باسكال صوما
تتحمّل المصارف العربية منذ سنواتٍ طوال ثقل تهديد العقوبات الأميركية على بعض نشاطها، إضافةً إلى مشكلات “البنوك المراسلة” وتبعاتها على المصارف الأخرى. وأضيف إلى هموم المصارف العربية قانون “فاتكا” لملاحقة المتهرّبين من الضريبة، من حاملي الجنسية الأميركية، وما أضافه هذا الموضوع من مسؤوليات وتكاليف على عاتق المصارف.
أمام هذا الوضع وتطوراته وانعكاساته على العمل المصرفي العربي، قرر “اتحاد المصارف العربية” فتح باب النقاش في كل هذه القضايا، إذ يعقد في 14 و15 تشرين الأول الحالي “مؤتمر الحوار المصرفي العربي – الأميركي” في دورته الخامسة، في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأميركية، للبحث في موضوع البنوك المراسلة وتبييض الأموال، وذلك بالتعاون مع وزارة الخزانة الأميركية و”البنك الفدرالي في نيويورك”.
إقفال حسابات
يوضح الأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام فتوح لـ”السفير” أنّ “الهدف الأساسي من المؤتمر هو التواصل والتنسيق مع المسؤولين الأميركيين لمكافحة تبييض الأموال وإيجاد حلول للمشكلات التي يعاني منها القطاع المصرفي”.
ويفيد بأن “المؤتمر سيعقد في مقرّ احد البنوك المراسلة الأميركية، وستسبقه الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، كذلك حفل الاستقبال الذي يقيمه الاتحاد لتوطيد العلاقات مع المؤسسات المالية المختلفة”، مشيراً إلى أن “الحوار سيتناول مواضيع عديدة، في طليعتها البنوك المراسلة، حيث أقدمت بعض المصارف الأميركية على إقفال حسابات بنوك عربية، في ظلّ كثرة القوانين والتشريعات الصادرة عن السلطات الأميركية والتي تمنح البنوك المراسلة صلاحيات واسعة في هذا الصدد”.
ويفيد فتوح بأنّ ” حوالي 60 إلى 70 في المئة من العمليات المصرفية في لبنان والعالم العربي ترتكز على الدولار، ما يفسح المجال للبنوك المراسلة الأميركية للتحكّم بالعمليات المصرفية، إذ إنّ كلّ هذه العمليات حول العالم تمرّ من خلالها”، مشدداً “على ضرورة العمل لتسهيل المعاملات وتبسيطها بين هذه البنوك ومصارفنا العربية والمحلية”. ويرى فتوح أنّ “هذا المؤتمر فرصة مهمة للمصارف العربية حتى تعبّر عن وجهة نظرها في العديد من المسائل والملفات المطروحة، وذلك بحضور ومشاركة مسؤولين في صندوق النقد الدولي ووزارة الخارجية الأميركية والبنك المركزي الفدرالي”.
اعرف عميلك
ويتطرّق فتوح إلى مسألة أخرى سيطرحها المؤتمر وهي عمليات التحقق من صحة البنك والعملاء (مبدأ اعرف عميلك) التي تقوم بها المصارف الأميركية، قبل التعامل مع مصرف أو عميل غير أميركي، موضحاً أن “هذه العمليات تضرّ بمصلحة المصارف العربية، لأنّها مكلفة جداً، وبالتالي تفضّل البنوك الأميركية رفض التعامل مع المصرف الآخر، على تحمّل تكاليف مبدأي التحقق واعرف عميلك، التي تتخطّى في أحيانٍ كثيرة حجم الربح المتوقّع من هذا العميل أو ذاك المصرف”. ويلفت الانتباه إلى أن “العديد من المصارف الأميركية قد أوقفت التعامل مع مصارف عربية إمّا لأسباب سياسية أو بسبب الكلفة العالية لهذين المبدأين”.
العقوبات
ويتناول “مسألة العقوبات التي يمكن أن تفرضها الولايات المتحدة الأميركية على المصارف العربية، بسبب عميل يتعاطى تبييض الأموال مثلاً، والتي تتراوح بين دفع الغرامات أو وقف التعامل، ما يضع المصرف أمام خيار وحيد وهو الإقفال، لأنه فقد ثقة المودعين من جهة، ولم يعد بمقدوره التعامل بالدولار لأن هذا الامر يمر عبر البنوك المراسلة الأميركية من جهةٍ أخرى”.
ويشير فتوح إلى أن “الهدف من طرح مسألة مكافحة تبييض الأموال في المؤتمر، هو الاطلاع على أبرز المستجدات في هذا الصدد، والتأكيد على التزام مصارفنا بالتوصيات الصادرة عن منظمة FATF الدولية التي تعنى بهذا الموضوع ومقرّها فرنسا”.
ويبرز فتوح أهمية المؤتمر “بعد 40 عاماً من عمل الاتحاد، بحيث يشارك فيه معظم البنوك المركزية العربية، ومسؤولون كبار في وزارة الخزينة الأميركية، كذلك يلقي المساعد الخاص للرئيس الأميركي باراك أوباما للسياسة الاقتصادية سيس ويلير، كلمةً خلال المؤتمر”.
ويشارك في جلسات العمل متحدّثون من كبار الشخصيات وأصحاب القرار المالي والدولي من الولايات المتحدة الأميركية والعالم العربي، يمثلون القطاعين الخاص والعام والسلطات التشريعية والرقابية، ومن بينهم: القنصل العام ونائب الرئيس التنفيذي لـ”البنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي في نيويورك” توماس باكستر، نائب وزير الخزانة الأميركية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب دانيال غليزر، رئيسة عمليات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في صندوق النقد الدولي يان ليو، مدير مكتب السياسات والتخطيط الاستراتيجي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في وزارة الخزانة الأميركية إميري كوبار.