IMLebanon

«إيبولا» يرفع سعر الكاكاو ويثير مخاوف صناعة الشوكولاتة

FinancialTimes
إميليو تيرازونو

بلغت حصيلة آخر تفش لمرض إيبولا عددا لم يسبق له مثيل من الإصابات البشرية، مع تسجيل أرقام قياسية لمن أصيبوا بهذا المرض والحالات الجديدة التي يتم اكتشافها في كل يوم.
بدأ الآن هذا الفيروس القاتل يترك آثاره في أسواق السلع في العالم، حيث ارتفعت أسعار الكاكاو لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ ثلاث سنوات ونصف، في وقت يقوم فيه بعض المستثمرين والتجار باحتساب سعر ناتج عن الخطر المتمثل في إمكانية وصول المرض إلى ساحل العاج، أحد أكبر منتجي هذه المادة في غرب إفريقيا.
ويقول إدوارد جورج، مدير الأبحاث في بنك إيكوبانك الإفريقي: “إذا حدث تفش لهذا المرض في ساحل العاج، فيمكن بسهولة أن ترتفع الأسعار إلى الضعف”.
وحتى الآن لم تتأثر بهذا المرض بشكل كبير سوى سيراليون وليبيريا وغينيا التي تتنج نسبياً القليل من الكاكاو. لكن هناك حدود مشتركة بين الدولتين الأخيرتين مع ساحل العاج التي يشكل إنتاجها نحو 40 في المائة من إمدادات مكون الشوكولاتة في العالم. wوعلى الرغم من أنه لم يتم رصد إيبولا في ساحل العاج حتى الآن، إلا أن السوق بدأت تشعر بالقلق من توقعات بعض الخبراء بشأن انتشار الفيروس، خاصة ما جاء من “مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها” في الولايات المتحدة، وهي الوكالة التي توقعت أن يؤدي تفشي الفيروس الحالي إلى إصابة 1.4 مليون شخص في غرب إفريقيا بحلول كانون الثاني (يناير) المقبل. ويقول جوناثان باركمان، المدير المشارك للشؤون الزراعية في شركة ماريكس سبيكترون للوساطة في السلع، الكائنة في لندن: “بدأت السوق تتحرك بدافع الخوف”.

والخوف الأكبر الآن هو احتمال سفر المصابين بإيبولا من ليبيريا وغينيا إلى ساحل العاج لطلب العلاج. فقد عانت نيجيريا والسنغال من حالات من مرض إيبولا بسبب عبور الناس من المناطق الموبوءة. ويلاحظ لوران بيبيتون، مدير الشؤون الاقتصادية في منظمة الكاكاو العالمية، المؤسسة المهتمة بالصناعة، أن “الحدود بين ساحل العاج وجيرانها مليئة بالثغرات الأمنية ويصعب السيطرة عليها”.

وإذا انتشر الفيروس في ساحل العاج، فسيكون الإجراء الوحيد الذي ستتخذه السلطات هناك هو اتخاذ إجراءات مشددة ضد تحركات المزارعين. ويقول أحد خبراء الكاكاو: “إذا حدث هذا في ذروة موسم حصاد المحصول، فسيصبح لدينا عندئذ مشكلة”.

وقد عزلت كل من ليبيريا وغينيا وسيراليون مساحات واسعة من أراضيها، وحظرت تحركات المزارعين.

ويمكن لفيروس إيبولا أن يعبر عند ذلك الحدود إلى غينيا التي يشكل إنتاجها 20 في المائة من إمدادات العالم من الكاكاو. هذا هو السيناريو الذي يخيف سوق الكاكاو وصناعة الشوكولاتة الأوسع، من نستله إلى كادبوري، التي لن تتمكن من العمل دون واردات الكاكاو من غرب إفريقيا. wوتنتج غينيا وليبيريا وسيراليون مجتمعة نحو 21 ألف طن من الكاكاو في السنة، وهو جزء صغير من الناتج العالمي الذي يقدر بـ 4.2 مليون طن في السنة. بالمقارنة، تنتج ساحل العاج نحو 1.6 مليون طن، إضافة إلى إنتاج غانا الذي يبلغ 0.9 مليون طن في السنة.

وارتفعت أسعار الكاكاو، وسط أجواء القلق هذه، بنسبة 10 في المائة في الأسبوعين الماضيين، الأمر الذي دفع بالسعر المرجعي في الأسبوع الماضي في لندن ليصل إلى 2166 جنيهاً للطن، وهو الأعلى منذ أواخر عام 2011.

وعلى الرغم من ذلك يحذر تنفيذيون وخبراء كاكاو من المبالغة في هذا الشأن. فقد استمر الكاكاو بالتدفق من غرب إفريقيا عبر السنين بالرغم من الكثير من التحديات مثل الحروب الأهلية والانقلابات المختلفة. ويبدأ موسم حصاد الكاكاو الرئيس في ساحل العاج عادة في منتصف تشرين الأول (أكتوبر) ويستمر حتى آذار (مارس). وأفادت شركات رئيسة في تجارة ومعالجة الكاكاو في غرب إفريقيا، منها كارجيل وأرشر دانييلز ميدلاند، أن أعمالها لم تتأثر بمرض إيبولا بالرغم من تقييد بعض مصدري الكاكاو تحرك الموظفين في غرب إفريقيا. وقالت شركة أولما، وهي واحدة من الشركات الرئيسة في تجارة المنتجات الزراعية في إفريقيا، إن عملياتها في نيجيريا تقف على أعلى درجات الاستعداد لأي طارئ، مضيفة: “نحن مستمرون في أعمالنا كالعادة مع أقصى درجات الحيطة والحذر”. مع ذلك هناك علامات على التوتر. فقد ألغت باري كاليبو، أكبر شركة في العالم لمعالجة الكاكاو، مؤتمراً سنوياً للمديرين في أبيدجان، عاصمة ساحل العاج، كان مقررا عقده في الشهر المقبل. كذلك كانت هناك تقارير متفرقة عن عمال سفن رفضوا أن ترسو سفينتهم في ميناء سان بيدرو، حيث يتم تحميل الكاكاو في ساحل العاج.ووفقا لأحدث أرقام نشرتها منظمة الصحة العالمية، توفي نحو ثلاثة آلاف شخص بسبب تفشي مرض إيبولا. وتعتقد مراكز السيطرة والوقاية من الأمراض أن عدد حالات إيبولا في ليبيريا يتضاعف كل 15 ــ 20 يوماً، بينما يتضاعف في سيراليون وغينيا كل 30 ــ 40 يوماً.

وهناك قطاعات زراعية أخرى تراقب تفشي إيبولا، إذ يعد غربي إفريقيا منتجا رئيسا أيضا لمكسرات البلاذر وبذور السمسم. وعلى الرغم من عدم تأثر أسعار السمسم حتى الآن، إلا أن صناعة البلاذر اضطرت في هذه السنة إلى إلغاء معرضها التجاري السنوي في غانا. في هذا الجو، يقول كريستيان لوده متداول السلع من مافيجا: “أي خبر سيكون له تأثير فوري”.