يجهد الجانب اللبناني في حصد أكبر قدر ممكن من الدعم الدولي للبنان تخفيفاً من الأعباء المتزايدة عليه باضطراد بفعل النزوح السوري، وتقلص قدرة المناطق الحاضنة على استيعاب أعداد النازحين وفقدان كل الإمكانات الممكنة للصمود.
وللغاية، شارك لبنان في اجتماع مجموعة الدعم الدولي للبنان الذي عُقد في 26 أيلول الفائت في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة.
مستشار رئيس الحكومة والمستشار السابق للرئيس ميشال سليمان الدكتور شادي كرم لفت في هذا السياق إلى أن اجتماع المجموعة الذي انعقد في 25 أيلول 2013، تركز على ثلاثة محاور: أولاً دعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية، ثانياً مساعدة لبنان على جبه تحديات الأزمة السورية وتحديداً النزوح السوري الكثيف، ثالثاً المساعدة الإقتصادية – الإجتماعية للبنان من أجل المحافظة على استقراره.
وقال كرم: منذ ذلك الحين إلى اليوم، ارتفع عدد النازحين السوريين نصف مليون نسمة، كما ازداد الوضع تأزماً بفعل دخول عامل الإرهاب إلى مشهدية الداخل اللبناني، وبالتالي أصبح الوضع الإقتصادي أكثر سوءاً. كل ذلك ألحق الضرر بلبنان على جبهات المحاور الثلاثة المذكورة.
وفي هذا السياق، ذكّر كرم بمؤتمر عُقد في فرنسا خلال آذار 2014 بدعوة من الدولة الفرنسية، وهدف إلى دعم لبنان على المحاور الثلاثة، وترأسه الرئيسان الفرنسي فرانسوا هولاند واللبناني ميشال سليمان، في حضور وزراء خارجية الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وغيرهم. ثم مؤتمر روما في حزيران 2014 خصّص للموضوع الأمني، وخرج بنتائج مهمة جداً على صعيد مساعدة الجيش اللبناني ودعمه، وتلته الهبة الأولى ثم الثانية من المملكة العربية السعودية، فهبات أخرى من بعض الدول المشاركة في المؤتمر.
وتابع: انطلاقاً من تدهور الوضع على المحاور الثلاثة المذكورة من جهة، والإهتمام الدولي المستمر بمساعدة لبنان، توجّهنا إلى مؤتمر نيويورك الذي عُقد في أيلول الفائت، لكن مع تغيير أساسي تُرجم في التأكيد على ضرورة دعم لبنان في مجال التنمية الإقتصادية والإجتماعية، وربطه بشكل وثيق بعامل الإستقرار، لأنه في غياب الدعم الإقتصادي يتنامى الخطر على الإستقرار الأمني، الأمر الذي يحتّم مساعدة اللبنانيين في المناطق الحاضنة وليس فقط النازحين السوريين. وهذا ما عمل عليه الجانب اللبناني طوال سنة ونصف السنة، حتى تبنى المجتمع الدولي إلى جانب الأمم المتحدة ومؤسساتها المختصة، هذا المفهوم الجديد واعترف بأحقيته خلال الإجتماع الأخير في نيويورك. لذلك نستبشر خيراً بهذه المقاربة الجديدة التي ستؤدي إلى تكثيف المساعدات في هذا الإطار.
مؤتمر ألمانيا: وليس بعيداً، أعلن كرم عن مؤتمر يُعقد في 28 الجاري في ألمانيا بدعوة من حكومتها، “ترجمة لنجاح مؤتمر نيويورك”، يضمّ ممثلي البلدان الحاضنة للنازحين السوريين كالعراق والأردن وتركيا ولبنان، “لكن عندما أقنعنا الجانب الألماني بخصوصية الوضع اللبناني في هذا الموضوع، خصّصت ألمانيا اجتماعاً مصغراً للبنان يُعقد على هامش المؤتمر، لدرس احتياجاته إلى الدعم الإنساني والإنمائي على السواء، اقتصادياً واجتماعياً”، على أن يحضره ممثلو الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن زائداً ألمانيا وإيطاليا، وعدد من الدول التي تقرر الدولة المضيفة دعوتها لاحقاً، بالإتفاق مع الأمم المتحدة.
ووصف كرم المبادرة الألمانية بـ”المهمة، لكونها اعترافاً بخصوصية الوضع اللبناني بفضل جهود الجانب اللبناني الذي أقنعها بذلك، إلى جانب الإعتراف الدولي بثقل النزوح السوري على لبنان لم يشهد مثيلاً له في تاريخه”.
السلسلة: وفي المقلب الآخر، علّق كرم على إحالة مشروع سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام إلى اللجان النيابية المشتركة، وقال: هذه الخطوة هي الدليل الأكبر إلى أنه مهما كان حجم الطبخة السياسية ونوعيتها، لا يمكن تمرير أي مشروع قانون أو مرسوم يفتقد إلى ركائز اقتصادية ومالية أساسية. وهذا أمر إيجابي يولّد ارتياحاً إلى أن مقولة “لا يصحّ إلا الصحيح” لا تزال قائمة، برغم أحقية إعادة النظر في الحدّ الأدنى لأجور موظفي القطاع العام.