فيما كان يأمل القطاع السياحي أن يستعيد زخمه “الذهبي” التي يشهده عادة في فترات الاعياد، جاءت الاجراءات الامنية على الحدود السورية واقفال طريق ضهر البيدر من اهالي العسكريين المخطوفين لتزيد الطين بلة وتدفع المعنيين في القطاع الى دق ناقوس الخطر المتواصل منذ 3 أعوام.
مشهد السياح في شوارع بيروت سيغيب هذه السنة ايضا على غرار الاعوام الماضية، فالاوضاع الامنية والسياسية في لبنان والجوار لا تزال على حالها من التشنج والتوتر، وتاليا فإنه ليس مستغربا أن يلجأ السياح الى دول أكثر أمانا واستقرارا. وهذا الواقع ينطبق على الخليجيين خصوصا الذين كانوا يجدون في لبنان ملجأهم الوحيد والفريد لقضاء عطلهم واجازاتهم، بما حدا بهم ونظرا الى الظروف التي يعيشها الى استبداله بدول اوروبية وعربية أكثر استقرارا. ولعل القطاع الفندقي، أكثر القطاعات السياحية التي تشهد على غياب الخليجيين، إذ يؤكد نقيب أصحاب الفنادق بيار الاشقر لـ “النهار” أن الفنادق تفتقدهم للسنة الثالثة على التوالي، وذلك بعدما فضلوا دولا اخرى مثل فرنسا ولندن وتركيا واسبانيا على لبنان. فالإقامة الطويلة في لبنان كانت تطيب للخليجيين بحيث أن فترة اقامتهم كانت تمتد الى فترة لا تقل عن 15 يوما في فترة الاعياد، فيما الاقامة للسياح من العراقيين والسوريين الذين يعتمد عليهم القطاع السياحي حاليا لا تتعدى الثلاثة ايام.
وهذا الامر برأيه لا يساعد الفنادق، رغم أن نسبة الحجوزات فيها وخصوصا في بيروت وصلت الى ما بين الـ70 و80% من العراقيين والسوريين وبعض الدول الاخرى، علما أن الاسعار تراجعت 40% بغية تشجيع السياح على الاقامة الطويلة.
وقد أظهرت دراسة أجرتها شركة الإستشارات والتدقيق “إرنست آند يونغ” Ernst & Young عن القطاع الفندقي في منطقة الشرق الأوسط ووردت في النشرة الأسبوعية لمجموعة بنك “بيبلوس”Lebanon This Week، أن نسبة إشغال الفنادق في بيروت بلغت 49% في الأشهر الثمانية الأولى من 2014، مسجّلة بذلك إنخفاضاً عن نسبة %54 كانت قد بلغتها في الفترة عينها من 2013 ومقارنةً بنسبة %63,4 في 11 دولة عربية.
وقد سجّلت بيروت نسبة الإشغال الثالثة الأدنى في المنطقة في الأشهر الثمانية الأولى من 2014، أي النسبة عينها التي سجّلتها في الفترة عينها من العام 2013. وكذلك، انخفضت نسبة الإشغال في فنادق بيروت بخمس نقاط مئوية على صعيد سنوي، ما يشكّل نسبة الانخفاض الأكبر بين 11 سوقاً عربياً، وذلك مقارنةً بمعدّل إرتفاع بلغ 3,2 نقطة مئوية في المنطقة.
وبلغت نسبة إشغال الفنادق في بيروت 36% في كانون الثاني، و42% في شباط، و41% في آذار، و52% في نيسان و63% في ايار و67% في حزيران، و %36 في تموز و%60 في آب 2014.
ووفق الدراسة التي أجرتها الشركة فإن معدل سعر الليلة في فنادق بيروت بلغ 162 دولاراً أميركياً في الأشهر الثمانية الأولى من 2014، ما يضعها في المرتبة العاشرة من حيث الفنادق الأكثر غلاءً في المنطقة. وذكر التقرير أن معدّل سعر غرفة الفنادق في بيروت إنخفض بنسبة 4,5% عن الفترة عينها من العام 2013، ليمثّل بذلك نسبة الإنخفاض الرابعة الأدنى بين أسواق المنطقة، وقد أتى معدّل سعر الغرفة في بيروت أدنى من المعدّل الإقليمي الذي بلغ 197,9 دولار والذي انخفض بنسبة قدرها 3,2% عن الفترة نفسها من 2013.
اعتاد قطاع الشقق المفروشة أن يستقبل العائلات في فترة العيد والاجازات الصيفية، ولكن هذه السنة وبسبب الاجراءات الامنية المتشددة على الحدود اللبنانية – السورية واقفال طريق البقاع لم تتعد الحجوزات في هذا القطاع اكثر من 50%. ولكن هذه النسبة “المتواضعة” لم تدخل اليأس الى نفس نقيب اصحاب الشقق المفروشة زياد اللبان الذي استشهد بحديث للنبي محمد للدلالة على أوضاعنا السياحية الجيدة مقارنة بالدول المجاورة “إذا كنت حقًا تريد أن تعرف نعمة الله عليك، اذهب إلى المستشفى حيث العافية التي سُلبت! واذهب إلى السجون حيث الحرية قد كُبلت .. ثم قل الحمد لله”. وقال لـ”النهار” ان نسبة الاشغال التي تقدر حاليا بـ 50% هي نسبة جيدة بالنظر الى ما تشهده البلاد من أزمات سياسية وامنية ونقابية والتي حدت بالسياح الى عدم زيارة لبنان، لافتا الى ان الحجوزات اقتصرت على العراقيين للاستشفاء، والسوريين الذين يعتمدون مطار بيروت للسفر الى الخارج. وهذا يعني وفق اللبان ان اقامة السوريين لا تتعدى اليومين، فيما اقامة العراقيين تراوح بين الاسبوع والـ 10 أيام وفق فترة العلاج. ويشدد اللبان على ان مؤسسات قطاع الشقق المفروشة صامدة وستستمر رغم كل الاوضاع ورغم الارباح المتواضعة التي لا تسد عجز التكاليف الزائدة والطارئة، وخصوصا تلك التي تتعلق بالكهرباء والمياه.