانت” وصندوق Pershing Square، مدعية أن هناك أدلة على التداول استناداً إلى معلومات سرية، حسب الطريقة التي تقدمت بها الشركتان وضمتا بها صفوفهما في عرض الاستحواذ.

وهناك كثيرون في صناعة العلوم الأحيائية يستريبون في “فاليانت” ورئيسها التنفيذي، مايكل بيرسون، الذي صنع نفسه بنفسه من خارج الصناعة والذي تولى المنصب في 2008، بعد 23 سنة من العمل لدى ماكينزي. وهم يعتبرون أن الشركة تمارس عمليات تجريد الأصول من الشركات الأخرى بحثاً عن مكاسب سريعة، دون أن يكون لديها اهتمام يذكر بالأبحاث والتطوير، ويقولون إنها لا تستطيع النمو إلا من خلال صفقات متواصلة تعتمد على الرفع المالي المكثف.

وهذا الشعور متبادل، إذ لا يخفي بيرسون رأيه في أن صناعة الأدوية عالقة في الثمانينيات، ولديها وظائف بيروقراطية كبيرة للأبحاث والتطوير لا تنتج قيمة تذكر. ومن رأيه أن من الأفضل كثيراً لشركات الأدوية الكبيرة أن تشتري، أو تحصل على تراخيص لمنتجات من قطاع التكنولوجيا الأحيائية الأكثر ابتكاراً، وأن تركز على بيع هذه المنتجات بكفاءة.

واستغلت “أليرجان” الشكوك حول “فاليانت”. ففي تطور غير عادي، نشرت رسائل إلكترونية من روب كيندلر، وهو مصرفي لدى “مورجان ستانلي”، يصف فيها أنموذج “فاليانت” بأنه “بيت من ورق”. وكان كيندلر يحاول الحصول على انتداب من “أليرجان”، لكنه يعمل الآن لدى “فاليانت”.

ودافعت “فاليانت” التي يوجد مقرها في كندا، بقوة عن سجلها. وأشارت في هذا السياق إلى النمو العضوي من استحواذها في السنة الماضية على شركة باوش ولومب المختصة في صنع العدسات اللاصقة، مقابل تسعة مليارات دولار. وسعى بيرسون في الأيام الأخيرة إلى نزع فتيل التوتر، من خلال نشر رسالة إلى ديفيد بايوت، الرئيس التنفيذي في “أليرجان”، قال فيها إن “مما يؤسف له أن نغمة مجادلاتنا العامة جيئة وذهاباً تحولت إلى نغمة شرسة في بعض الأحيان”.

لكن بايوت يبدو أنه ثابت على موقفه. وتسعى “أليرجان” في صفقة خاصة بها مع ساليكس، وهي شركة أمريكية مختصة بأدوية الجهاز الهضمي، ولديها رسملة سوقية بحدود 11 مليار دولار، في عملية تسمى دفاع “الرجل السمين” من شأنها أن تقضي على ما لديها من صافي النقدية الذي يشكل جزءاً من جاذبيتها في نظر “فاليانت”. وقد هدد أكمان برفع دعوى لوقف الصفقة.

وبحسب مصادر مقربة من “فاليانت”، لا يزال بإمكانها أن تحاول شراء “أليرجان” حتى لو استحوذت فعلاً على “ساليكس”، وذلك من خلال بيع بعض الأصول الحالية لزيادة عرضها.

وما يعقد الأمور أكثر من قبل أن “أليرجان” لديها اهتمام بالاستحواذ على شركة أكتافيس ـ مقرها في دبلن ـ التي تسعى بدورها للاستحواذ على “ساليكس”. وكل هذا له مضامين بالنسبة إلى فايزر، أكبر شركة أمريكية لصناعة الأدوية، التي ارتبط اسمهما بـ “أكتافيس” باعتبارها بديلاً محتملاً لـ “أسترا زينيكا”، التي صدت عرضاً من “فايزر” بقيمة 69 مليار جنيه في أيار (مايو).

هذه الأحداث المتعاقبة بطريقة مثيرة ومشوشة تضيف المزيد من الوقود إلى المستويات القياسية أصلاً من الصفقات في صناعة الأدوية هذا العام، حيث تم استهداف عمليات للاندماج والاستحواذ بقيمة 262.8 مليار دولار منذ كانون الثاني (يناير) – أي ما يعادل 10 في المائة من إجمالي عمليات الاندماج والاستحواذ على المستوى العالمي. وبصرف النظر عن التشكيلات النهائية، فإنها ستحفز المزيد من الصفقات، كما يتوقع كاشياتوره، في الوقت الذي تسارع فيه شركات صناعة الأدوية للحاق بوتيرة الاندماج.