فيما سلك ملف سلسلة الرتب والرواتب طريقه الى الهيئة العامة التي يتوقع ان تقرها اليوم، اطلقت الهيئات الاقتصادية مجددا صرخة تحذيرية من ارتدادات اقرار السلسلة على الاقتصاد، منتقدة السياسيين، بمختلف انتماءاتهم لبلوغهم هذه «الصفقة» ولانهم «يغامرون بمصير البلاد والعباد«. وانضم اليها وزير المالية السابق جهاد ازعور الذي شدد على انه من غير المنطقي ترتيب أعباء إضافية على المواطن العادي او على الخزينة العامة في ظل الظروف الصعبة التي يعانيها الإقتصاد جراء الوضع الاقليمي غير المستقر، وفي ظل الأثر الثقيل للنزوح السوري على الإقتصاد والتراجع الكبير في وضع المالية العامة«.
وعلى وقع هذه التحذيرات، اعلنت نقابة المعلمين الخاصة الالتزام بالاضراب المفتوح اليوم والاعتصام امام مجلس النواب، وذلك بعدما تبين ان المشروع حرم معلمي المدارس الخاصة من الدرجات الست. فيما عقد اجتماع في بكركي بين البطريرك الماروني الكادرينال مار بشارة بطرس الراعي والأمين العام للمدارس الكاثوليكية الاب بطرس عازار. إلا أنّ الاجتماع فشل بتلبية مطلب أساتذة التعليم الخاص.
وأكدت رئيسة لجنة التربية والثقافة النيابية النائب بهية الحريري انها مع وحدة التشريع ومع اقرار السلسلة للقطاعين العام والخاص وان هذا الأمر متمسكون به منذ العام 1992 وحتى اليوم.
وقالت الحريري «انه من غير المسموح الفصل بين القطاعين الرسمي والخاص ، فالتشريع واحد والمعلم واحد». واعلنت مدارس الحريري في صيدا عن مشاركتها في اضراب المدارس الخاصة اليوم.
وكان لافتا وسط كل ذلك مسارعة الاتحاد العمالي العام لمطالبة وزير العمل سجعان قزي بدعوة لجنة المؤشر للاجتماع الفوري من أجل إقرار نسبة تصحيح الأجور ورفعها إلى مجلس الوزراء، في ضوء الفارق الذي ستحدثه سلسلة الرتب والرواتب بين الحد الأدنى للأجور في القطاعين العام والخاص.
الهيئات
في ردة فعل على تحديد موعد لعقد جلسة تشريعية لاقرار السلسة اليوم، عقدت الهيئات الاقتصادية جلسة طارئة أمس اعتبرت فيها انه «اذا كان انعقاد مجلس النواب من أجل الضرورة، فأي ضرورة تعلو على إنتخاب رئيس للجمهورية الذي يشكل غيابه تهديدا مباشرا لكيان الدولة برمتها«. ورأت أن «الصفقة التي توصلت إليها القوى السياسية، بسحر ساحر، ليس الهدف منها إعطاء هيئة التنسيق والعمّال والعسكريين حقوقهم، بل على العكس تماماً، لان التعديلات التي وردت في مشروع السلسلة الجديد، ستؤدي أولا إلى ضرب حقوق الموظفين، وستؤدي ثانيا إلى التضحية بالاقتصاد اللبناني عشية عيد الأضحى المبارك، الأمر الذي سيوصلنا إلى كارثة مالية اقتصادية واجتماعية حقيقية لم تأخذها القوى السياسية على ما يبدو بعين الاعتبار«.
ولفتت الهيئات الى ان «الأرقام الواردة في مشروع السلسلة المعدّل، تعاني الكثير من الخلل، ولا تحقق التوازن بين النفقات والواردات، كما أن الإصلاحات الطفيفة التي يلحظها المشروع، والتي تراهن القوى السياسية على أنها ستؤدي إلى تحسين الواقع المالي للدولة، ما هي إلا أوهام في ظل الواقع المهترئ في إدارات الدولة«، مجددة رفضها المطلق للزيادات الضريبية التي وردت في مشروع السلسلة المقترح، «التي لن تساهم في حل الأزمة، بل ستخلق أزمة أكبر«.
وأكدت أن «القوى السياسية على اختلافها، تغامر من خلال إقرار مشروع السلسلة، بمصير البلاد والعباد، على اعتبار أن الأوضاع التي تمر فيها البلاد، والظروف الصعبة التي يمرّ فيها الاقتصاد اللبناني، لا تحتمل على الإطلاق اتخاذ قرارات تؤدي إلى تعريض الأمن الاقتصادي للخطر«.
ورأت أن إقرار مشروع سلسلة الرتب والرواتب، في هذه اللحظة المصيرية والدقيقة، سيؤدي إلى فقدان لبنان لمناعته الاقتصادية، مؤكدة أن الاقتصاد اللبناني بات اليوم في مهب الريح، خصوصا في ظل الانخفاض المستمر في معظم المؤشرات الاقتصادية، ووصول معدل النمو إلى ما دون الواحد والنصف في المائة، وتعتبر أن الاقتصاد اللبناني بات نتيجة المغامرات غير المحسوبة، أقرب إلى مواجهة مصير اقتصادات متعثرة عديدة«.
العمالي
وفي المقابل، اعلن الاتحاد العمالي العام رفضه تحميل ذوي الدخل المحدود والعمال أعباء الرسوم والضرائب لتمويل سلسلة الرتب والرواتب. وطالب هيئة مكتب المجلس النيابي إدراج اقتراح قانون التغطية الصحية للمضمونين بعد بلوغ سن التقاعد بعد أن أقرّتها لجنة العمل والصحة النيابية بالإجماع آخذةً بملاحظات الاتحاد العمالي العام. كما طالبت قزي بدعوة لجنة المؤشر للاجتماع الفوري من أجل إقرار نسبة تصحيح الأجور ورفعها إلى مقام مجلس الوزراء وذلك وفقاً لمعدلات غلاء المعيشة خصوصاً أنّ سلسلة الرتب والرواتب في صيغتها الحالية ستحدث فارقاً بين الحد الأدنى للأجور في القطاعين العام والخاص.
نقابة المعلمين
وعشية الجلسة التشريعية، عقدت نقابة المعلمين في المدارس الخاصة جمعية عمومية في مركز النقابة في طرابلس، في حضور النقيب نعمة محفوض، وأعلنت في بيان على الاثر، أنه «بعد التداول تمت الموافقة على التوصية بإعلان الإضراب العام المفتوح تحت عنوان حفاظا على وحدة التشريع في كافة المدارس الخاصة إعتبارا من يوم الأربعاء الأول من تشرين الأول وتنفيذ الإعتصام عند العاشرة صباحا أمام المجلس النيابي أثناء إنعقاد الجلسة التشريعية المخصصة لإقرار قانون سلسلة الرتب والرواتب، وتمت الموافقة على تفويض المجلس التنفيذي بالعودة عن الإضراب في حال تم الحفاظ على وحدة التشريع».
وتوجه محفوض في مؤتمر صحافي الى كل نواب لبنان، بالقول معلمو المدارس الخاصة منتجون اذا اقرت السلسلة فانتم تعاقبون المنتجين في البلد وستتحملون مسؤولية اللامبالاة« . وحذر من ان اعطاء ست درجات لفئة دون اخرى هو بمثابة قنبلة موقوتة.
المتعاقدون
وفي سياق متصل، أكد رئيس اللجنة المركزية للمتعاقدين الثانويين حمزة منصور، في بيان أمس، ان «اي إضراب يقرر لا علاقة لنا به لا من قريب ولا من بعيد، داعيا وزير التربية بـ«اعطاء الاوامر بفتح الثانويات والمتوسطات للتعليم والمكوث فيها واحتساب ساعاتنا مهما كانت الظروف والمسببات».
أزعور
من جهته، حذر أزعور من «المخاطر والتأثيرات السلبية الكبيرة التي ستنجم» عن إقرار سلسلة الرتب والرواتب بالصيغة المتداولة وفي هذا الظرف الذي يعاني فيه لبنان «عجزا قياسيا في المالية العامة وغيابا للنمو الإقتصادي وأوضاعا اجتماعية صعبة ناتجة عن عوامل عدة ابرزها الأعباء المترتبة على النزوح السوري والصعوبات الحياتية». واعتبر أن «المواطن اللبناني سيكون أكبر المتضررين من هذه التسوية السياسية التي سيدفع ثمنها بصورة خاصة ذوو الدخل المحدود من خلال ضرائب اضافية، وارتفاع في الاسعار والتدني المتوقع في سوق العمل«، مشيرا إلى أن السلسلة «سترتب إنفاقا إضافيا يفوق المليار دولار سنويا بالحد الأدنى مما يشكل خطرا على الاستقرار الاقتصادي والمالي«. واعتبر أن «الإتفاق المتداول لإقرار السلسلة لا يعدو كونه تسوية لحل مسائل سياسية، وهذه التسوية ستؤثر سلبا على الإقتصاد وعلى المالية العامة وعلى الشعب اللبناني برمته وخصوصا في هذه الظروف الدقيقة حيث يواجه لبنان مخاطر عدة تتطلب توافر الامكانات لتوفير الجهوزية التامة بغية تأمين حاجات الاستقرار الامني والاجتماعي«.
ولفت إلى أن إقرار السلسلة «لن يرتب أعباء آنية فحسب، بل كذلك اعباء مستقبلية كبيرة ستجعل الدولة عاجزة عن تطوير الاقتصاد ورفع قدراته التنافسية في مرحلة لاحقة«، كما ان اقرارها «يناقض مبدأ العدل والإنصاف، لأن الشعب اللبناني بأكمله ولا سيما منه ذوو الدخل المحدود سيمولون زيادة أجور لفئة محدودة أجورها مقبولة نسبيا بالمقارنة مع معدل الأجور في الإقتصاد اللبناني، وهذا التمويل سيتحمله ذوو الدخل المحدود والعمال غير الموظفين الذين لا يتمتعون باية تغطية اجتماعية وصحية لائقة«.
ومن جهته، لفت عضو كتلة المستقبل النائب محمد قباني الى أنه «بشكل عام هناك توافقاً قد لا يكون شاملاً لكنه كاف لإقرار السلسلة، وباعتقادي أن هذا الحل هو جيد بالنسبة للمعلمين والموظفين وسوى ذلك وبنفس الوقت لا يشكل كارثة اقتصادية».